بيدرسن يدخل على خط درعا... ودعوات محلية لـ«لامركزية إدارية»

اجتماع بين ممثلي جنوب سوريا والمبعوث الأممي بانتظار جهود الوسيط الروسي

تعزيزات «الفرقة الرابعة» في مدينة درعا أواخر شهر يوليو الماضي (الشرق الاوسط )
تعزيزات «الفرقة الرابعة» في مدينة درعا أواخر شهر يوليو الماضي (الشرق الاوسط )
TT

بيدرسن يدخل على خط درعا... ودعوات محلية لـ«لامركزية إدارية»

تعزيزات «الفرقة الرابعة» في مدينة درعا أواخر شهر يوليو الماضي (الشرق الاوسط )
تعزيزات «الفرقة الرابعة» في مدينة درعا أواخر شهر يوليو الماضي (الشرق الاوسط )

عقدت قوى سياسية ومدنية ولجان التفاوض في درعا اجتماعاً مع المبعوث الأممي غير بيدرسون، أمس، لبحث التطورات العسكرية في مدينة درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا والوضع الإنساني السيئ في المدينة، بعد حصارها من قبل قوات الفرقة الرابعة لأكثر من شهر، وسط مناشدات إنسانية أطلقها سكان مدينة درعا لـ«فك الحصار عن المدينة»، والإعلان عن توقف الفرن الوحيد في المدينة عن إنتاج مادة الخبز بسبب نفاد كامل مخصصات الطحين فيه، فضلاً عن عدم توفر النقاط والمستلزمات الطبية والأدوية، وانقطاع الكهرباء ومياه الشرب، ومنع دخول المواد الغذائية إلى المدينة.
وقالت مصادر محلية إن مجهولين استهدفوا، ظهر الاثنين، سيارة نقل طعام عسكرية تابعة للفرقة 15 في قوات النظام السوري، عبر إطلاق النار المباشر عليها على الطريق الواصل بين كحيل وصيدا في ريف درعا الشرقي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من عناصر قوات النظام.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وثّق، في 5 من الشهر الجاري، مقتل عنصر في قوات النظام وإصابة 6 آخرين بينهم ضابط، جراء استهداف سيارة عسكرية واحدة على الأقل صباح يوم الخميس، بالرصاص من قبل مسلحين على الطريق الواصلة بين ناحتة وبصر الحرير شرقي درعا.
ورغم الوعود الروسية للجان المركزية في حوران بوقف العمليات العسكرية في درعا والعودة إلى الحلول السلمية، لم يُعلن عن اتفاق نهائي بين الأطراف، وسط ترقب حذر سيد الموقف في عموم محافظة درعا جنوب سوريا، وخوف بين المدنيين من انهيار اتفاق التسوية في المنطقة، الذي حدث عام 2018، وعودة الأعمال العسكرية إلى المنطقة الجنوبية.
ويرى ناشطون في درعا أن النظام السوري «بات يستخدم سياسة جديدة في مناطق التسويات، جنوب سوريا، مع صمت الضامن الروسي، وتعرض مناطق التسويات مثل مدينة درعا البلد والمناطق المحيطة بها (طريق السد والمخيم) للقصف، إضافة إلى مناطق ريف درعا الغربي العجمي وجاسم وطفس والمزيريب واليادودة»، واعتبروا أن «سياسة النظام الجديدة تعتمد على عودة التخويف والترهيب في مناطق التسويات جنوب سوريا، بعدما ابتعدت عنها المعارك والقصف والتصعيد العسكري، فجلبت قوات من الفرقة الرابعة إلى درعا منذ 6 أشهر كقوات دائمة في المحافظة، واتخذت مراكز ونقاطاً دائمة وكبيرة لها في مناطق التسويات مثل منطقة الري القريبة من مناطق التسويات غربي درعا أبرزها طفس واليادودة والمزيريب وهي مناطق شهدت عمليات اغتيال لقادة وعناصر سابقة في المعارضة واستهدافاً لقوات النظام السوري، ومركز دائم في منطقة الضاحية بمدينة درعا المحطة، لتنفيذ أي مهمات توكل لها في مناطق التسويات، أي أن النظام السوري اعتبر تمركز قوات الفرقة الرابعة كأنها شرطي على مناطق التسويات جنوب سوريا، وردع المنطقة عن القيام بأفعال مناهضة للنظام السوري، ومؤخراً أضاف النظام السوري إلى سياسته في مناطق التسويات العودة إلى القصف واستهداف المناطق التي تستهدف عناصره ومقراته في المنطقة».
ويرى ناشطون أن «سياسة النظام الجديدة تهدف إلى إعادة تفعيل دوره في هذه المناطق التي كانت سيطرته عليها منذ عام 2018 سيطرة شكلية، ومنها مناطق لم تدخلها قوات النظام قط رغم دخولها ضمن مناطق اتفاق التسوية، منعته هذه السيطرة الشكلية من فرض رغباته وكتم المناهضين له، خاصة بعد أن كثر خلال السنوات الماضية من التسوية عمليات استهداف عناصر وحواجز قوات النظام السوري في مناطق التسويات في درعا من قبل مجهولين، وخروج المظاهرات، واستهداف شخصيات مدنية كانت محسوبة على المعارضة، وعناصر وقادة سابقين في فصائل المعارضة جنوب سوريا لقوا مصرعهم بعمليات اغتيال، ويبقى الفاعل مجهولاً في كل الحالات». وكان من المفترض عقد اجتماع بين اللجنة المركزية للتفاوض في درعا البلد يوم الأحد مع وفد روسي جديد وصل إلى محافظة درعا، تابع لهيئة الأركان الروسية في مدينة درعا، لكن لم يعقد الاجتماع الذي يعول عليه كثيرون.
وتناقل عدد من صفحات التواصل الاجتماعي بياناً نُسب إلى «عشائر حوران» يتضمن دعوة إلى «لا مركزية إدارية في درعا جنوب سوريا». وذكر البيان: «مَن يحكم في العالم لا يديره وإنما يترك القضايا الإدارية للسكان وممثليهم المحليين»، وأن «التجربة في درعا قبل عودة سيطرة النظام على المحافظة أثبتت أن إدارة السكان لمناطقهم قادرة على تحقيق التنمية والعدالة بشكل أفضل وأعم، وأدت إلى نتائج إيجابية». ودعا البيان إلى «الانتقال السلمي للسلطة في سوريا وفق القرارات الدولية، خاصة القرار 2254»، واعتبر أنهم «في حوران يسعون لأن تكون سوريا لكل السوريين، وأن تكون دولة مدنية ديمقراطية يمارس الجميع فيها حرياتهم وفقاً لقوانين حقوق الإنسان العالمية، ليس كما يريدها النظام الحاكم مزارع مافيوية»، بحسب ما جاء في البيان.
واعتبرت صحيفة «الوطن» الموالية للسلطات، أن البيان المنسوب لـ«عشائر حوران» تبدو فيه «نيات انفصالية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».