بغداد تستبق «قمة الجوار» بـ«الحوار الوطني» العراقي

TT

بغداد تستبق «قمة الجوار» بـ«الحوار الوطني» العراقي

استكملت الحكومة العراقية استعداداتها لعقد «قمة الجوار» نهاية أغسطس (آب) الحالي، سواء لجهة الدعوات التي تم توجيهها إلى الدول المعنية عبر مبعوثين من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أم جدول أعمال القمة، على أن يسبقها عقد مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه الكاظمي قبل نحو شهرين.
وطبقاً لمصدر عراقي مسؤول تحدث إلى «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، فإن «القمة المذكورة التي سوف تشارك فيها 8 دول، من بينها أربع من الدول المجاورة للعراق، تهدف بالأساس إلى دعم استقرار العراق؛ لأنه يعد بمثابة دعم واستقرار للمنطقة»، مبيناً أن «الدول التي تمت دعوتها كلها أكدت مشاركتها بالقمة، وهي: إيران، تركيا، الأردن، المملكة العربية السعودية، الكويت، مصر، قطر، الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى فرنسا التي أكد رئيسها إيمانويل ماكرون حضوره القمة شخصياً». وأوضح المصدر، أن «القمة التي سيترأسها الكاظمي، سوف تكون بالتعاون مع ماكرون الذي تدعم بلاده عملية استقرار العراق وأهمية وفاعلية دوره في المنطقة والعالم». وكشف المصدر، عن أن «الدعوات وجهت كذلك إلى أمين عام الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وممثلي الدول الخمس في مجلس الأمن الدولي». وحول مستوى التمثيل في القمة، قال المصدر «من المتوقع أن يكون التمثيل جيداً، حيث سيكون بعضه على مستوى الملوك والرؤساء، فيما سيكون بعضه الآخر من خلال وفود رفيعة المستوى». ورداً على سؤال عما إذا كانت القمة ستناقش المشاكل والأزمات بين بعض دول المنطقة وما أشير عن أدوار لعبها العراق خلال الفترة الماضية بهذا الصدد؟ أجاب المصدر «الهدف الأساس من القمة هو دعم استقرار العراق لأن ذلك سيكون بمثابة استقرار الجميع، حيث إن جميع دول المنطقة لديها مصلحة في هذا الاستقرار، وجميعها تفاعلت مع أهمية أن يستقر العراق».
وعلى صعيد متصل، كشف المصدر الرسمي، عن أن «مؤتمر الحوار الوطني» الذي دعا إليه الكاظمي قبل نحو شهرين سوف يعقد هو الآخر نهاية أغسطس الحالي وقبيل انعقاد القمة، مبيناً أن «هذا المؤتمر سوف يناقش مختلف المشاكل والأزمات التي تمر بها البلاد وكيفية إيجاد الحلول». وأكد، أن «انعقاد مؤتمر الحوار الوطني قبيل عقد القمة، سوف يكون أحد عوامل نجاحها؛ لأن المتوقع أن يخرج المؤتمر بوثيقة يؤكد فيها الجميع أهمية استقرار البلاد، لا سيما أن مؤتمرَي الحوار والقمة يسبقان الاستحقاق الانتخابي في الشهر العاشر من هذا العام». وتعد قمة الجوار العراقية أواخر شهر أغسطس الحالي ثالث أهم حدث دولي بالعراق هذا العام. ففي شهر مارس (آذار) الماضي زار البابا فرنسيس بابا الفاتيكان العراق وتجول في 5 محافظات عراقية، حيث عدت زيارته واحدة من أهم الأحداث التاريخية؛ إذ حظيت باهتمام عالمي واسع النطاق. وخلال شهر يونيو (حزيران) الماضي استضاف العراق القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن بمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني. وباستضافة قمة الجوار الإقليمي نهاية الشهر الحالي يكون الكاظمي نجح في نسج خيوط علاقات خارجية متوازنة مع دول الجوار والإقليم، فضلاً عن نجاحه في عقد أربع جولات من الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية تمخض الأخير منها إلى عقد اتفاقية تقضي بانسحاب ما تبقى من قوات قتالية للولايات المتحدة الأميركية من العراق نهاية العام الحالي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم