انتقادات لبنانية لتفرد «حزب الله» بقرارات السلم والحرب

TT

انتقادات لبنانية لتفرد «حزب الله» بقرارات السلم والحرب

لاقت القوى السياسية اللبنانية المعارضة لـ«حزب الله» الهجوم الذي شنه أمس على مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، انطلاقاً من جنوب لبنان، بحملة انتقادات واسعة، وتحذير من تداعيات كارثية على لبنان. ورأى الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري أن «الوضع على الحدود مع العدو الإسرائيلي خطير جداً جداً وتهديد غير مسبوق للقرار 1701»، وأن «استخدام الجنوب منصةً لصراعات إقليمية غير محسوبة النتائج والتداعيات هو خطوة في المجهول تضع لبنان كله في مرمى حروب الآخرين على أرضه».
وأكد الحريري في تغريدتين على حسابه في «تويتر» أن «لبنان ليس جزءاً من الاشتباك الإيراني - الإسرائيلي في بحر عمان»، مشدداً على أن «الدولة بقواها العسكرية والأمنية الشرعية هي المسؤولة عن حماية المواطنين وتوفير مقومات السيادة». وأشار إلى «أن تسليم قرار الحرب والسلم مع العدو لمطلقي الكاتيوشا قمة التخلي عن دور الدولة ومسؤولياتها»، متسائلاً: «هل أخذت رئاسة الجمهورية والحكومة وقيادة الجيش علماً بإطلاق الصواريخ؟».
وانسحب تحذير الحريري على رئيس «القوات» سمير جعجع الذي رأى أن «ما يجري في الجنوب هو خطير للغاية، خصوصاً على ضوء التوتر الكبير الناشئ في المنطقة»، مضيفاً: «يكفي الشعب اللبناني عذاباً ومعاناة يومية ونضالاً مستمراً حتى يأتي اليوم من يلعب بالنار التي إن هبّت، لا سمح الله، ستقضي على ما تبقى من شعب لبنان». وختم تصريحه بالقول: «خافوا الله واتركوا الشعب اللبناني أقله في مآسيه الحالية، ولا تضيفوا عليها مآسي أخرى أكبر وأفظع وأشد إيلاماً».
وأعادت العملية في الجنوب الانقسام السياسي إلى الواجهة مع جهود تشكيل الحكومة. وقالت مصادر مواكبة لمباحثات تأليفها أن بياني الحريري وجعجع «سيفتحان نقاشاً حول قرار السلم والحرب والاستراتيجية الدفاعية التي ستكون جزءاً من بنود الحكومة المزمع تشكيلها»، لافتة إلى أن الانقسام حول هذا الملف «عاد في ظروف دقيقة وحرجة» في إشارة إلى المداولات التي تأخذ بعين الاعتبار أولوية تأليف حكومة تضع لبنان على سكة الإنقاذ من الأزمات المعيشية والمالية والاقتصادية، إضافةً إلى الأزمات السياسية.
وقال رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر»: «نتمنّى أن نخرج جميعاً من هذا الجو الموتور على التواصل الاجتماعي وأن نحكّم العقل ونعتمد الموضوعية في التخاطب بعيداً عن التشنّج».
بدوره، أعلن رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، رفضه ممارسات «حزب الله» «الذي ينفّذ أجندات آيديولوجية وإقليمية لا تمتّ بصلة إلى مصلحة اللبنانيين وتعرّض أمنهم عبر مغامرات غب الطلب في ظل سكوت مريب لأركان الدولة». وأضاف في حسابه على «تويتر»: «نناضل من أجل دولة تمتلك قرار الحرب والسلم، والسلاح فيها محصور بيد الجيش وتحترم الشرعية الدولية».
من جهته، سأل الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان: «هل اختفى المجلس الأعلى للدفاع أم فقد نصابه أم أن الموضوع ليس من صلاحيته؟».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.