الوسيط الروسي يعود إلى درعا على وقع القصف والاشتباكات

تضامن في الجنوب السوري مع المحاصرين في المدينة

دخان يتصاعد من درعا البلد بعد سقوط قذائف من قوات النظام (وكالة نبأ)
دخان يتصاعد من درعا البلد بعد سقوط قذائف من قوات النظام (وكالة نبأ)
TT

الوسيط الروسي يعود إلى درعا على وقع القصف والاشتباكات

دخان يتصاعد من درعا البلد بعد سقوط قذائف من قوات النظام (وكالة نبأ)
دخان يتصاعد من درعا البلد بعد سقوط قذائف من قوات النظام (وكالة نبأ)

تصدى مقاتلون محليون في مدينة درعا البلد المحاصرة لمحاولات اقتحام من «الفرقة الرابعة»، مدعومة بميليشيات إيرانية، وسط استمرار عمليات قصف بقذائف الدبابات على حي «الأربعين» بدرعا البلد من قبل «الرابعة» الموجودة في منطقة المنشية وسجنة، تزامنت مع اشتباكات متقطعة تشهدها المنطقة.
وتعرضت كذلك بلدة أم المياذن ومحيطها بريف درعا الشرقي لقصف بقذائف الهاون، وقعت اثنتان منها داخل البلدة، وغيرها في السهول المحيطة، دون تحقيق إصابات بين المدنيين، بالتزامن مع هجوم شنه مجهولون على إحدى نقاط قوات النظام السوري بالأسلحة الرشاشة وقذائف الآر بي جي الواقعة بين بلدتي النعيمة وأم المياذن بريف درعا الشرقي.
وقالت مصادر محلية إن وفداً روسياً دخل (الأربعاء) إلى مدينة درعا، بعد أن أجلت عدة اجتماعات خلال الأيام الماضية بسبب عزل الجنرال الروسي السابق المسؤول عن إدارة مناطق التسويات في درعا، المعروف باسم «أسد الله». وتشهد عدة مدن وبلدات في ريف درعا انعداماً شبه كامل للحركة في الشوارع، وإغلاقاً للمحال التجارية، تحت شعار إضراب الشهيد الطفل حمزة الخطيب الذي دعا له ناشطون قبل أيام ضمن حملة «الحرية لدرعا».
وقال المحامي عدنان المسالمة، الناطق الرسمي باسم «لجنة التفاوض المركزية» في درعا البلد ومجلس «عشائر حوران»، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «تخضع محافظة درعا لاتفاقية التسوية منذ عام 2018 التي لا تتضمن دخول الجيش وتفتيش المنازل، ويحاول النظام، ومن خلفه الضامن الروسي، التنصل من هذا الاتفاق، ونحن متمسكون به وبكامل بنوده، وندعو الجانب الروسي لتحمل كامل المسؤولية، بصفته الضامن لاتفاق التسوية جنوب سوريا».
وطالبت كثير من البيانات الرسمية لمجلس عشائر مدينة درعا، واللجنة المركزية للتفاوض، ومجلس عشائر حوران، بتحمل الجانب الروسي مسؤولياته. وفي الوقت نفسه، صدرت تصريحات مسؤولة حتى من الخارجية الروسية، ومبعوثين روس في سوريا ينادون بالحل السلمي، والعودة إلى اتفاق تسوية 2018، فيما قال المسالمة إن «الدور الروسي كان ضاغطاً، ويبدو أن الجنرال الروسي الذي كنا نجتمع معه كان فاسداً ميالاً للنظام، لا لحل مشكلات المنطقة بطريقة سلمية. وبعد أن تورط بالأمر، وانكشف دوره، قاموا مؤخراً بإقصائه من منصبه في إدارة مناطق التسويات جنوب سوريا، وتعيين ضابط روسي جديد لم نجتمع معه بعد».
ومع استمرار تصعيد «الفرقة الرابعة»، واستقدام مزيد من التعزيزات العسكرية، ونيتها في اقتحام أحياء مدينة درعا البلد ومحيطها، وهي مناطق مجردة من السلاح الثقيل منذ اتفاق التسوية عام 2018، تعول اللجنة المركزية، بحسب المصدر، خلال هذه المرحلة الصعبة، على «الوصول إلى حل سلمي يحافظ على ما تبقى من مدينة درعا البلد، وعلى ثبات أهل درعا البلد، وفزعة أهل حوران التي لن تترك مدينة درعا تواجه مصيرها وحدها وسط هذه الهجمة الكبيرة».
وعلى الرغم من تجربة التسوية في درعا لمدة سنوات، يقول المسالمة: «لم نلتمس رغبة جدية لدى النظام السوري خلال السنوات الماضية في حل مشكلات المحافظة؛ النظام السوري لم يغير تفكيره، وما زال يُصر على نهجه السابق بالقمع والاعتقال والاغتيال وكتم الأفواه، ونحن خرجنا من هذا القمع، وننشد تحقيق الأمان والكرامة، ولن نحيد عنها، وفقاً للسبل السلمية والقانونية والمحقة لأي شعب على وجه البسيطة».
وعقد الضامن الروسي اجتماعاً بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا ولجنة درعا البلد للتفاوض، للوصول إلى صيغة حل نهائية بين الأطراف لإنهاء التصعيد في المدينة، بعد أن تلقت لجنة درعا البلد، ووجهاء وأعيان محافظة درعا، وأعضاء من اللجان المركزية في حوران، من الضامن الروسي وعوداً بالتوصل إلى حل نهائي، وإنهاء العمليات العسكرية في درعا.
ويرى الناشط مهند العبد الله أن المرحلة التي تمر بها مناطق التسويات جنوب سوريا «حرجة مفصلية، إما لتثبيت حقيقي لاتفاق التسوية أو انهياره، وكل الخيارات ما تزال مطروحة، خاصة بعد المفاوضات الماراثونية، وابتعاد الروس عن دورهم حتى الآن، إضافة إلى أن المسألة لن تنتهي عند مدينة درعا البلد والمناطق المحيطة، إذا استمر الصمت الروسي والدولي والعربي، فمن المؤكد سيزيد ذلك من تطلعات الفرقة الرابعة لكامل مناطق التسويات جنوب سوريا، وسيقدم أبناء الجنوب قوتهم في صد أطماع الفرقة الرابعة والميليشيات المدعومة من إيران في أرضهم، لكن الحديث عن عدم تكافؤ القوة العسكرية أمر واقعي، فالمتوفر لدى هؤلاء المقاتلين المحليين أسلحة خفيفة، لكن إذا كانت النهاية بسيطرة الفرقة الرابعة والميليشيات المدعومة من إيران على الحدود الجنوبية، فهنا الكارثة الحقيقة، وينبغي على الدول العربية أن تدرك ذلك، والتحرك بسرعة لدرء هذا الخطر الذي حذر منه الملك عبد الله الثاني ملك الأردن عام 2000، من وجوب التصدي لأطماع الهلال الشيعي في المنطقة».
وجلبت قوات النظام تعزيزات عسكرية من قوات الفرقة الرابعة وميليشيات مدعومة من إيران إلى مدينة درعا منذ أواخر الشهر الماضي، وتشهد مدينة درعا البلد وطريق السد والمخيم عمليات تصعيد عسكرية، وتعطيل الفرقة الرابعة لأي اتفاق ينهي التصعيد على درعا، على الرغم من الوعود الروسية، بسبب إصرار الفرقة الرابعة على مطالبها من المنطقة، بتهجير جميع المقاتلين المحليين في درعا البلد، ونشر نقاط وحواجز للفرقة الرابعة، وتفتيش جميع المنازل، وتسليم كامل السلاح الموجود في المدينة، واعتقال الرافضين للتهجير والتسوية، وسط حالة استنفار لمقاتلين محليين في درعا، وترقب حذر في الشارع للمفاوضات التي ستوضح مصير المنطقة كاملة.
وقال مكتب «توثيق الشهداء» في درعا، في تقرير له قبل يومين، إن محافظة درعا شهدت في شهر يوليو (تموز) الماضي مقتل 52 شخصاً من أبناء محافظة درعا، بينهم 11 طفلاً وسيدتان، نتيجة قصف مدفعي وصاروخي في مدينة درعا وريفها الغربي والشمالي. كما وثق المكتب 23 ضحية بسبب عمليات اغتيال واستهداف مباشر بالرصاص، بينهم 6 من مقاتلي فصائل المعارضة سابقاً. كما وثق المكتب شهيداً تحت التعذيب في ظروف الاعتقال غير القانونية في سجون قوات النظام.



اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.