هل تنجح تدابير «المركزي» اليمني في إنقاذ العملة وتوحيد العمل المصرفي؟

موظف يحمل حزمة كبيرة من النقود في البنك المركزي اليمني بعدن (إ.ب.أ)
موظف يحمل حزمة كبيرة من النقود في البنك المركزي اليمني بعدن (إ.ب.أ)
TT

هل تنجح تدابير «المركزي» اليمني في إنقاذ العملة وتوحيد العمل المصرفي؟

موظف يحمل حزمة كبيرة من النقود في البنك المركزي اليمني بعدن (إ.ب.أ)
موظف يحمل حزمة كبيرة من النقود في البنك المركزي اليمني بعدن (إ.ب.أ)

شرع البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن منذ أكثر من أسبوع في اتخاذ عدد من التدابير التي يرمي منها إلى وقف تهاوي العملة المحلية وتوحيد السوق المصرفية المنقسمة بين مناطق سيطرة الشرعية والمناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
وفي الوقت الذي يسود فيه تفاؤل في الأوساط الاقتصادية بأن تؤدي تلك التدابير إلى تحسين أداء السوق المصرفية وإنهاء الانقسام في العملة، يرى مراقبون أن هذه التدابير وحدها لن تكون كافية لحمل الحوثيين على وقف حربهم الاقتصادية المعلنة ضد الحكومة الشرعية.
وكان أحدث هذه التدابير التي أقرها البنك المركزي أن طلب من المصارف التجارية والإسلامية العاملة في الجمهورية الإسراع بنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن وتقديم بيانتها إلى البنك في غضون 15 يوماً، مع تحذير المخالفين من مواجهة عقوبات.
وحمل البنك المصارف غير الملتزمة بتسليم بياناتها المالية، المسؤولية الكاملة عن أي تبعات قد تترتب على إدراجها في القائمة الرسمية وتصنيفها كبنوك غير ملتزمة والتي سيتم الإعلان عنها وإتاحتها لجميع الجهات المحلية والبنوك والمؤسسات المالية والمصرفية الخارجية والمنظمات الدولية الأخرى.
كما طلب البنك من كافة الشركات والمؤسسات التجارية المستوردة عدم تنفيذ أي عمليات مالية أو مصرفية ومنها فتح الاعتمادات والتحويلات مع البنوك التي سيتم إدراجها ضمن قائمة البنوك المصنفة كبنوك غير ملتزمة، كم أكد أنه «أنه سيتولى ترحيل مبالغ النقد الأجنبي الخاصة بالبنوك التجارية والإسلامية المرخص لها والملتزمة فقط، لتغذية أرصدة حساباتها لدى البنوك في الخارج، بهدف تغطية اعتماداتها وتحويلاتها لأغراض عمليات الاستيراد».
كما سبق أن قام البنك قبل أيام بضخ فئات من العملة النقدية لفئة «ألف ريال» من ذات الحجم الكبير الذي كان متداولاً في السوق قبل الانقلاب الحوثي، بالتزامن مع سعيه لسحب الأوراق ذات الحجم الصغير من ذات الفئة التي كان قام بطباعتها لتلبية الطلب على السيولة.
وكانت الميليشيات الحوثية رفضت التعامل بالفئة المطبوعة حديثاً، واتخذت تدابير انقلابية عملت على خلق سعر مختلف للعملة اليمنية أمام الدولار في مناطق سيطرتها، بالتوازي مع مصادرة الطبعات الجديدة من العملة وتوجيهها مجدداً إلى مناطق سيطرة الشرعية لشراء العملات الصعبة، وفق ما تقوله مصادر مصرفية.
ويرى الخبير الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي أن حرب العملة تصاعدت بين طرفي الشرعية والحوثيين خلال الفترة الأخيرة وأنه «كلما ازدادت حدة هذه الحرب ضاق الخناق على القطاع المصرفي الذي وقع بين مطرقة الحوثي وسندان الشرعية». لكنه يجزم لـ«الشرق الأوسط» بأن للبنك المركزي في عدن كامل الحق القانوني في ممارسة سياسته النقدية. ويرى أن البنك «تحرك بشكل إيجابي من خلال إصدار لائحة عمليات الصيرفة، وإلزام البنوك بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، وهو القرار الذي جاء تعقيباً على توجيه البنوك بتسليم قوائمها وبياناتها المالية خلال 15 يوماً وهي النقطة التي صعدت فيها جماعة الحوثي على القطاع المصرفي في صنعاء وأجبرته على عدم التعامل مع البنك المركزي في عدن أو الانصياع لقراراته».
ويشير المساجدي إلى أن الميليشيات الحوثية سبق لها أن أجبرت البنوك في مناطق سيطرتها على عدم التعامل مع البنك المركزي في عدن مع بداية إصدار البنك لخطابات الاعتماد لاستيراد السلع الرئيسية، وداهمت المقرات الرئيسية للبنوك في صنعاء، واختطفت قيادات مصرفية وعمال في البنوك والمصارف ورفضت الإفراج عنهم قبل أخذ تعهدات خطية بعدم المشاركة في خطابات الاعتماد التي ينظمها البنك المركزي في عدن، أو التعامل معه أو الالتزام بقراراته، كما أغلقت بعض البنوك ونهبت سيرفراتها وأنظمتها المالية.
وفيما إن كانت البنوك اليمنية ستنجح في تنفيذ سياسات البنك المركزي في عدن، يقول المساجدي: «إن بعض البنوك حاولت نقل السيرفرات الخاصة بها إلى عدن ولكنها فشلت، وهناك بعض البنوك لديها غرف عمليات مكتملة بديلة سواء في عدن أو خارج اليمن، ولديها خطط طوارئ لتجاوز هذا الصراع المحتدم على الجبهة الاقتصادية بين الشرعية وميليشيات الحوثي».
ويعتقد الخبير الاقتصادي أن البنوك التي لم تزود البنك المركزي في عدن بالبيانات المالية «قد تعرض نفسها لمشاكل خلال الفترة المقبلة» و«أنه ينبغي التعاطي بشكل إيجابي مع قرارات البنك لأن عدم الالتزام سيعني انحيازاً لصف الميليشيات الحوثية، في حين أن هذه البنوك في غنى عن أي مشاكل أو عقبات جديدة». بحسب تقديره، مشدداً على أنه «من المهم معرفة ومراقبة جميع العمليات المصرفية للبنوك خاصة التي في عدن لضمان عدم تحويل العملة الصعبة لجماعة الحوثي، أو القيام بأي عمليات مصرفية ومالية لصالحها أو صالح المتعاونين معها أو ممارسة أي مضاربة بالعملة بما يخدم جماعة الحوثي، إذ إن السيطرة على القطاع المصرفي ومعرفة بياناته وقوائمه المالية هي أولى الخطوات لضبط السياسة النقدية وإدارة الكتلة النقدية في مناطق الحكومة الشرعية».
وبخصوص ما يتعلق بنقل المراكز الرئيسية للبنوك إلى عدن يرى المساجدي «أن هذا الصراع انعكس على البنوك بشكل مباشر، إذ إن الفروع الرئيسية للبنوك في عدن باتت هي المركز الرئيسي، أي أن البنوك أصبح لها مركزان رئيسيان الأول في صنعاء والآخر في عدن كما أن حسابات العملاء لديها الذين في صنعاء منفصلة تماماً عن حسابات العملاء لنفس البنك في عدن».
ويتوقع المساجدي «أن مسألة إلزام البنوك بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن ستتعامل معها البنوك بشكل مرن لتشرح وجهة نظرها للبنك المركزي في عدن». كما يتوقع «أن أي تعاطٍ إيجابي مع البنك في عدن معناه إغلاق البنوك في صنعاء، والعكس صحيح». ويرى «أن مسألة انفصال المقرات الرئيسية للبنوك عن الفروع هو الخيار المنطقي كما أنه الأمر الواقع الذي تمارس به البنوك عملها المصرفي منذ فترة». وفق قوله.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.