إيران تعلن تعليق صادرات الكهرباء إلى العراق

بالتزامن مع دعوة رئيسي لحضور قمة «الجوار الإقليمي» في بغداد

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلا وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلا وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أمس (إ.ب.أ)
TT

إيران تعلن تعليق صادرات الكهرباء إلى العراق

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلا وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلا وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أمس (إ.ب.أ)

في حين وصل وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى طهران أمس وسلم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي دعوة لحضور قمة «الجوار الإقليمي» في بغداد نهاية الشهر الحالي، أعلنت طهران رسمياً تعليق صادرات الكهرباء إلى العراق.
واستغربت وزارة الكهرباء العراقية تصريحات لمسؤول في إدارة شركة الكهرباء الإيرانية بشأن تعليق طهران تصدير الكهرباء إلى العراق، وجاء الرد على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهربائية العراقية، أحمد موسى العبادي، في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، قال فيه: «الأمر ليس بجديد، تعليق إيران إمدادات الكهرباء حدث قبل 3 أشهر، بعد أن قامت طهران بإيقاف الخطوط الأربعة الرئيسية المجهزة للعراق».
ولم يخض العبادي في تفاصيل الإعلان الإيراني الأخير أو دوافعه، واكتفى بالقول: «هذا شأن يتعلق بهم، ربما لديهم مشكلات داخلية».
وأعلن المدير التنفيذي لشركة إدارة الكهرباء الإيرانية، مصطفى رجبي، مساء الاثنين، تعليق تصدير الكهرباء للعراق، وعزا ذلك إلى «ضرورة سد احتياجات البلاد داخلياً».
وعدّ أحمد العبادي أن «الإعلان الإيراني لا يؤثر على حالة الإنتاج والتوزيع القائمة حالياً. نعم كان خفض تجهيز العراق من الغاز إلى نحو النصف أفقد منظمة الطاقة الوطنية نحو 2600 ميغاواط، لكن تعاوناً مثمراً بين وزارتي الكهرباء والنفط يسعى لتغطية تلك الحاجة».
وبشأن الهجمات المتواصلة ضد أبراج الطاقة الكهربائية، ذكر العبادي أن «حرب الأبراج متواصلة، هناك جماعات إجرامية مصرة على تخريب شبكة الكهرباء منذ سنوات، وقد كثفت من أعمالها التخريبية خلال الأسابيع الماضية، ويوم (أمس)، تعرض بعض الأبراج للاستهداف في محافظتي كركوك ونينوى». وأضاف: «الجهات الأمنية مطالبة بمضاعفة جهودها لإيقاف جماعات التخريب والإرهاب، وهي المعنية بمواجهتهم والكشف عن الجهات التي تقف خلفهم».
وتتواصل منذ أكثر من أسبوعين الهجمات المنظمة لاستهداف الأبراج الناقلة للقدرة الفائقة، وأدت إلى تفجير نحو 30 برجاً؛ ما تسبب في خروج مناطق كاملة في محافظة صلاح الدين وكركوك من الخدمة. وأعلنت «شركة الكهرباء الشمالية»، أمس الثلاثاء، عن تعرض خطوط «كركوك - بيجي» لعمل تخريبي، تسبب في سقوط 7 أبراج ناقلة للطاقة الكهربائية.
وقال إعلام الشركة في بيان: «يبدو أن مسلسل استهداف الخطوط الناقلة وتفجير أبراج الكهرباء أخذ يتوسع وبشكل كبير، حيث تتعمد العصابات التخريبية تقطيع أوصال وارتباطات خطوط المنطقة الشمالية بهدف عزلها عن المنظومة الوطنية».
ورغم تشكيل الحكومة العراقية، قبل نحو شهرين، قوة خاصة لحماية الأبراج، فإنها لم تتمكن من إيقاف الهجمات. ولم تعلن السلطات حتى الآن عن إلقاء القبض على أي من المتورطين بهذه الأعمال أو الجهات التي تقف خلفهم، غير أن بعض المصادر تشير إلى إمكانية تورط جماعات مصالح وميليشيات مسلحة ومقاولين في هذا النوع من الأعمال بهدف الحصول على أعمال إعادة أعمار تلك الأبراج، لكن تلك المصادر لا تستبعد فرضية تورط جماعات «داعش» أيضاً، لإرباك أوضاع البلاد في مجال الطاقة المتعثرة والمرتبكة أصلاً.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم