جدل واسع في أميركا حول تحول بعض المؤسسات التعليمية إلى «غير ربحية»

اتهامات لأصحابها بالتلاعب لتحقيق مكاسب

جامعة كيسر في ولاية فلوريدا الأميركية (نيويورك تايمز)
جامعة كيسر في ولاية فلوريدا الأميركية (نيويورك تايمز)
TT

جدل واسع في أميركا حول تحول بعض المؤسسات التعليمية إلى «غير ربحية»

جامعة كيسر في ولاية فلوريدا الأميركية (نيويورك تايمز)
جامعة كيسر في ولاية فلوريدا الأميركية (نيويورك تايمز)

أغلقت بعض الكليات الهادفة للربح في الولايات المتحدة أبوابها إثر الحملة الحكومية على صناعة التدريب المهني التي تتكلف مليارات الدولارات، والقيود الصارمة على المساعدات الطلابية والدعايات المدمرة حول الطلاب المثقلين بالديون الدراسية وأوراق الاعتماد عديمة الفائدة.
غير أن عددا قليلا من الكليات الأخرى تحولت إلى إسقاط العمل الهادف للربح من حساباتها تماما، لصالح مسار آخر أكثر تقليدية لإدارة مؤسسات التعليم العالي. ويبدو، كما تبين، أن قطاع التعليم غير الربحي لا يزال يدر الكثير من الأرباح بالفعل.
ومثل جامعة كيسر في فلوريدا، قامت أسرة كيسر، وهي العائلة المؤسسة والمالكة للجامعة، في عام 2011 ببيع الجامعة إلى كلية غير هادفة للربح معروفة باسم كلية إيفرغليدز، والتي قد أنشأتها ذات العائلة من قبل.
ويتلقى السيد آرثر كيسر، رئيس كلية إيفرغليدز، راتبا سنويا يبلغ 856 ألف دولار، وهو أكثر من الراتب الذي يتلقاه نظيره رئيس جامعة هارفارد في العام، وفقا لبيان عوائد ضرائب الكلية لعام 2012، وهي آخر التقارير المتاحة للجمهور حول ذلك الشأن. فالرجل يتلقى مدفوعات وفوائد على أكثر من 321 مليون دولار كان قد تبرع بها للكلية، غير الهادفة للربح والمعفاة من الضرائب، حتى تتمكن من شراء جامعة كيسر.
كما أن لديه فوائد عن ممتلكات تسدد الكلية حيالها مبلغا يُقدر بـ14.6 مليون دولار للإيجار، فضلا عن سهم في شركة لإيجار الطائرات والتي يستفيد مديرو الكلية من خدماتها بالإضافة إلى فندق هوليداي إن، حيث يقيم فيه موظفو الكلية، كما يظهر من بيان عوائد الضرائب. كما يمتلك أحد أعضاء العائلة حصة ملكية في شركة للحاسوبات توفر خدماتها لذات الكلية.
وتعتبر جامعة كيسر، التي تضم 20 ألف طالب وتتسع لعدد 15 حرما جامعيا، واحدة من عدد قليل من الكليات الهادفة للربح التي تحولت إلى المجال غير الربحي أو تنظر حاليا في اتخاذ تلك الخطوة.
يعني ذلك التحول فرض المزيد من القيود على المشروعات الهادفة للأرباح وفقدان الملكية. غير أن الكليات غير الهادفة للربح - والتي تُعرف بتوفير المصلحة العامة - غير ملزمة بسداد الضرائب، وهي مؤهلة لتلقي بعض من المنح الحكومية من الولاية ويمكنها كذلك تلقي الأموال من برنامج المنح الطلابية الفيدرالي.
وتحذر جمعيات حماية حقوق المستهلك مع الخبراء القانونيين من أن بعضا من تلك المؤسسات قد تعمد إلى التحول بصفة أساسية تجنبا منها للتدقيق والتنظيم الحكومي المتزايد. علاوة على ذلك، كما يقول لويد ماير، وهو عميد وأستاذ القانون المشارك لدى كلية نوتر دام للقانون: «لدينا قلق من أن تلك الكليات غير الهادفة للربح قد توفر فائدة خاصة غير مسموح بها إلى ملاكها السابقين. وذلك النوع من الترتيبات يرفع رايات الإنذار الصفراء».
وقد سخر الدكتور كيسر، الذي أسس جامعة كيسر في عام 1977 بمعاونة من والدته السيدة إيفلين التي تبلغ من العمر (91 عاما) حاليا، من تلك الانتقادات قائلا: «كان هدفي هو تكوين إرث لعائلتنا»، وبالتحول إلى المجال غير الربحي «يعتبر تحولا طبيعيا بالنسبة لنا، وبالنسبة لطلابنا كذلك». مما يسمح للمؤسسة التعليمية بالتوسع لكي تصبح جامعة مجتمعية.
وقال إن العائلة قررت منذ فترة طويلة الانتقال إلى القطاع غير الهادف للربح، ووضعت حجر الأساس لذلك في عام 1998 عندما ابتاعت أول كلية صغيرة في فلوريدا ثم تحولت إلى كلية إيفرغليدز غير الهادفة للربح. وتقدم جامعة كيسر حاليا 100 درجة وشهادة جامعية في المجالات التي تشمل فنون الخبز والمعجنات، والتمريض، والعلوم السياسية.
ويقول السيد كيسر إنه بالنسبة لأي تضارب في المصالح المالية «لقد أفصحنا عن كل شيء. ولا يوجد خطأ حيال الأمر برمته». وكان الدكتور كيسر، وهو مرشح الحزب الجمهوري بمجلس النواب لرئاسة هيئة إدارة التعليم، رئيسا سابقا لمجلس إدارة رابطة كليات القطاع الخاص، والتي رفعت دعوى قضائية في نوفمبر (تشرين الثاني) لمواجهة اللوائح الفيدرالية الجديدة. مما يتطلب من الكليات الهادفة للربح والمدارس التجارية إثبات أن طلابهم سوف يتمكنون في نهاية المطاف من جني الأموال اللازمة لسداد ديونهم الدراسية.
وجاءت تلك القواعد نتيجة لشكاوى طويلة الأمد من أن الصناعة تجتذب غالبية الطلاب الفقراء وطلاب الأقليات وفقا لمعلومات مضللة حول قيمة الدرجات الجامعية الممنوحة والتكاليف الدراسية بها، ومن ثم تقييدهم بالديون الطويلة المرهقة.
وتفيد التقديرات الصادرة عن إدارة الرئيس أوباما بأن نحو 1400 برنامج تضم 840 ألف طالب في طريقها للفشل حيال قواعد العمل المربح الجديدة. وإذا ما أخفقت بالفعل، يصبح من حق الحكومة فرض العقوبات التي تؤدي في نهاية الأمر إلى وقف المساعدات والقروض الفيدرالية للطلاب، والتي هي عصب الحياة لتلك الكليات. تتلقى الكليات الهادفة للربح ما مقداره 30 مليون دولار سنويا في صورة المساعدات الطلاب التي يمولها دافعو الضرائب.
وتعاني بعض المؤسسات التعليمية من المشكلات بالفعل، حيث تعرضت سلسلة كليات كورينثين الهادفة للربح، والتي تلقت ذات مرة 1.4 مليار دولار في العام من أموال دافعي الضرائب، للانهيار تقريبا عقب سلسلة من التحقيقات والدعاوى القضائية من قبل حكومة الولاية والحكومة الفيدرالية.
وعارضت الكليات الهادفة للربح القواعد الجديدة بشدة، دافعة بأنه من شأنها تقويض المؤسسات التعليمية التي تعمل في خدمة الطلاب الذين ليست أمامهم إلا خيارات تعليمية أخرى قليلة. ويشير المدافعون إلى أن بعض الكليات تمتلك بالفعل سجلات تخرج جيدة وأفضل من الكليات المجتمعية وتتمتع بميزة أفضل من حيث التجاوب مع سوق العمل دائم التقلب.
وفتحت الولايات خطا هجوميا جديدا، حيث يعمل ما لا يقل عن 24 مدع عام على التحقيق في ما إذا كانت الكليات الهادفة للربح، والخاضعة لسلطانهم القضائي، قد انخرطت بالفعل في الإعلانات الدراسية الوهمية، أو ممارسات التوظيف غير القانونية، أو مخططات القروض المنهكة للطلاب.
وخضعت جامعة كيسر للتحقيق من قبل المدعي العام بولاية فلوريدا قبل بيعها إلى الكلية غير الهادفة للربح المملوكة لذات العائلة. وفي عام 2012، توصلت الجامعة لتسوية ووافقت على تقديم إعادة التدريب المجاني لآلاف الطلاب لديها، غير أن الجامعة لم تقر بارتكاب أي ممارسات مخالفة.
في نوفمبر (تشرين الثاني)، تقدم روبرت شيرمان، وهو ناقد شرس للصناعة التعليمية ومسؤول سابق في وزارة التعليم، بشكوى أمام إدارة الإيرادات الداخلية متهما السيد كيسر وثلاثة من أعضاء المجلس بانتهاك لوائح الضرائب واستخدام الضوابط غير الهادفة للربح في تحقيق مآرب شخصية.
وفقا لبيان عوائد الضرائب لكلية إيفرغليدز عام 2012، يمتلك أحد الأعضاء التسعة بمجلس الكلية نشاطا تجاريا يوفر للكلية نظاما رقميا لإيداع الملفات. كما يمتلك أحد أعضاء العائلة الآخرين وهو عضو ثان بالمجلس شركة كاتينغ إيدج لحلول التوظيف والتي تستفيد الكلية من خدماتها. وهناك عضو ثالث، يمتلك شركة لصيانة أحواض السباحة في فلوريدا، كان قد تلقى حصة من صافي الأرباح من برنامج الهندسة المائية.
وجاء رد من كيسر عبر البريد الإلكتروني يقول إن كل الترتيبات المالية «تخضع للقيم والشروط السوقية المنصفة»، وأن الكلية تلتزم بـ«مبادئ التدقيق والمحاسبة المقبولة عموما» وعلى النحو المنصوص عليه لدى إدارة الإيرادات الداخلية.
قُدرت قيمة جامعة كيسر بمبلغ 521 مليون دولار، كما يبدو من بيان الضرائب المذكور. وقال الدكتور كيسر، إن التقييم جاء من قبل اثنين من مراقبي الحسابات المستقلين. وقدم الدكتور كيسر قرضا بمبلغ 321 مليون دولار إلى كلية إيفرغليدز لصالح عملية البيع وتبرع بالكثير من المبلغ المتبقي، وهي هبة خيرية اقتطعت عشرات ملايين الدولارات من فاتورة ضرائبه. وتحتفظ عائلة كيسر بمصلحة ملكية الأرض والعقارات بالكلية.
اتبع ملاك آخرون ذات المنهج في تمويل شراء كلياتهم الهادفة للربح من خلال مجموعة من القروض والتبرعات المعفاة من الضرائب حيال الكليات غير الهادفة للربح التابعة لهم. والمؤسسة الجديدة المعفاة تماما من الضرائب تؤجر المكان من الملاك الأصليين مقابل قيمة إيجارية سنوية تقدر بعدة ملايين من الدولارات. في غالب الأمر يكون فريق الإدارة لما قبل وما بعد البيع هو نفس الفريق.
وتمتلك وزارة التعليم حق التصديق النهائي على التحول إلى الوضعية غير الهادفة للربح، بعد مراجعة الالتزامات المالية للكلية والإمكانيات الإدارية بها. ولك ترفض الوزارة أي طلب في هذا الصدد حتى الآن.
ويقول ديفيد هالبرين، وهو محام من واشنطن ومؤلف كتاب بعنوان: سرقة مستقبل أميركا - كيف تسرق الكليات الهادفة للربح دافعي الضرائب وتدمر حياة الطلاب.. «لا أعتقد أن أي شخص ذي معرفة مبدئية بكيفية إدارة المؤسسات غير الهادفة للربح وبصناعة الكليات الهادفة للربح سوف يُخفق في استنتاج أن الصفقات يجري ترتيبها لصالح الملاك الأصليين وأن الملاك السابقين يكتسبون أموالا طائلة من المؤسسات غير الهادفة للربح». كما يقول نيل ليفكويتز، وهو محام كذلك من واشنطن ومتخصص في التحولات التي تتضمن الشركات التعليمية: «إن مثل ذلك التوصيف يلطخ سمعة الصناعة بأكملها. لقد تعرض مفهوم التعليم الهادف للربح للكثير من التجريح، وتشعر الكثير من المؤسسات التعليمية بوطأة ذلك عليها».
في عام 2012، باع كارل بي. بارني الكثير من الكليات الهادفة للربح، بما في ذلك كلية ستيفنز هيناغر أميركا وكلية كاليفورنيا، إلى مؤسسة تعليمية صغيرة غير هادفة للربح مقرها مدينة دنفر تعرف باسم مركز الامتياز في التعليم العالي، والتي، وفقا لوثائق المحكمة، تتألف من عضو وحيد: السيد بارني، رئيس مجلس الإدارة.
وأقرض السيد بارني المؤسسة غير الهادفة للربح مبلغ 431 مليون دولار لأجل عملية البيع، وتبرع بملايين أخرى، كما يبدو من بيان عوائد الضرائب ووثائق المحكمة. كما جمع ما يقرب من 5.1 مليون دولار مقابل إيجار الكليات في عام 2013. وتبلغ قيمة الأصول غير الملموسة - مثل سمعة الكليات وأسرارها التجارية الخاضعة لحقوق الملكية الفكرية - مبلغ 419 مليون دولار.
وأقيمت دعوى قضائية بمشاركة وزارة العدل خلال العام الماضي وأشارت إلى أن عملية البيع، في جزء منها على أدنى تقدير، تمت بهدف التهرب من بعض المتطلبات التنظيمية التي يُعمل بها في الكليات الهادفة للربح، وأن الكليات لا تزال تعمل، بصورة أقل أو أكثر، بذات الطريقة التي كانت تعمل بها قبل الاندماج.
في ديسمبر (كانون الأول)، قاضى المدعي العام في كولورادو السيد بارني وكلياته إثر ممارسات مضللة وغير مشروعة. وقال السيد بارني: «تلك الادعاءات عارية تماما عن الصحة كما أنها تشوه سمعتنا. ولسوف نقاتل للدفاع عن أنفسنا حتى النهاية».
وسخر من فكرة أنه يكتسب أي أموال من الكليات أو من المركز، وهي المنظمة المكرسة بالكامل للتحررية وفلسفة السوق الحر لدى آين راند، وأضاف: «لا يمكنك جني الأرباح من مؤسسة غير هادفة للربح».
في عام 2011، بيعت كلية ريمنغتون، وهي إحدى كليات فلوريدا الهادفة للربح، إلى مؤسسة غير هادفة للربح، حيث تبرع الملاك بمبلغ 136 مليون دولار لصالح عملية البيع، وفقا لبيان عوائد الضرائب لعام 2013.
وفي يناير (كانون الثاني)، أعلنت جامعة هيرزينغ، ومقرها في ولاية ويسكونسن وتمتلك فروعا في 8 ولايات، أنها استكملت تحولها إلى مؤسسة غير هادفة للربح معفاة من الضرائب. وتحاول جامعة غراند كانيون في فينكس التحول من شركة للتداول العام تبلغ قيمتها مليارا دولار إلى مؤسسة غير ربحية.
ونظرا لوصمة العار التي تلاحق الكليات الهادفة للربح الآن، صارت الوضعية غير الربحية حاليا من الأدوات التسويقية بالغة الأهمية.
ويقول السيد ليفكويتز: «إن بعضا من الكليات لا تقوم بذلك لأجل التهرب من اللوائح فعليا. إنهم لديهم مشكلات حقيقية في اجتذاب الطلاب إلى كلياتهم».

* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.