«ميريت الثقافية»: ملف عن «نون النسوة»

«ميريت الثقافية»: ملف عن «نون النسوة»
TT

«ميريت الثقافية»: ملف عن «نون النسوة»

«ميريت الثقافية»: ملف عن «نون النسوة»

مجموعة من الملفات الثقافية المتنوعة تضمنها عدد شهر أغسطس (آب) الحالي من مجلة «ميريت الثقافية»، الشهرية الإلكترونية التي تصدر عن دار ميريت للنشر بالقاهرة.
جاء الملف الأول عن المسيحيين في الشرق، ويتضمن ثمانية مقالات: «المسيحية في مصر» للقاص والروائي رءوف مسعد، و«المسيحيون الشرقيون في بلاد الغرب» للدكتور ماجد عزت إسرائيل (مصري - ألمانيا)، و«الأصولية المسيحية بين الحاجة والرفض للتجديد الديني» لعصام الزهيري، و«قراءة في التاريخ وتفهم واستقراء للحاضر والمستقبل» لأيمن عجمي (مصري - أميركي)، و«الحروب الصليبية وكرنفال الاستقطاب الديني» للدكتور محمد فياض، و«أقباط المهجر ودور الكنيسة» لفرنسوا باسيلي (مصري - أميركا)، و«هل كانت هيباتيا ملهمة نور أم رسولة ظلام؟» لسمر لاشين.
وخصص الملف الثاني في «رؤى نقدية» ضمن باب «إبداع ومبدعون»، كل مقالاته لمناقشة رواية «ضمير المتكلم» التي صدرت حديثاً للشاعر والناقد الجزائري فيصل الأحمر، متضمناً خمسة مقالات: تحقيق في الشأن التخييلي للواقع للدكتورة وسيلة بوسيس (من الجزائر)، حكايات عديدة لصوت واحد لطارق بوحالة (من الجزائر)، تمفصلات لسانية للسرد المرتد للدكتور محمد يونس (من العراق)، المسألة الأخلاقية في «ضمير المتكلم» للدكتور خالد أقيس (من الجزائر)، ضمير المتكلم مدينة لواقع غير فاضل! للطيب خالدي (من الجزائر)... بالإضافة إلى شهادة بعنوان «ضمير المتكلمة... قراءة إمتاع ومؤانسة» كتبتها مروة لعريبي (من الجزائر)، وحوار مع فيصل الأحمر بعنوان: «كتابة خالية من الهاجسين السياسي والتاريخي كتابة بلا جدوى... وهذا مزاجٌ شخصي غير قابل للتعميم!» أجرته خديجة نايلي (من الجزائر).
وجاء الملف الثالث في باب «نون النسوة» وخصصه هذا العدد لمناقشة المتتالية القصصية «مثل أسرة سعيدة» لتيسير النجار، وتضمن ثلاثة مقالات: إغواء الجسد وإغواءات الروح للدكتور إبراهيم منصور، اتساع العائلة في «مثل أسرة سعيدة» للدكتورة إشراق سامي (من العراق)، والمتتالية القصصية ومرايا الواقع للباحثة دينا نبيل... بالإضافة إلى قصة قصيرة لم يسبق نشرها لتيسير النجار بعنوان «كان يبكي لي».
وفي بابي «الشعر والقصة» 12 قصيدة و8 قصص لشعراء وكتاب من: مصر، والمغرب، وتونس، والعراق، وسوريا، والسودان، وفلسطين، واليمن.
وفي باب «تجديد الخطاب» مقالان: الحلاج... بين الناسوتية واللاهوتية للدكتور عزيز بعزي (من المغرب)، والإسلام والعلم... علاقة تكامل أم صراع! كتبته سلوى فاروق. وفي باب «حول العالم» ثلاث ترجمات: ترجم د. محمد عبده أبو العلا مقال مايكل كيربي (فقيه قانوني ومحامي أسترالي) بعنوان «التوفيق بين الأسس الدينية وحقوق الإنسان»، وترجمت السورية لمى الحَسَنية بحثاً كتبه الباحثتان السويسريتان ماري إيفون شارميلو وكارولين جاكو ديكومب بعنوان «مقاربة التربية من منطلق الحقوق الجنسية»، وترجم عاطف محمد عبد المجيد قصائد للشاعر والروائي الفرنسي جول رينار بعنوان «مِنْ تَأمّلاتِ في الحياة».
وضمن باب «ثقافات وفنون» حوار أجرته رشا حسني مع الشاعر فتحي عبد السميع، بعنوان «أشعر بالحزن من أجل الشاعر الذي يسكنني».
وفي ملف «سينما» مقال د. لنا عبد الرحمن بعنوان «في فيلم PK... كائن فضائي ينتقد سلطة رجال الدين في حياة البشر»، وفي باب «آثار» كتب د. رضا محمد عبد الرحيم بعنوان «العقاد يكتب عن مقياس تقدم الأمم»، وفي «شخصيات» مقال الشاعر عبد الرحيم طايع عن الروائي وحيد الطويلة، ومقال د. ناصر أحمد سنة عن «الفن المعماري في أدب جمال الغيطاني». إضافة لمقالين في ملف «كتب»: الخط الواصل بين روايتي «لهو الإله الصغير» و«الغميضة» لمختار سعد شحاتة، وثنائية الإرهاب والموت في أدب ما بعد الأزمة الجزائرية لخديجة مسروق (من الجزائر).



ذهبيات ساروق الحديد في إمارة دبي

قطع ذهبية مصدرها موقع ساروق الحديد في إمارة دبي
قطع ذهبية مصدرها موقع ساروق الحديد في إمارة دبي
TT

ذهبيات ساروق الحديد في إمارة دبي

قطع ذهبية مصدرها موقع ساروق الحديد في إمارة دبي
قطع ذهبية مصدرها موقع ساروق الحديد في إمارة دبي

تحوي إمارة دبي مواقع أثرية عدة؛ أبرزها موقع يُعرف باسم ساروق الحديد، يبعد نحو 68 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة دبي، ويجاور حدود إمارة أبوظبي. خرج هذا الموقع من الظلمة إلى النور في مطلع القرن الحالي، وكشفت حملات التنقيب المتلاحقة فيه خلال السنوات التالية عن كم هائل من اللقى الأثرية، منها مجموعة مميّزة من القطع الذهبية المتعددة الأشكال.

يقع ساروق الحديد داخل سلسلة من الكثبان الرملية في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة «سيح حفير» المترامية الأطراف، ويشكل حلقة من سلسلة من المواقع الأثرية تتوزع على الطريق التي تربط بين واحة العين ومدينة أبوظبي. شرعت «دائرة التراث العمراني والآثار» التابعة لبلدية دبي في استكشاف أوّلي للموقع في عام 2002، وتعاقدت مع بعثة تابعة لـ«دائرة الآثار العامة في الأردن» لإجراء التنقيبات التمهيدية. تواصلت أعمال هذه البعثة على مدى خمس حملات، وتبيّن معها سريعاً أن سطح الموقع يحوي كميات كبيرة من خَبَث المعادن، ومجموعات عدّة من اللقى، منها القطع النحاسية والحديدية، والكسور الفخارية والحجرية، إضافة إلى قطع متنوعة من الحلي والخرز والأصداف. شهد ثراء هذه الغلّة لأهمية الموقع الاستثنائية في ميدان الإمارات الأثري خلال العصر الحديدي، ودفع السلطة الحاكمة إلى التعاون مع عدد من البعثات الغربية لاستكمال هذه المهمة بشكل معمّق.

أجرت مؤسسة «محمية دبي الصحراوية» بالتعاون مع مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري سلسلة من التنقيبات بين عامي 2008 و2009، أشرف عليها فريق من البحاثة الأميركيين، وتبيّن أن الموقع يعود إلى تاريخ موغل في القدم، وأن هويته تبدّلت خلال 3 آلاف سنة. تواصلت أعمال البحث مع وصول بعثات جديدة، منها بعثة أسترالية تابعة لـ«جامعة إنجلترا الجديدة»، وبعثة إسبانية تابعة لـ«معهد سانسيرا للآثار»، وبعثة بولونية تابعة لـ«المركز البولندي للآثار في منطقة البحر الأبيض المتوسط في جامعة وارسو». اتضحت صورة التطوّر التاريخي للموقع، وشملت 3 مراحل متعاقبة. كان الموقع في البدء واحة استقرّ فيها رعاة رحّل، ثم تحوّل في مرحلة لاحقة إلى مركز ديني حملت آثاره صورة الأفعى بشكل طاغٍ، كما في مواقع أخرى متعددة في شبه جزيرة عُمان. تطوّر هذا المركز بشكل كبير في مرحلة ثالثة، وتحوّل إلى مركز تجاري كبير تتقاطع فيه طرق الجزيرة العربية مع الطرق الخارجية. حوى هذا المركز محترفات لصناعة المعادن ومعالجتها، وضمّ على ما يبدو محترفات خُصّصت لمعالجة الذهب والفضة والبرونز والرصاص، كما ضمّ ورشاً لتصنيع الخرز، وتشهد لهذا التحوّل مجموعات اللقى المتعددة التي خرجت من الموقع بعد استكشاف جزء صغير من مساحته التي تبلغ نحو 2 كيلومتر مربّع.

دخل جزء من هذه المجموعات الأثرية إلى متحف خاص افتُتح في صيف 2016 في منطقة الشندغة في بر دبي. حلّ هذا المتحف في بيت من الطراز التقليدي شيّده الشيخ جمعة بن مكتوم آل مكتوم في أواخر عشرينات القرن الماضي، وتحوّل هذا البيت الكبير إلى «متحف ساروق الحديد»، بعد تجهيزه وفقاً لأحدث الطرق. تحوي هذه المجموعات الأثرية المتنوّعة مجموعة استثنائية من القطع المصنوعة بالذهب، وهي قطع منمنمة، منها قطع من الذهب الخالص، وقطع من معدن الإلكتروم المطلي بالذهب، والمعروف أن الإلكتروم سبيكة طبيعية المنشأ، تجمع بين الذهب والفضة، مع بعض كميات صغيرة من الرصاص والمعادن الأخرى.

تتألف هذه الذهبيات من مجموعات عدة، منها مجموعة كبيرة القطع الدائرية، تتكون كل منها من حبيبات متلاصقة، لُحم بعضها بجانب بعض في حلقة أو حلقتين. تختلف أعداد الحبيبات بين حلقة وأخرى، كما تختلف صورة كتلتها، والجزء الأكبر منها كروي الشكل، وبعضها الآخر مضلع. ونقع على قطع محدودة تأخذ فيها أشكالاً مغايرة، منها العمودي على شكل شعاع، ومنها البيضاوي على شكل البتلة. احتار البحاثة في تحديد وظيفة هذه القطع الدائرية، ويرى البعض أنها كانت تُستعمل لتشكيل عقود الزينة، ويرى البعض الآخر أنها صُنعت لتطريز الألبسة. إلى جانب هذه المجموعة الكبيرة من الحلقات الدائرية، تحضر مجموعة أخرى كبيرة تتألف من قطع على شكل قرني ثور، ووظيفتها غير محدّدة كذلك، والأرجح أنها استعملت كأقراط أو خزامة في الأنف. تختلف هذه القطع المنمنمة في الحجم، كما تختلف في دقة الصناعة، وأجملها قطعة يتدلّى منها تاج على شكل جرس صيغ برهافة كبيرة.

تأخذ هذه الذهبيات طابعاً تجريدياً، وتخرج عن هذا الطابع في حالات معدودة، كما في قطعتين مستطيلتين تحمل كل منهما صورة ناتئة لحيوان يظهر بشكل جانبي. تمثل إحدى هاتين الصورتين أرنباً يعدو على أربع، وتمثل الأخرى غزالاً يقف ثابتاً. ونقع على قطعة تأخذ شكل تمثال صغير يمثّل حيواناً من فصيلة السنوريات يظهر بشكل مختزل للغاية. قطعة مماثلة تمثل ثعباناً مرقطاً، وتشابه هذه القطعة في تكوينها القطع المعدنية الثعبانية التي خرجت بأعداد كبيرة من مواقع أثرية مختلفة في الإمارات العربية المتحدة كما في سلطنة عُمان.

أثبتت الدراسات العلمية أن هذه الذهبيات محلية، وهي نتاج صناعة راجت في هذه البقعة من الجزيرة العربية خلال الألف الأول قبل الميلاد. وربط البعض بين هذه البقعة وبين بلاد أوفير التي تردّد ذكرها في التوراة، واحتار المفسّرون في تحديد موقعها. يتحدث «سفر الملوك الأول» عن «سفن حيرام التي حملت ذهباً من أوفير، أتت من أوفير بخشب الصندل كثيراً جداً وبحجارة كريمة» (10: 11). ويتحدّث «سفر أخبار الأيام الأول» عن «ثلاثة آلاف وزنة ذهب من ذهب أوفير، وسبعة آلاف وزنة فضة مصفاة» (29: 4). كما يتحدث «سفر أخبار الأيام الثاني» عن سفن حلت في أوفير، وحملت منها «أربعمائة وخمسين وزنة ذهب» إلى الملك سليمان (8: 18).

نقرأ في «سفر المزامير»: «جعلت الملكة عن يمينك بذهب أوفير» (45: 9). وفي «سفر إشعيا»: «واجعل الرجل أعز من الذهب الإبريز، والإنسان أعز من ذهب أوفير» (13: 12).