احتجاجات ضد فصل طبيب في الشمال السوري بقرار تركي

لم تتم العودة للنقابة أو لرئيس الأطباء السوريين

من مظاهرة مدينة مارع شمال حلب تضامناً مع د. حجاوي (الشرق الأوسط)
من مظاهرة مدينة مارع شمال حلب تضامناً مع د. حجاوي (الشرق الأوسط)
TT

احتجاجات ضد فصل طبيب في الشمال السوري بقرار تركي

من مظاهرة مدينة مارع شمال حلب تضامناً مع د. حجاوي (الشرق الأوسط)
من مظاهرة مدينة مارع شمال حلب تضامناً مع د. حجاوي (الشرق الأوسط)

شهدت مدينة مارع شمال حلب «خاضعة للنفوذ التركي والفصائل الموالية لتركيا»، مظاهرة شعبية حاشدة شارك فيها عدد كبير من الأطباء والناشطين والمدنيين، أمام مشفى مارع الوطني، احتجاجاً على القرار الصادر عن إدارة مشفى مارع ورئيس الأطباء التركي، بفصل الطبيب عثمان حجاوي من عمله في المشفى، ومنعه من ممارسة عمله الطبي في جميع المناطق المحررة.
وطالب المحتجون، بإلغاء القرار الذي استند لقضية شخصية، مطالبين، بإعادة الطبيب إلى عمله في أسرع وقت، وهددوا باستمرار المظاهرات والاحتجاجات استنكاراً على القرار الذي وصفوه بالتعسفي.
وقال مصدر طبي خاص في مشفى مارع بريف حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن إدارة مشفى مارع فصلت يوم السبت، الدكتور حجاوي، على خلفية وقوفه إلى جانب الطبيب رافعي العلوان، بعد تعرضه للإهانة من قبل ممرض تركي يدعى علي رضا يعمل في طاقم المشفى. وأضاف، أن قرار الفصل، تم بتوقيع من رئيس الأطباء في المشفى ويدعى (Erol TEKÇE)، وإدارة المشفى، بينما لم يتم التوقيع على القرار من قبل رئيس الأطباء السوريين، باعتباره المسؤول عن ذلك، فيما نص القرار على منع الطبيب حجاوي، من مزاولة عمله في عموم المشافي الموجودة بالشمال السوري، سواء التركية أو المدعومة من قبل المنظمات الإنسانية.
من جهتها، أكدت «نقابة أطباء حلب الحرة»، أن قرار فصل الدكتور عثمان حجاوي، من مشفى مارع، لم يستند إلى أي سبب قانوني أو إداري، معتبرة أنه «فصل تعسفي»، في وقت أعلن عدد من أطباء المشفى، تضامنهم مع زميلهم ضد القرار، مطالبين إدارة المشفى بالتراجع عن القرار المذكور. وفي بيان للنقابة، طالبت بالتراجع عن القرار التعسفي، «وأن يعاد الاعتبار للطبيب المفصول»، ورأت تشكيل لجنة من مجلس النقابة لزيارة المشفى والوقوف على الموضوع والإسراع في حله.
كما طالبت النقابة بألا يتكرر هذا الأمر في أي من مشافي الشمال السوري المحرر، إلا بوجود سبب قانوني، والرجوع للنقابة قبل صدور القرار، حرصاً على أي طبيب يعمل في هذه المناطق، في ظروف هي الأخطر في العالم، والسعي إلى المحافظة على الكوادر الطبية والدفاع عن حقوقها، واعتبارها رمزاً من رموز البقاء والصمود في هذه المناطق. في الأثناء أصدر عدد من الأطباء العاملين في مشفى مدينة مارع، بياناً مشتركاً أعلنوا فيه اعتراضهم على الفصل التعسفي للدكتور عثمان حجاوي، وقدموا اعتراضهم على عدة نقاط تضمنها بيان إدارة المشفى.
في شأن آخر، قُتل أربعة أطفال من عائلة واحدة بقصف مدفعي مصدره قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها، مساء (السبت)، على منطقة شمال غربي البلاد، تضم آخر معقل لفصائل المعارضة السورية المسلحة، وأبرزها (هيئة تحرير الشام)، كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، وناشطون (الأحد).
وقال المرصد: إنه «قُتل أربعة أطفال جميعهم من عائلة واحدة إثر قصف قوات النظام بالمدفعية الثقيلة لمنازل المدنيين في بلدة قسطون بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي»، بمحاذاة محافظة إدلب، بالإضافة إلى إصابة 5 مدنيين آخرين بجروح خطيرة وحروق بليغة، وقد عملت فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) على إنقاذهم وانتشالهم من تحت الأنقاض وإسعافهم إلى المشافي. وقال ناشطون إن قذائف المدفعية التي استهدفت المكان «هي قذائف فوسفورية محرمة دولياً»، مصدر إطلاقها معسكر جورين في سهل الغاب، الذي يعد أكبر تجمع عسكري لقوات النظام في تلك المنطقة، ويضم راجمات صواريخ وعدداً كبيراً من الدبابات والمدافع الثقيلة، بالإضافة إلى انتشار قواعد صواريخ بمحيطه تعمل على استهداف أي حركة لمدنيين ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، في أقصى الريف الغربي والشمالي لمحافظة حماة.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.