طائرات روسية تستهدف «مناطق النازحين» شمال غربي سوريا

مقتل وجرح 45 طفلاً منذ بداية الشهر الماضي

قصف جوي روسي على مناطق جبل الزاوية بريف إدلب (الشرق الاوسط)
قصف جوي روسي على مناطق جبل الزاوية بريف إدلب (الشرق الاوسط)
TT

طائرات روسية تستهدف «مناطق النازحين» شمال غربي سوريا

قصف جوي روسي على مناطق جبل الزاوية بريف إدلب (الشرق الاوسط)
قصف جوي روسي على مناطق جبل الزاوية بريف إدلب (الشرق الاوسط)

جدد الطيران الحربي الروسي أمس، القصف بصواريخ فراغية شديدة الانفجار على محيط مدينة إدلب من الجهة الغربية وجبل الزاوية جنوبها، ضمن مناطق تؤوي نازحين، في وقت تواصل قوات النظام قصفها بقذائف المدفعية والصواريخ على مناطق جبل الزاوية جنوب إدلب وريف حلب وتوقع قتلى بينهم طفلة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن مقاتلات روسية شنت ست غارات جوية بصواريخ فراغية شديدة الانفجار على منطقة تؤوي نازحين وعدداً من المخيمات في قرية الشيخ بحر 12 كلم غرب إدلب، ما تسبب بحالة ذعر وخوف في أوساط النازحين، وهروب بعض الأسر من المنطقة المستهدفة، خشية تصاعد وتيرة الغارات، دون ورود أنباء عن وقوع خسائر بشرية. لافتاً إلى أن هذه المرة الثانية التي تستهدف فيها المقاتلات الروسية منطقة الشيخ بحر غرب إدلب خلال أقل من 24 ساعة، بعدد من الغارات الجوية بصواريخ شديدة الانفجار.
ووثق «المرصد» مقتل مدني وجرح آخرين بقصف مدفعي مصدره تجمعات قوات النظام، بقذائف «كراسنبول» المتطورة، على قرية معرزاف جنوب إدلب، فيما قُتلت طفلة وجرح شقيقتها بقصف مماثل استهدف قرية تديل غرب حلب، وطال القصف قرى الفطيرة والبارة ومحيط قرية عين لاروز بجبل الزاوية جنوب إدلب، ما تسبب بنزوح عائلات جديدة إلى مناطق آمنة نسبياً شمال إدلب.
وقال حسام الشيخ، وهو قائد فريق للدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء» في إدلب، إن «فرق الدفاع المدني العاملة في محافظة إدلب، استجابت منذ بداية يونيو (حزيران)، حتى 8 من أغسطس (آب) الحالي، لأكثر من 393 هجوماً من قوات النظام وروسيا والميليشيات الموالية لها على منازل المدنيين في مناطق متفرقة بجبل الزاوية جنوب إدلب وغربها ومناطق بريف حلب وريف حماة الشمالي الغربي، وتسببت الهجمات بمقتل أكثر من (94) شخصاً، بينهم (31) طفلاً و(17) امرأة، إضافة إلى متطوعين اثنين في الدفاع المدني السوري، فيما أنقذت فرق الدفاع أكثر من (260) شخصاً أصيبوا نتيجة القصف بينهم أكثر من (66) طفلاً».
وفي مايو (أيار) 2017 أعلنت كل من تركيا وروسيا وإيران، التوصل إلى اتفاق على إقامة منطقة خفض تصعيد في إدلب شمال غربي سوريا، ضمن اجتماعات العاصمة الكازخية، المتعلقة بالشأن السوري، إلا أن قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها تعمد بين الحين والآخر إلى قصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية والمأهولة بالسكان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 5 مارس (آذار) 2020، وتوقِع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، فضلاً عن وقوع خسائر مادية كبيرة. في سياق منفصل، تستغل خلايا تنظيم الدولة «داعش» في البادية السورية وسط البلاد وشرقها، انشغال النظام وحلفائه وتوجه أنظارهم إلى محافظة درعا جنوب سوريا مع التحشيد العسكري وإطلاق التهديدات بشن عملية عسكرية للسيطرة عليها، وتكثف (خلايا التنظيم) من عملياتها العسكرية الخاطفة والكمائن ضد قوات النظام والميليشيات الموالية لها، وتوقع عشرات القتلى بينهم ضباط خلال الأيام الأخيرة الماضية.
وقال مصدر طبي في مشفى حمص العسكري، فضل عدم الكشف عن اسمه، إنه خلال اليومين الماضيين وصل 18 قتيلاً من قوات النظام والميليشيات الموالية لها، نتيجة تعرضهم لكمائن من مجموعات تابعة لتنظيم الدولة «داعش» بالقرب من منطقة السخنة بريف حمص الشرقي، وتم نقلهم إلى أماكن أخرى وسط إجراءات أمنية مشددة. وأفاد أبو أمين، مسؤول وحدة الرصد والمتابعة العسكرية في حماة، بأنه تم «سحب أعداد كبيرة من قوات النظام والميليشيات الموالية لها من مناطق بادية حمص وحماة وسط سوريا ونقلهم إلى مناطق درعا جنوب سوريا، ما سهّل على خلايا تنظيم (داعش) التحرك والقيام بعمليات عسكرية خاطفة وكمائن ضد قوات النظام، حيث استهدف عناصر التنظيم بكمين مجموعةً من قوات النظام بالقرب من منطقة (أثريا) في بادية حماة أول من أمس، وأوقعت 20 عنصراً بين قتيل وجريح».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد وثّق أول من أمس، مقتل عنصر من أبناء دير الزور شرق سوريا، ينتمي إلى المسلحين الموالين لقوات النظام، في كمين لعناصر تنظيم «داعش» على طريق (دير الزور - تدمر) شرقي حمص، تزامن مع سماع دوي انفجارات قرب مواقع عسكرية لقوات النظام السوري في بادية السخنة بريف حمص الشرقي، ووفقاً لمصادره فإن الانفجارات نتيجة عبوات ناسفة زرعها عناصر «داعش» قرب المواقع العسكرية.
إلى ذلك، أفاد بيان صادر عن بيرتراند باينفيل، نائب المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، بأن تصاعد العنف في سوريا في شهر يوليو (تموز) أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من الأطفال.
ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة عن باينفيل القول في البيان إن «التصعيد المستمر للعنف في سوريا، خصوصاً في شمال سوريا، أدى إلى مقتل وإصابة ما لا يقل عن 45 طفلاً منذ بداية شهر يوليو».
وجدد باينفيل تأكيد أنه «يجب على أطراف النزاع حماية الأطفال في جميع الأوقات». وأعرب عن أسفه لما آلت إليه الحال في سوريا، إذ إنه بعد عشر سنوات من النزاع «أصبح قتل الأطفال أمراً شائعاً». وأكد أنه «لا شيء يبرر قتل الأطفال».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.