بوتين يستعرض عضلاته في سوريا في اختبار لزعيم إسرائيل الجديد

الهدف انتزاع تعهدات من بنيت بالتنسيق مع الروس

آخر لقاء لبوتين - نتنياهو عام 2020 في موسكو للتنسيق في سوريا (أ.ب)
آخر لقاء لبوتين - نتنياهو عام 2020 في موسكو للتنسيق في سوريا (أ.ب)
TT

بوتين يستعرض عضلاته في سوريا في اختبار لزعيم إسرائيل الجديد

آخر لقاء لبوتين - نتنياهو عام 2020 في موسكو للتنسيق في سوريا (أ.ب)
آخر لقاء لبوتين - نتنياهو عام 2020 في موسكو للتنسيق في سوريا (أ.ب)

تسعى روسيا إلى استغلال تغيير الحكومة في إسرائيل، لتأكيد بعض السيطرة على العمليات العسكرية ضد أهداف على أراضي حليفتها سوريا. فحتى الآن، أبقى الكرملين على التحول، خطابياً في الغالب، غير راغب في المخاطرة بمواجهة عسكرية مع إسرائيل.
لكن بعد سنوات من التسامح مع الضربات الإسرائيلية في سوريا في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، فإن موسكو تبدو حريصة على فعل المزيد لدعم الرئيس السوري بشار الأسد بحكومة جديدة في القدس، حسب تقرير لـ«بلومبرغ». تقول الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط إلينا سوبونينا، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «غير ملزم بأي تفاهمات سابقة» مع نتنياهو، وتضيف أن روسيا تريد من إسرائيل تقييد ضرباتها في سوريا «وتنسيق الجهود ضد الجماعات الإرهابية».
من الواضح أن من شأن علاقة أكثر توتراً أن تهدد بإشعال التوترات السياسية بين بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، الذي خلف نتنياهو في يونيو (حزيران). وقد زادت ثقة روسيا في مكانتها في الشرق الأوسط، منذ التدخل العسكري عام 2015 لدعم الأسد ضد معارضيه، وفي حين أن إسرائيل تمنح موسكو بشكل روتيني إشعاراً قصيراً بالضربات لتجنب إلحاق الضرر بالعاملين الروس في سوريا، فإنها لا تسعى للحصول على إذن للقيام بأعمال عسكرية.
وذكر شخص مقرب من وزارة الدفاع في موسكو، طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لسرّية الأمر، أن روسيا قد تكثف تدريب أطقم الدفاع الجوي السورية، للحد من الضربات الجوية الإسرائيلية ضد الميليشيات المدعومة من إيران. وقال شخص آخر في موسكو مطّلع على الأمر، إن الهدف هو انتزاع تعهدات من بنيت لتنسيق الإجراءات الإسرائيلية مع الجيش الروسي.
وقد حدث أن اشتبكت الدولتان بشأن سوريا من قبل. ففي عام 2018 وعلى الرغم من الاعتراف بأن الدفاعات الجوية السورية أسقطت طائرة روسية، أسفرت عن مقتل 15 جندياً، فقد ألقى بوتين باللوم على إسرائيل في الحادث لأن طائراته كانت تهاجم أهدافاً في سوريا في ذلك الوقت. رداً على ذلك، نقلت روسيا أنظمة متقدمة مضادة للطائرات إلى سوريا. وليس هناك ما يشير إلى أن مهام إسرائيلية تتعرض للعراقيل الآن، فبينما زعمت وزارة الدفاع في موسكو أن أنظمة الدفاع الجوي السورية التي قدمتها روسيا، أحبطت ثلاث هجمات إسرائيلية، مؤخراً، ردت إسرائيل ومصادر أخرى بأن هذا غير صحيح.
وقال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي: «سنواصل قصف الأهداف الإيرانية في سوريا»، مضيفاً أن هذا كان أحد إنجازات إسرائيل ضد إيران في السنوات الأخيرة ولن نتراجع عنها. وتسببت المزاعم الروسية في انتقادات من معارضي بنيت، بسبب تنفيذه اتفاقاً غير رسمي مع روسيا، يسمح للدولة العبرية، بضرب الميليشيات في سوريا مع تجنب الصراع مع قوات الأسد. وقد رفض متحدثون باسم رئيس الوزراء ووزارة الدفاع الإسرائيلية، التعليق، بينما قال السفير الإسرائيلي لدى روسيا ألكسندر بن تسفي، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن تغيير الحكومة «لن يكون له أي تأثير على علاقاتنا».
في السياق، قال بنشاس غولدشميت، الحاخام الأكبر لموسكو، وهو أيضاً رئيس مؤتمر الحاخامات الأوروبيين الذي لديه اتصالات في كلا البلدين، إن التوصل إلى اتفاقات سيكون تحدياً إلى أن يبني رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد علاقات شخصية مع بوتين. وتحادث بنيت وبوتين لأول مرة، بعد ثلاثة أسابيع من توليه رئاسة الوزراء، ولم يحددا موعداً للاجتماع بعد، علماً بأن نتنياهو، أجرى 13 مكالمة هاتفية والتقى ثلاث مرات مع بوتين خلال العامين الأخيرين له في منصبه، حسب موقع الكرملين على الإنترنت.
من جهته، استغلّ حزب الليكود المعارض الذي يتزعمه نتنياهو، الجدل الدائر، قائلاً إنه إذا كانت التقارير عن الجهود الروسية للحد من الإجراءات الإسرائيلية في سوريا صحيحة، «فإن الحكومة الفاشلة خسرت رصيداً استراتيجياً آخر كانت تتمتع به إسرائيل خلال حكومة نتنياهو». غير أن الدبلوماسي الروسي السابق الذي يرأس مركز أوروبا والشرق الأوسط الذي تموّله الدولة في موسكو، ألكسندر شوميلين، رأى أن التقارير الأخيرة في سوريا، «تتعلق بضغوط واهية على إسرائيل وليست خطوات حقيقية»، مشدداً على «أننا يمكن أن نتحرك في هذا الاتجاه. ومع ذلك، لا يوجد احتمال لأي مواجهة جدية مع الإسرائيليين».
وقال السفير الإسرائيلي السابق لدى روسيا، تسفي ماجن، الذي يعمل الآن باحثاً في معهد دراسات الأمن القومي، إن روسيا ستضطر لإخبار إسرائيل ما إذا كانت تريد إنهاء الاتفاق غير الرسمي. و«المحصلة النهائية هي أنه لم يتغير شيء. فروسيا تدرك أنها إذا أجرت التغيير بالقوة، فإن إسرائيل ستردّ بقوة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».