أهالي قرية درزية يوقفون شاحنة صواريخ «حزب الله» ويسلمون عناصرها للجيش

الحريري: تسليم قرارها لمطلقي «الكاتيوشا» تخلٍّ عن دور الدولة

عناصر من الجيش اللبناني والشاحنة التي كانت تحمل الصواريخ (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني والشاحنة التي كانت تحمل الصواريخ (رويترز)
TT

أهالي قرية درزية يوقفون شاحنة صواريخ «حزب الله» ويسلمون عناصرها للجيش

عناصر من الجيش اللبناني والشاحنة التي كانت تحمل الصواريخ (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني والشاحنة التي كانت تحمل الصواريخ (رويترز)

أثار اعتراض أهالي قرية شويا ذات الأكثرية الدرزية للشاحنة التي كانت تحمل منصة إطلاق الصواريخ التابعة لـ«حزب الله» لدى مرورها ببلدتهم بلبلة سياسية وشعبية، غير أن تفاعل القيادات الدرزية السياسية أدى إلى سحب فتيل التوتر مع الحزب، خصوصاً أنه تم تسليم الآلية وعناصرها للجيش اللبناني.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر توقيف وتطويق عدد من أهالي بلدة شويا في منطقة حاصبيا (جنوب لبنان) لشاحنة وضعت فيها منصة للصواريخ وسيارة من نوع «رابيد» كانت ترافق الشاحنة.
وأظهر عدد من مقاطع الفيديو مناوشات بين أهالي القرية وبين مستقلي الشاحنة والسيارة من جهة، وبين الأهالي أنفسهم الذين انقسموا بين مؤيد لـ«حزب الله» ولتنفيذ ضربات ضد إسرائيل وبين رافض للأمر باعتبار أن «حزب الله» يستخدم منازل المدنيين منصات لتنفيذ ضربات ضد إسرائيل ويعرض حياتهم للخطر.
وعاد الهدوء إلى القرية بعد ساعات قليلة حسبما أكد رئيس بلدية شويا عصام الشوفي مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن الأمر بات بعهدة الجيش وأن أي أصوات تخرج وتحاول إحداث فتنة هي أصوات نشاز ستنتهي خلال أيام ولا سيما أنها لن تجد آذاناً مصغية.
وكانت قيادة الجيش أعلنت أن وحدة من الجيش في بلدة شويا أوقفت أربعة أشخاص قاموا بإطلاق الصواريخ، وأنها ضبطت الراجمة المستخدمة في العملية. وأضاف الجيش أن وحداته المنتشرة على الأرض بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، قامت باتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لإعادة الهدوء إلى المنطقة.
وأوضح الشوفي أن أهالي القرية اعترضوا الآلية بالصدفة، إذ بعد سماعهم أصوات إطلاق صواريخ أخافتهم توجهوا إلى مكان قريب من مصدر صوت الإطلاق وبعدها تفاجأوا بمرور الآلية فاعترضوها بردة فعل عفوية ولا سيما في ظل الظروف الضاغطة التي يعيشها اللبنانيون حالياً. وأكد الشوفي أن القرية وأهلها منفتحون على الجميع وليس بينهم أي انقسام ولا خلاف مع أحد.
وقال «حزب الله» في بيان له إنه «لدى عودة المقاومين من عملهم وأثناء مرورهم بمنطقة شويا في قضاء حاصبيا، أقدم عدد من المواطنين على اعتراضهم» مشيراً إلى أن «المقاومة الإسلامية كانت ولا تزال وستبقى، من أحرص الناس على أهلها وعدم تعريضهم لأي أذى خلال عملها المقاوم، وهي التي تدفع الدماء الزكية من شبابها لتحافظ على أمن لبنان ومواطنيه».
وسارع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط إلى الدعوة لـ«تحكيم العقل»، كاتباً في تغريدة على «تويتر»: «بعد الذي حدث في الجنوب وفي شويا بالتحديد، نتمنى أن نخرج جميعاً من هذا الجو الموتور على التواصل الاجتماعي، وأن نحكم العقل ونعتمد الموضوعية في التخاطب بعيداً عن التشنج».
وبدوره اعتبر رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان المتحالف مع «حزب الله» أن «العدوان على الجنوب والذي لم يحصل مثله منذ يوليو (تموز) 2006 يظهر نية لدى العدو بتغيير قواعد الاشتباك، ويعطي الحق للبنان وجيشه ومقاومته بالدفاع عن أرضه وسيادته، وبالرد على كل ضربة بمثلها وأكثر»، مضيفاً في تغريدة له «لا يعتقدن أحد أن بإمكانه لي ذراع المقاومة بعد اليوم».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.