منظمة بدر: إيران تدعمنا بالاستشارات لا بالتسليح.. وسليماني مخطط استراتيجي

ردا على كشف مسؤول عراقي عن شراء بغداد أسلحة من طهران بقيمة 10 مليارات دولار

منظمة بدر: إيران تدعمنا بالاستشارات لا بالتسليح.. وسليماني مخطط استراتيجي
TT

منظمة بدر: إيران تدعمنا بالاستشارات لا بالتسليح.. وسليماني مخطط استراتيجي

منظمة بدر: إيران تدعمنا بالاستشارات لا بالتسليح.. وسليماني مخطط استراتيجي

نفى المتحدث العسكري باسم الحشد الشعبي والقيادي في منظمة بدر، كريم النوري، صحة ما نقل عن مسؤول عراقي قوله إن «إيران جهزت العراق بأسلحة وذخائر بقيمة 10 مليارات دولار».
وقال النوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «هذا الكلام غير صحيح لأن إيران لا تزال مشمولة بالعقوبات المفروضة عليها من قبل الأمم المتحدة، وبالتالي فإن العراق ملتزم بهذه العقوبات وحتى بافتراض أراد شراء أسلحة من إيران فإنها ستكون معروفة وبالتالي سيكون العراق قد خرق القرارات الدولية»، مضيفا أنه «حتى لو أرادت إيران تقديم أسلحة أو ذخائر إلى العراق دون مقابل مادي فإنها هي الأخرى ستكون مكشوفة للأميركيين الذين يعرفون كل شيء ولديهم مستشارون في العراق أضعاف ما هو موجود من مستشارين إيرانيين في العراق».
وأوضح النوري: إن «المسألة الأخرى المهمة هي الجبهة وطبيعة الأسلحة الموجودة فيها حيث لم نتسلم نحن كحشد شعبي أو قوات أمنية أخرى نقاتل معها جنبا إلى جنب أي قطعة سلاح إيرانية». وردا على سؤال بشأن ما يقال عن قيام إيران من خلال الجنرال قاسم سليماني بالإشراف المباشر على الحشد الشعبي تسليحا وتجهيزا بمعزل عن القوات العراقية الأخرى، قال النوري: «أود القول إن الحشد الشعبي بكل فصائله يعمل تحت إشراف الحكومة العراقية المباشر وبالذات القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي الذي نتلقى منه التعليمات وكذلك الأسلحة وكل ما يأتينا من أسلحة ومساعدات إنما يأتي عن طريق الحكومة»، نافيا في الوقت نفسه وجود غطاء جوي إيراني «لأن الحكومة العراقية ومثلما أبلغت الأميركيين بعدم الحاجة إلى غطاء جوي من قبل طيران التحالف لعمليات صلاح الدين فإنها لم تطلب من إيران غطاء جويا وبالتالي فإن الوجود الإيراني في عمليات صلاح الدين مبالغ فيه لأنه استشاري فقط».
وبسؤاله حول الوجود الفعلي للجنرال سليماني في العراق وما إذا كان يمكن لجنرال بهذا المستوى أن يقبل بدور المستشار حاله حال المستشارين الآخرين، بمن فيهم الأميركيون، قال النوري: إن «الإيرانيين الموجودين معنا، بدءا من سليماني وإلى أصغر مستشار دورهم كما قلنا ونقول الآن ليس أكثر من استشاري غير أن لسليماني ميزة مهمة وهي أنه يمتلك خلفية بشأن مكافحة الإرهاب وهو ما كان له تأثير كبير في سير المعارك التي تشاهدونها الآن وكيف كسرت شوكة (داعش) بسرعة»، موضحا أن «دور المستشارين الإيرانيين في المعركة لا يلغي أبدا دور المستشارين الآخرين، لكني أؤكد هنا أنه لا يوجد معنا مقاتلون أجانب سواء كانوا إيرانيين أو غير إيرانيين».
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول عراقي، لم تسمه، قوله إن «إيران باعت إلى العراق ما قيمته 10 مليارات دولار من الأسلحة والمعدات العسكرية، غالبيتها أسلحة لحرب المدن مثل البنادق الهجومية والرشاشات وقاذفات الصواريخ». ونقلت الوكالة عن هادي العامري، زعيم منظمة بدر الذي يقود الحشد الشعبي في صلاح الدين، أن الدعم الإيراني «غير مشروط»، محذرا الحكومة العراقية من تعريض سيادة العراق للانتهاك كثمن لقبول الأسلحة والمساعدة من الولايات المتحدة، ملمحا إلى أن الحكومة العراقية تتلقى التعليمات من واشنطن.
في السياق نفسه، أكد مسؤول عراقي رفيع المستوى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه أو هويته أن «المعلومات التي لديه تؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية غضت النظر بعد تمدد (داعش) عن أسلحة تأتي من إيران إلى العراق خارج إطار العقوبات الدولية». وأضاف أنه «في الوقت الذي لا أستطيع أن أحدد كمية ونوعية الأسلحة أو الذخائر الإيرانية لكن العراق تسلمها وقد استخدمت في المعارك، وهو ما أشار له مسؤولون عراقيون كبار سواء في بغداد أو حكومة إقليم كردستان بشأن الدعم الإيراني». وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الأسلحة مجانا أو عبر مقابل مادي حيث يقال إن قيمتها بلغت 10 مليارات دولار، قال المسؤول العراقي «بعض الأسلحة التي تم تسلمها من الجانب الإيراني كانت بأسعار مخفضة وقسم كبير منها دون مقابل مادي».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.