عادل أسعد الميري: مغرم بالأدب الفرنسي وتجمعني علاقة شخصية بعوالمه

صاحب «كل أحذيتي ضيقة» يرى أن هناك فوضى في الترجمة

عادل أسعد الميري
عادل أسعد الميري
TT

عادل أسعد الميري: مغرم بالأدب الفرنسي وتجمعني علاقة شخصية بعوالمه

عادل أسعد الميري
عادل أسعد الميري

علاقة حميمة تربط الكاتب والمترجم المصري عادل أسعد الميري بالكتابة الأدبية التي تستلهم روح الأمكنة، والاعترافات، وأصداء السيرة الذاتية. وقد انعكست هذه العلاقة على أعماله الروائية، وبخاصة «كل أحذيتي ضيقة» و«خيوط أقمشة الذات»، وكذلك في ترجماته المختارة من الأدب الفرنسي، وآخرها ترجمته رواية جوليان جرين «النومة الأخرى» الصادرة عن دار «العين» بالقاهرة.
هنا حوار معه حول هذه الأجواء، وأبرز مشكلات الترجمة في عالمنا العربي...
> ما الذي جذبك لترجمة رواية «النومة الأخرى»؟
- لأنني كنت طيلة عمري مغرماً بالأدب الفرنسي، وهناك علاقة شخصية تربطني بهذه الرواية بالذات. أتذكّر أنني كنت في العاشرة أقف أمام مكتبة صغيرة لبيع الكتب المستعملة في الإسكندرية، وحين وجدت هذه الرواية اشتريتها بقروش قليلة، وبدأت في قراءتها، إلا أن مستوى لغتي الفرنسية في ذلك الوقت لم يكن يسمح لي بقراءتها، فقلت في نفسي سيأتي اليوم الذي أقرأها فيه بسهولة، وسيأتي اليوم الذي أترجمها فيه إلى العربية.
> الأحلام في الأدب مادة ثرية للكتابة، برأيك ما الذي وجده بطل «جوليان جرين» في أحلامه؟
- في هذه الرواية تداخل واضح بين الواقع والخيال، فمثلاً حادثة زيارة البطل لمتجر بيع نماذج من تماثيل الآلهة اليونانية القديمة، جعل صورة هذه التماثيل تطارده في منامه وفي أحلام يقظته، وقُرب نهاية الرواية هناك المنزل المهجور الذي توقّف بناؤه بسبب الحرب العالمية الأولى، الذي كان البطل يتردّد عليه ليختلي فيه بنفسه، هل هذا واقع أم خيال؟ هو كان يهرب إلى خيالاته من واقعه الذي لم يكن يرضيه، وهذا هو معنى العنوان «النومة الأخرى»، أي هل كانت الخيالات واقعاً أم نتيجة نومة من نوع مختلف؟
> كتب بلاز سندرار «الدهشة» بروح جامحة تشارف اللامنطق، هل أحسست بهذا وأنت تترجم الرواية؟
- الشيء شديد الجاذبية في روايات بلاز سندرار بشكل عام، هو قدرته على التنقّل الدائم طوال حياته بين المهن والدول المختلفة، هذا هو الذي جذبني إليه في المقام الأول، فهو مولود في إيطاليا لأب مقتدر، أرسله في طفولته إلى مدرسة دولية للغات تعلم فيها 4 لغات، ثم انتقل إلى سويسرا ليدخل كلية الطب هناك، إلا أنه ذات يوم ترك الدراسة وقرّر اكتشاف الحياة، فأخذ قطاراً دون أن يعرف ما هي وجهته، وإذا بالقطار يخترق أوروبا الشرقية ويستـأنف الطريق إلى سانت بترسبورغ؛ حيث التقى على رصيف المحطّة برجلين، لم يكونا يتحدّثان بنفس اللغة فقام بالترجمة بينهما، فإذا بأحدهما يعرض عليه أن يعمل سكرتيراً له لمساعدته في التفاهم مع زبائنه لبيع المجوهرات. ذهب مع هذا التاجر إلى بكين في الصين ثم إلى أصفهان في إيران، ثم قرر أن يعمل بحاراً على الخطوط البحرية بين روتردام ونيويورك، وفي سنة 1907 حين شهدت أميركا وصول آلاف المهاجرين كان يقوم بالترجمة لهم في مكاتب الوصول إلى نيويورك، وهو ما ساعده في تجميع مادة روائية ثرّية. معروف أن هذه الرواية هي واحدة من 4 أعمال تشكل رباعية روائية، وقد ترجمت رواية ثانية من هذه الرباعية وهي رواية «المغامرة» وفيها يصف مثلاً معركة في روتردام بين بحّارة الدول المختلفة ليلة رأس السنة، ويصف مثلاً رحلة بحرية في المحيط الأطلنطي، وهكذا. أما الجزء الثالث من هذه الرباعية فهو عن «الذراع المفقودة» إذ فقد ذراعه اليمنى إثر انفجار قنبلة أثناء الحرب العالمية الأولى، ويحكي لنا فيها كيف استطاع أن يعيش بذراع واحدة، والجزء الرابع عن الأحداث القدرية في حياته، وأتمنى أن أقوم بترجمتهما كاملين.
> دخلت عالم الرواية من باب أدب «الاعترافات»... حدثنا عن تلك التجربة في ضوء كتابتك لـ«كل أحذيتي ضيقة».
- ظهرت «كل أحذيتي ضيّقة» سنة 2010. وهي كرّاسة كنت كتبتها أثناء تردّدي على أحد الأطباء النفسيين سنة 1998. وتحكي عن مشكلات الطفولة والمراهقة التي عانيت منها في مجتمع شبه مغلق، في مدينة طنطا (وسط دلتا مصر)، لأسرة من الطبقة المتوسّطة العليا، فالأب طبيب، إلا أن المعاناة جاءت من كون هذا الأب الطبيب مثالياً ملتزماً، وهو الذي دفعني إلى دخول كلية الطب، رغم أنني كنت أشعر أنني لن أكون طبيباً بأي حال من الأحوال، طباعي وشخصيتي لا تسمح لي بذلك. وقد تمكنت بصعوبة من إنهاء الدراسة في الكلية، إلا أنني اخترت بعد ذلك مهنة أخرى هي الإرشاد السياحي. أما أمي فكانت تعاني من حبّ التملّك، فلم تكن تسمح لي مثلاً باختيار ملابسي، بل هي التي كانت تشتريها لي وفقاً لذوقها هي، حتى وصولي إلى سن العشرين.
> هل شكلت لك «اعترافات» جان جاك روسو مرجعية في السيرة الذاتية؟
- أكثر نوع أدبي يثير اهتمامي هو أدب الاعترافات والسيرة الذاتية. قرأت لروسو رواية «إميل» التي تعرف كذلك باسم «التربية»، ويتحدّث فيها عن كيف ثقّف نفسه، وقرأت مقتطفات من الاعترافات، التي تدور في الأساس حول علاقاته العاطفية، إلا أنني لم أكتشف حقيقة روسو، إلا بعد قراءة «تأمّلات جوّال منفرد»، إذ اكتشفت حجم معاناته من عقدة البارانويا. لكن الأديب المصري الذي قرأته مبكّراً جداً وترك داخلي أثراً كبيراً، هو سلامة موسى، وقد كتب «تربية سلامة موسى»، وأسلوبي في «كل أحذيتي ضيقة» قريب الشبه به، وكذلك كتب موسى «التثقيف الذاتي» عن كيف ثقّف نفسه بنفسه، ومن الكتب التي أثرت في هذا السياق كتابان للعقاد، هما «أنا»، و«حياة قلم»، وكذلك «قصّة عقل» و«قصة نفس» لزكي نجيب محمود، وغيرها.
> طالما كان لباريس حضور واضح في أدب الرحلات والرواية العربية، حدثنا عن تجربة كتابتك لـ«تسكع على أرصفة باريس».
- ظللت طوال 15 عاماً أذهب إلى باريس كل صيف، لقضاء شهر أو شهرين أو 3 أشهر، في منزل أسرة زوجتي، وهو منزل من 3 طوابق وبحديقة كبيرة، كانت لنا فيه أنا وزوجتي حجرة دائمة. فكنت أغادر المنزل صباح كل يوم، وقد وضعت خطّة محكمة لاكتشاف باريس، مشياً على الأقدام، وباستعمال وسائل النقل العام، ثم زيارة القصور والقلاع والكنائس القديمة، التي تزخر بها باريس، وزيارة المتاحف، التي كانت غالباً متاحف للفنون الجميلة ولحضارات عريقة، اللوفر، ومركز بومبيدو، وقصر طوكيو، ومتحف أورسيه، والقصران الكبير والصغير، ومتحف كلوني، لقد زرت اللوفر مثلاً ليس أقل من 100 مرة، في كل مرة كنت أقرأ المكتوب عن فنان مثل رمبرانت أو مملينج وهما من المدرسة الهولندية في القرن السابع عشر. وقد وضعت في كرّاسة أسماء ومواقع 60 متحفاً داخل باريس الكبرى، ناهيكِ عن زيارة أصدقاء باريسيين كانوا غالباً من ضمن أفراد المجموعات السياحية، الذين كنت قد عملت معهم مرشداً سياحياً.
> في كتاباتك كثيراً ما تذوب الحدود بين الواقع والتخييل، هل تشغلك فكرة التصنيفات الأدبية؟
- لم تشغلني أبداً فكرة التصنيفات الأدبية، وقد استعمل إدوار الخرّاط عبارة «النوع العابر للأنواع»، كأن يكون في نفس العمل الأدبي قدر من الواقع الذي عاشه المؤلف، إلى جوار خيالات جامحة لا صلة لها بهذا الواقع، بالإضافة إلى معلومات توثيقية أو سيرة ذاتية، فأحد أعمالي الأخيرة «خيوط أقمشة الذات»، فصله الأول عن أفراد من أسرة والدتي كانوا مثاراً لاهتمامي، فخالها مثلاً كاد يكون من الضبّاط الأحرار، والفصل الثاني عن المدارس والمدرّسين الذين تركوا في حياتي آثاراً سلبية أو إيجابية، والفصل الثالث توثيق عن أهم الكتب التي قرأتها أثناء مراهقتي، والرابع عن أهم أفلام مراهقتي، والخامس عن الرحلة إلى إنجلترا سنة 1974. ومدينة «ستيفيندج» التي شهدت بداية وصولي إلى فكرة أن أكون حرّاً في اتخاذ القرارات في حياتي، وهي مدينة ريفية صغيرة، تقع على بعد 60 كيلومتراً إلى الشمال من لندن، أقمت فيها 4 أشهر في بيت شباب، وعملت هناك في مخبز آلي على بعد كيلومتر واحد من بيت الشباب. اليوم بعد نحو 50 عاماً لا أزال أتابع على «جوجل إيرث» الطريق اليومي الذي كنت أسلكه في الذهاب والإياب، بين بيت الشباب والمخبز الآلي. أما الفصل السادس فعن أحلامي التي جاءتني فعلاً في منامي.
> برأيك، ما أبرز إشكالات الترجمة في العالم العربي؟
- هناك فوضى في الترجمة، وبرأيي أهم هذه الإشكاليات عدم وجود خطّة واضحة، فقد أصدر «المركز القومي للترجمة» في مصر ما يقرب من 3 آلاف كتاب، دون خطّة واضحة، بل في الغالب تأتي الترجمات وفقاً لاقتراحات المترجمين. وبالنسبة لي، حصلت على دبلوم آثار مصرية سنة 1995. ودبلوم آثار إسلامية سنة 1997. وذهبت إلى المركز القومي لاقتراح ترجمة كتب في هذين العلمين، إلا أن اقتراحاتي لم تلقَ القبول. العمل الوحيد الذي ترجمته في هذا المجال هو «الفن المصري» لكريستيان زيجلر، التي كانت مديرة القسم المصري بمتحف اللوفر، وتم نشره في سلسلة «مصريات» بهيئة الكتاب، وكذلك كتاب عن «تأثير مصر القديمة على الديانة المسيحية»، وهو دراسة عن مؤلفات ثروت الأسيوطي، ونشرته دار «آفاق»، وكان بإمكاني ترجمة المزيد، كان يمكنني تقديم 10 عناوين، إلا أنني لم أجد أي تشجيع.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.