إسقاط طائرة استطلاع روسية في إدلب... وترقب لعودة المياه إلى شرق الفرات

قوات النظام تقصف مناطق في شمال غربي البلاد

طائرة استطلاع روسية أُسقطت في إدلب أمس (الشرق الأوسط)
طائرة استطلاع روسية أُسقطت في إدلب أمس (الشرق الأوسط)
TT

إسقاط طائرة استطلاع روسية في إدلب... وترقب لعودة المياه إلى شرق الفرات

طائرة استطلاع روسية أُسقطت في إدلب أمس (الشرق الأوسط)
طائرة استطلاع روسية أُسقطت في إدلب أمس (الشرق الأوسط)

واصلت قوات النظام السوري القصف بقذائف المدفعية والصاروخية على المناطق المأهولة بالسكان في ريف إدلب وريف حلب (شمال غربي سوريا)، بالتزامن مع إسقاط طائرة روسية، في وقت دخلت أزمة مياه الشرب من محطة العلوك الواقعة شرق بلدة رأس العين الخاضعة للنفوذ التركي (شمال شرقي سوريا) مرحلة تطبيق التفاهمات بين القوات الروسية العاملة في سوريا والجيش التركي والفصائل الموالية له من جهة، وحلفاء واشنطن (قوات سوريا الديمقراطية - قسد) من جهة ثانية.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قصفاً مدفعياً استهدف قرى بينين ومعرزاف والبارة بريف إدلب الجنوبي، مصدره تجمعات قوات النظام المتمركزة في كفرنبل وحزارين، ما أسفر عن إصابة 3 مدنيين بجروح خطيرة.
وكان «المرصد» قد وثق، أمس، مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفلان، جراء القصف على قرية تديل بريف حلب الغربي. وقال النقيب ناجي مصطفى، وهو الناطق العسكري باسم الجبهة الوطنية للتحرير، إن «فصائل المعارضة السورية قصفت مجموعة من المواقع العسكرية التابعة لقوات النظام خلال الساعات الماضية، رداً على قصف الأخيرة مناطق مأهولة بالسكان تخضع لسيطرة المعارضة. وتم تدمير مدفع ثقيل لقوات النظام في الفوج 46 بريف حلب الغربي، بعد استهدافه بصاروخ موجه من قبل فصائل المعارضة. كما قصف معسكر جورين بعدد من صواريخ الغراد، وتم تحقيق إصابات داخل المعسكر، فيما تم إسقاط طائرة استطلاع روسية الصنع جنوب إدلب، واستهداف غرفة عمليات ومقرات للميليشيات الإيرانية و(حزب الله) اللبناني في ريف حلب الغربي، وتحقيق إصابات مباشرة».
وقال أحمد الريحاوي، وهو ناشط ميداني في مدينة أريحا (جنوب إدلب)، إن «أكثر من 60 عائلة نزحت من قرى معرزاف وعين لاروز وكنصفرة في ريف إدلب الجنوني إلى مخيمات الشمال السوري خلال اليومين الماضيين، جراء القصف المتواصل بقذائف المدفعية المتطورة (كراسنبول) من قبل قوات النظام».
وعلى صعيد آخر، تضاربت الأنباء حول عودة عمل المحطة، وضخ مياه الشرب إلى بلدة تل تمر ومركز المدينة وريفها والمخيمات التابعة لها. وقالت سوزدار أحمد، رئيسة «مديرية المياه في مقاطعة الحسكة» التابعة للإدارة الذاتية، لـ«الشرق الأوسط» إن «6 آبار تعمل حتى الآن من أصل 34 بئراً، إضافة إلى عمل مضخة واحدة فقط من بين 8 مضخات».
وأكدت أحمد أن محطة العلوك تعمل بثلث طاقتها، ووارد المياه لا يصل بشكل كافي إلى أحياء المحافظة والمدن والبلدات التابعة لها، في وقت أشاد فيه محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل، بدور مركز المصالحة الروسي، وقال إنهم قاموا بدور محوري في تسوية الخلافات مع الجانب التركي، ما سمح بإعادة فتح محطة علوك. وأشار في إفادة صحافية مع موقع قناة «روسيا اليوم»، نشرت الاثنين الماضي، إلى أن مسؤولين عسكريين من المركز الروسي للمصالحة الوطنية بسوريا «قاموا بدور محوري في تسوية الخلافات مع الجانب التركي حول استغلال الموارد المائية في المنطقة، ما سمح بإعادة فتح محطة علوك»، وتوجه بالشكر للقوات الروسية للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى «إعادة فتح محطة علوك للمياه بعد قطع الجيش التركي المياه عن المحطة أكثر من شهر».
هذا بينما نفى زياد رستم، رئيس «هيئة الطاقة في إقليم الجزيرة» إحدى الأقاليم الإدارية التابعة للإدارة الذاتية، التوصل إلى اتفاق نهائي بين القوات الروسية والجيش التركي لتشغيل محطة العلوك، وقال إن «تركيا لا تلتزم ببنود التفاهم، على اعتبار أن المياه لم تصل لمدينة الحسكة بعد»، واتهم القوات التركية بعدم تطبيق التفاهمات بين الأطراف المتصارعة، وأضاف: «تشغل مضختين فقط من أصل خمس متفق على تشغليها، على الرغم من وفاء الإدارة الذاتية بالمترتب عليه، وتوصيل التيار الكهربائي من دون انقطاع».
وتقول عنود المنحدرة من بلدة تل تمر شمال غربي الحسكة إن المياه عادت إلى مدينتها بشكل جيد. وذكرت السيدة الخمسينية: «تأتي المياه صباحاً، وتبقى أحياناً على مدار 24 ساعة، لتعود وتنقطع نصف يوم أو ليوم كامل، ثم تأتي من جديد، بالعموم قد تحسنت الحالة كثيراً».
وبدورها، لفتت سوزدار أحمد إلى أن المحطة توقفت لمدة 40 يوم بين 24 يونيو (حزيران) و30 يوليو (تموز) الماضي، ليتم إعادة تشغيل المحطة مرة أخرى، ولكن بطاقة منخفضة جداً «حيث هناك 14 بئراً خارج الخدمة. وبعد دخول ورشات الصيانة الفنية برعاية روسية إلى المحطة، تم صيانة وإصلاح هذه الآبار التي تعمل في الوقت الحالي، لكنها لم تدخل إلى الخدمة بعد».
وأخبر عبد الباسط (42 سنة)، وهو مهندس مدني من سكان حي الصالحية جنوب الحسكة، أن المياه تصل بشكل متقطع إلى المنطقة بمعدل ساعتين إلى 3 ساعات يومياً، وقال: «حتى اليوم، لا يوجد برنامج واضح وعدد ساعات محددة لوصول المياه؛ أحياناً تأتي ساعتين وتنقطع ليوم كامل، لكنها أفضل من شهر يوليو (تموز) الماضي».
وبحسب مصادر مطلعة، يطالب الجيش التركي الجانب الروسي بإيصال 25 ميغا/واط من التيار الكهربائي من سد تشرين الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية على مدار الساعة، و8 ميغا/واط من محطة بلدة الدرباسية على مدار الساعة، مقابل ضخ مياه الشرب من محطة العلوك إلى بلدة تل تمر، في حين تطالب الإدارة الذاتية التي تغذي محطة العلوك بالكهرباء بضمانة روسية بتشغيل 20 بئراً و5 مضخات في المحطة علوك، لضمان وصول المياه إلى الحسكة وريفها والمخيمات المنتشرة في محطيها.
ونشرت الصفحة الرسمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، أول من أمس، إعلاناً حذرت فيه سكان الحسكة من استخدام مياه غير صالحة للشرب بسبب انقطاعها بشكل متكرر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.