جعجع يلتقي مع عون على رفض الإساءة للبطريرك الراعي

رئيس «القوات» يهاجم نصر الله وينتقد تجنيه على المحقق العدلي في انفجار المرفأ

TT

جعجع يلتقي مع عون على رفض الإساءة للبطريرك الراعي

تقاطع موقف الرئيس اللبناني ميشال عون مع موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حول رفض الإساءة للبطريرك الماروني بشارة الراعي بعد عظته يوم الأحد الماضي التي انتقد فيها إطلاق «حزب الله» للصواريخ من الجنوب باتجاه إسرائيل، في وقت شن جعجع هجوماً على أمين عام الحزب حسن نصر الله على خلفية مواقفه من ملف انفجار المرفأ، معتبراً أن هناك تجنياً على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
وأفادت الرئاسة اللبنانية بأن الرئيس ميشال عون اتصل بالبطريرك الراعي، مؤكدا «أن التعرض للمقام البطريركي وشخص البطريرك مدان ومرفوض، وحرية الرأي والتعبير مصونة بالدستور»، مشدداً على أن «أي رأي آخر يجب أن يبقى في الإطار السياسي ولا يجنح إلى التجريح والإساءة».
وقال بيان الرئاسة إن عون والراعي تطرقا «إلى ما تعرّض له المقام البطريركي وشخص البطريرك من حملات مدانة ومرفوضة من أي جهة أتت وتحت أي ذريعة أو حجّة».
وفي موقف مشابه، قال جعجع ردّاً على الحملة التي تعرّض لها الراعي: «بكركي تتحدّث باسم أكثرية اللبنانيين والحملة مرفوضة ولا تجوز»، متوجهاً إلى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بالقول: «لبنان دائماً كان بلاد سيادة وحرية واستقلال وكان هكذا قبل (حزب الله) وهكذا سيبقى»، مضيفاً «لا يمكنكم قمع رأي الآخر».
وأثارت مواقف الراعي في عظة الأحد الماضي انقساماً لبنانياً حاداً، وصل إلى حد التهجم على موقف الراعي من قبل جمهور «حزب الله»، وذلك إثر تأكيده أن أهل الجنوب «سئموا الحرب والقتل والتهجير والدمار»، ودعوته الجيش اللبناني إلى «منع إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية»، فضلاً عن تأكيده أن لبنان «لم يقرر الحرب مع إسرائيل، بل هو ملتزم رسمياً بهدنة 1949، ولا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردوداً إسرائيلية هدامة».
وتواصلت الردود على الحملة تأييداً لمواقف الراعي. ورأى نائب رئيس تيار «المستقبل» مصطفى علوش أن الراعي «يتكلم نيابة عن كل اللبنانيين»، معتبراً أن «من يهاجمه هو على عداوة مع لبنان». وقال أمس: «لا يحق لمن هو غارق في العمالة لولاية الفقيه ويخدم مصالحها المدمرة أن يتهم أحدا بأي شيء لأنه هو المتهم وحده».
بالموازاة، اعتبر النائب فريد البستاني أن الراعي «ومن موقعه الديني والوطني، لا يحبذ العنف ويدعو لمقاربة الأمور بالروية والحكمة. التهجم عليه على خلفية عظته يوم الأحد، ليس له تبرير سوى خلق جو من التشنج الإضافي في البلد».
وقال النائب المستقيل إلياس حنكش: «عندما يقول البطريرك الراعي أو أي رجل وطني جريء الحقيقة مهما كانت صعبة، وبأكثر الأوقات تعبّر عن رأي أغلبية اللبنانيين، تكون التهم حاضرة: خائن، عميل ومستسلم، ولكن لن ينفع بعد اليوم التهديد والتخوين والوعيد، فاللبنانيون لن يرضخوا بعد اليوم لجرّهم إلى جهنم»، مشدداً على أن «جيشنا يحمينا ونقطة على السطر».
وكان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله تعهد بالرد على أي غارة إسرائيلية بإطلاق الصواريخ من لبنان، كما انتقد القاضي العدلي في ملف انفجار المرفأ طارق البيطار، وهو ما دفع رئيس حزب «القوات اللبنانية» للرد على نصر الله في مؤتمر صحافي عقده أمس.
وتوجه جعجع إلى نصر الله بالقول: «أصدق كلام ممكن أن تسمعه يا سيّد نصر الله جاء من قرويين يزرعون ليعيشوا والناس قالت نفس الأمر في كل لبنان خلال الانتفاضة الشعبية وتعبت من معادلتكم».
وفي ملف تفجير مرفأ بيروت، رأى جعجع أنّ «الانفجار هو محاولة لتفجير الحياة في لبنان ككلّ وتفجير للبلد بمَن فيه وهو بمثابة (إبادة جماعيّة) ولا يمكن أن نتساهل أو نستكين قبل تبيان كلّ الحقائق في هذا الملفّ». وأضاف «مخطئ مَن يظنّ أنّ انفجار المرفأ تسبب به المسلمون وضحاياه كانوا من المسيحيين فالصحيح أنّنا كلّنا تسببنا به وكلّنا ضحاياه».
وإذ أكد أنه «لا يجوز أن يأخذ نصر الله من اتهام بعض وسائل الإعلام (حزب الله) بالوقوف خلف تفجير المرفأ ذريعة لاتهام القاضي بيطار»، سأل: «أين المنطق بما يطرحه نصر الله وكيف يعتبر أن بيطار لا يريد كشف الحقيقة؟ بأي حق يقول ذلك من دون انتظار القرار الظني؟ أنا لا أعرف القاضي بيطار شخصياً لكن كل الأصداء تؤكد أنه قاضٍ نزيه ومستقيم».
وسأل نصر الله ما إذا كان مطلعاً على التحقيقات، وقال له: «إذا كنتَ تعلم بحقيقة انفجار مرفأ بيروت قلها وإذا كنتَ لا تعرفها فأنت تتجنّى على القاضي بيطار». وأشار إلى أنّ «العريضة التي وقّعها 20 في المائة من نواب المجلس هي لرفض رفع الحصانات عن النواب الذين طلب المحقق العدلي رفع الحصانة عنهم»، معتبراً أن «هذه العريضة هي لتهريبهم من تحقيق القاضي بيطار».
وقال جعجع إن النواب أنفسهم الذين طلب بيطار رفع الحصانات عنهم، «طلبت العريضة التي تحدّث عنها نصر الله رفع الحصانة عنهم لكن ليذهبوا إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لا إلى التحقيق العدلي وذلك لتهريبهم من تحقيق بيطار». وأضاف «لا أريد الدفاع عن المحقق العدلي لكن علي انتظار القرار الظني».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.