«لا تعودوا... نحن نريد الرحيل» نصيحة سورية من الداخل إلى الخارج

تقرير حقوقي يستطلع الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد

TT

«لا تعودوا... نحن نريد الرحيل» نصيحة سورية من الداخل إلى الخارج

«لا تعودوا، نحن نريد الرحيل»، نصيحة قدمها سوريون في الداخل إلى اللاجئين في الخارج، حيث تتزايد بسرعة نية الرحيل عن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، بحسب أحدث تقرير صادر عن الرابطة السورية لكرامة المواطنين.
يلخص التقرير المؤلف من 83 صفحة نتائج 533 مقابلة أجريت مع سوريين يعيشون في مناطق النظام. ويؤكد عدد كبير من السوريين يراوده شعور بعدم الأمان، خاصة أن مفهوم الأمان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتهديد الذي تشكله المنطقة حسب تصور النظام. ويفتقد الأشخاص الذين أُجبروا على العودة إلى مناطق تخضع لسيطرة النظام بعد أن نزحوا منها أو من خلال «المصالحة» إلى الشعور بالأمان، وينتابهم شعور شديد بالخوف في حياتهم اليومية.
أما شعورهم بـ«انعدام الأمان»، فيأتي نتاجاً لأحداث شاهدوها أو عايشوها على نحو مباشر. وتشير التقديرات إلى أن نحو 50 في المائة من سكان المناطق التي يسيطر عليها النظام لا يشعرون بالأمان، بمن فيهم أولئك الذين لم يغادروا قط. كما أن 67 في المائة من العائدين من خارج سوريا لا يشعرون بالأمان، وأولئك في مناطق المصالحة يخشون الأسوأ، مع 94 في المائة منهم يقولون، إنهم لا يشعرون بالأمان. وتوعز الغالبية شعورهم بالافتقار إلى الأمان إلى قبضة السلطات الأمنية والخوف من تفشي غياب الأمن وانتشار الجريمة.
وتعتبر «مناطق المصالحة الأسوأ». وفي مسح مماثل أُجري عام 2019، كان لدى نحو 48 في المائة من المشاركين نية مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، في حين ارتفعت النسبة إلى 68 في المائة عام 2020. وفي المناطق التي يسيطر عليها النظام منذ عام 2011، ارتفعت النسبة من 23 في المائة عام 2019 إلى 47 في المائة عام 2020. وتتماشى هذه الأرقام مع تلك الواردة بالتفصيل في تقرير المجلس النرويجي للاجئين الصادر مارس (آذار) 2021، والذي توقع أن تشهد سوريا نزوح 6 ملايين لاجئ آخرين في العقد المقبل حال استمرار الصراع وقمع النظام، حسب التقرير.
وكما هو الحال عام 2019، فإن الأسباب الرئيسية التي ذكرها المشاركون لمغادرة سوريا تتعلق بالأحوال الأمنية والاقتصادية والمعيشية؛ ما يعني أن هذه القضايا الرئيسية الأكثر أهمية للمواطنين - وهي الأسباب الرئيسية لنزوحهم - لم يجرِ التعامل معها على النحو المناسب حتى الآن.
من ناحيتها، قالت هدى الأتاسي، عضو مجلس أمناء الرابطة السورية لكرامة المواطنين «يجب أن يصبح تأسيس بيئة آمنة لجميع السوريين محور اهتمام العملية السياسية، وعلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى سوريا أن يدفع هذا الأمر إلى رأس الأجندة السياسية المتعلقة بسوريا خلال الأشهر المقبلة».
وتتضمن النتائج الرئيسية الأخرى للتقرير حقيقة أن المحتجزين وعائلاتهم اليائسة يواجهون حالة من عدم اليقين ويتزايد استهدافهم بالابتزاز. وذكر 72 في المائة من أفراد العينة الذين شملهم الاستطلاع والذين لديهم أقارب محتجزون، أنه طُلب منهم مال أو أنهم دفعوا أموالاً بالفعل مقابل الحصول على معلومات حول مكان وجود المعتقل. وذكر 60 في المائة منهم، أن ذلك كان مقابل وعود بالإفراج عن المعتقل. ولا تعرف العائلات مكان احتجاز أحبائهم في 53 في المائة من الحالات، ولا يمكنهم زيارتهم في 71 في المائة من الحالات.
في هذا الصدد، قال فادي نزهات، أمين الرابطة السورية لكرامة المواطنين «ضمانات النظام السوري والروسي لا تعني شيئاً من الناحية العملية، فلا تزال حملات الاعتقال والإخفاء القسري مستمرة، بما في ذلك أولئك الذين تشملهم ما يطلق عليه (اتفاقيات المصالحة) والذين شملهم عفو النظام».
وأعربت نسبة هائلة من المشاركين بلغت 97 في المائة في عامي 2019 و2020، عن أن مستويات الفساد مرتفعة أو مرتفعة للغاية في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
فيما يتعلق بمسألة مغادرة مناطق سيطرة النظام، أظهر الاستطلاع الجديد أن عدداً أقل من السوريين الذين يعيشون في مناطق المصالحة والمحليات التي يسيطر عليها النظام يوصون السوريين الآخرين بالعودة. عام 2019، أوصى ما يقرب من 12 في المائة من المشاركين من مناطق المصالحة سوريين آخرين بالعودة. وانخفضت هذه النسبة إلى 4 في المائة في مثال آخر للفشل الذريع لروسيا والنظام في مناطق المصالحة. ولوحظ اتجاه مماثل في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام المستمرة منذ عام 2011، ذلك أنه أوصى 50 في المائة من المشاركين بعودة السوريين عام 2019. لكن 21 في المائة فقط فعلوا ذلك عام 2020؛ ما يعكس تدهوراً واضحاً في الأوضاع العامة.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.