أزمة مالية حادة في الحكومة الفلسطينية

في ظل غياب المساعدات الخارجية للسلطة

الدفاع المدني يخمد حرائق اندلعت مؤخرا قرب رام الله (وفا)
الدفاع المدني يخمد حرائق اندلعت مؤخرا قرب رام الله (وفا)
TT

أزمة مالية حادة في الحكومة الفلسطينية

الدفاع المدني يخمد حرائق اندلعت مؤخرا قرب رام الله (وفا)
الدفاع المدني يخمد حرائق اندلعت مؤخرا قرب رام الله (وفا)

تواجه الحكومة الفلسطينية أزمة مالية حادة في ظل غياب المساعدات الخارجية وتصاعد أزمة الضرائب مع إسرائيل، حسبما حذر مسؤولون فلسطينيون.
ولم تحدد الحكومة أي موعد لصرف رواتب موظفيها في القطاع العام، علماً بأنه عادةً ما يتم صرفها قبل اليوم الرابع من كل شهر. وصرح مسؤولون فلسطينيون، أمس (الأحد)، بأن الحكومة تعاني من أزمة مالية خانقة وقد واجهت صعوبات كبيرة في تأمين رواتب شهر يونيو (حزيران) الماضي. وأرجع المسؤولون الصعوبات إلى ثلاثة أسباب رئيسية: انخفاض الضرائب المحلية نتيجة أزمة جائحة «كورونا»، وانخفاض المساعدات الخارجية، وارتفاع القروض من البنوك المحلية.
وتتوقع السلطة الفلسطينية عجزاً بقيمة مليار دولار في نهاية العام الجاري، استناداً إلى معطيات رسمية. ومؤخراً قدّرت الحكومة الفلسطينية إجمالي نفقاتها للعام 2021 بنحو 6.‏5 مليار دولار، مقابل إيرادات بنحو 6.‏4 مليار دولار. ورغم أن السلطة توقعت أن تبلغ المساعدات الخارجية 210 ملايين دولار في النصف الأول من العام الجاري، فإنها تسلمت فعلياً 30 مليون دولار فقط وفق ما أعلنت مؤخراً.
وذكرت صحيفة «الحياة الجديدة» الرسمية، أن العائدات الضريبية الفلسطينية تعرضت لمزيد من «القرصنة» من إسرائيل التي اقتطعت الشهر الماضي نحو 35 مليون دولار، بذريعة دفع مخصصات الأسرى وعائلات القتلى. وبدأت إسرائيل عمليات اقتطاع من الضرائب التي تجبيها نيابةً عن السلطة الفلسطينية منذ عام 2019 بموجب قانون أقره الكنيست الإسرائيلي إبان إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وأشارت الصحيفة إلى التوقف شبه التام في المساعدات الدولية المقدمة للحكومة الفلسطينية، في ظل غياب للمساعدات والمنح الدولية بشكل لم يسبق له مثيل منذ قرابة عقدين.
وأفاد تقرير سلطة النقد الفلسطينية حول «تطورات مالية الحكومة»، بأن «السلطة لم تتلقَّ خلال الربع الأول من العام الجاري أي منح أو مساعدات خارجية تقريباً». ووفقاً للتقرير ذاته، فإن أموال الضرائب غطّت خلال الربع الأول ما نسبته 56% من النفقات المستحقة، و116% من فاتورة الرواتب والأجور المستحقة. وبدا لافتاً أن المساعدات المعتادة للسلطة الفلسطينية متوقفة من دول عربية، كان الدعم الذي تقدمه تقليداً ثابتاً في سياستها الخارجية. وعانت السلطة الفلسطينية مؤخراً من تدهور في علاقاتها الخارجية، لا سيما مع الاتحاد الأوروبي الممول الأكبر لها في ظل انتقاده الشديد لعدم إجراء انتخابات فلسطينية عامة منذ عام 2006.
وقالت وكالة الأنباء الألمانية إنه من المقرر أن يجتمع رئيس الوزراء محمد أشتية في مدينة رام الله، أمس (الأحد)، مع أعضاء المجلس الثوري لحركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبحث أزمات الحكومة. وقال عضو المجلس الثوري لـ«فتح» إياد صافي، للإذاعة الفلسطينية الرسمية، إن الاجتماع سيتناول بحث التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، والمخاطر التي تواجه الحكومة في ظل الأزمات التي ألمّت بها.



اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».