السواتر تخنق درعا قبل وصول وفد روسي (صور)

منازل مدمرة في درعا البلد (أرشيفية - أ.ف.ب)
منازل مدمرة في درعا البلد (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

السواتر تخنق درعا قبل وصول وفد روسي (صور)

منازل مدمرة في درعا البلد (أرشيفية - أ.ف.ب)
منازل مدمرة في درعا البلد (أرشيفية - أ.ف.ب)

خيَّم هدوء حذر على أجواء مدينة درعا البلد والأحياء المحاصرة، بعد اجتماع بين قوى سياسية ومدنية مع الجانب الروسي، وسط إحكام قوات النظام حصارها لدرعا البلد، ورفع سواتر ترابية جنوب سوريا.
وقالت مصادر في درعا لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماعاً عُقد عصر اليوم (الجمعة)، بدعوة من الجانب الروسي، مع وجهاء محافظة درعا، وأعضاء من اللجان المركزية، وقيادة الفيلق الخامس في الجنوب، تلقوا خلاله وعوداً من الوفد الروسي، بإيقاف الحملة العسكرية في مدينة درعا، والعمل على تنفيذ الحل السلمي، حسب تطلعات الدولة الروسية.
وأكدت المصادر أن «وفداً من قيادات اللواء الثامن في الفيلق الخامس المدعوم من روسيا، جنوب سوريا، خرج مساء الخميس من مدينة بصرى الشام إلى دمشق، واجتمع مع جنرالات روس تابعين لمركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم العسكرية وضباط رفيعين المستوى من النظام السوري، للاطلاع على مجريات الأحداث الأخيرة في مدينة درعا، وأن الجانب الروسي أبدى استعداده للعمل على إيقاف الحملة العسكرية وعودة الحلول السلمية إلى المنطقة، وسط تحذيرات من قيادات الفيلق الخامس من انهيار اتفاق التسوية جنوب سوريا، إذا استمر تدفق الميليشيات الإيرانية إلى جنوب سوريا، وعدم انصياعها للأوامر بالتهدئة والانسحاب من المناطق التي دخلتها مؤخراً إلى المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية في درعا، مع قوات الغيث في الفرقة الرابعة».

* تحذير من انهيار

وقالت شبكة «نبأ» المعارضة، المعنية بنقل أخبار مدينة درعا المحلية إن اجتماعاً ضم قيادات أمنية وعسكرية تابعة للنظام في العاصمة دمشق، صباح الخميس، مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا، حول أحداث محافظة درعا، وإن الاجتماع انتهى بالاتفاق على تسليم مجموعات المعارضة جميع الأسلحة التي تمتلكها، والسعي لمعرفة مخابئ السلاح، والإبقاء على الشروط التي تطالب بها اللجنة الأمنية في جلسات التفاوض مع اللجان الممثلة عن مناطق درعا، ومن بينها تهجير المقاتلين الذين يتهمهم النظام بالانتماء لتنظيم «داعش» أو تسليمهم، وإجراء تسوية شاملة في درعا للمطلوبين وعناصر المعارضة السابقين.
وبحث الضباط المجتمعين «ادّعاء قدّمه اللواء آصف الدكر رئيس الفرع 293 في شعبة المخابرات العسكرية على العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري في درعا، حيث اتهم الدكر خلال حديثه في الاجتماع العميد العلي بالتحريض ضد وجود الفرقة الرابعة بدرعا خلال اتصالاته مع ضباط وشخصيات بينهم أعضاء في لجان التفاوض بالمحافظة»، حسب المصادر.
وكانت عشائر ووجهاء حوران قد أصدرت، مساء الخميس، بياناً بعد اجتماع جميع وجهاء وأعيان المحافظة في مدينة طفس بريف درعا الغربي، أكدت فيه أن «عشائر حوران كنا وما زلنا جزءاً لا يتجزأ من شعب سوريا الأصيل، عشنا على هذه الأرض الطيبة، وعملنا جاهدين لتظل حوران آمنة مطمئنة، يسودها الاستقرار ويعيش أهلها بأمان وكرامة ليكونوا جزءاً من بناة سوريا وحماتها».
واستنكر البيان «الحصار الظالم الذي يطبق على أهالي درعا البلد وباقي المناطق المحاصرة ويضيق عليهم سبل عيشهم، ورفض التهديد المستمر بالقتل والتدمير والاقتحام والتلويح بالتهجير الجماعي»، معتبرين أنها أفعال عدوانية لا تليق أن تتعامل بها أي دولة مع رعاياها وساكنيها، وطالبت عشائر حوران خلال اجتماعهم بفك الحصار عن درعا البلد، وإيقاف جميع الأعمال العسكرية على أرض حوران فوراً، وإطلاق أسر المحتجزين من الأهالي في المزارع المتاخمة لمدينة درعا، ووقف تمدد الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» في الجنوب تحت أي مسمى، وإدخال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ومستلزمات العيش، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، ورفض الوجود الإيراني في الجنوب السوري، وطالبت بوقف الأعمال العسكرية، كما دعت الضامن الروسي إلى الالتزام بتعهداته والتحلي بالمسؤولية التامة، كضامن لاتفاق تسوية الجنوب في 2018.

* سواتر وحواجز

وتزامن بيان وجهاء حوران مع استهداف قوات النظام لمدينة درعا البلد، ما تسبب في تزايد حركة النزوح من المدينة، وقامت قوات النظام السوري، أول من أمس (الخميس)، بإغلاق طريق «حاجز السرايا» بالسواتر الترابية، وسمحت بعبور الأهالي دون مركباتهم، وكانت قوات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا قد فتحت هذا الطريق قبل يومين لضمان خروج ودخول الأهالي بمركباتهم أو مشياً دون التعرض لمضايقات واستفزاز من قوات النظام السوري، لكن استمرار فشل وتعطيل المفاوضات في درعا دفع القوات السورية للعديد من التجاوزات وسط غياب الدور الروسي.
وفي درعا البلد، هناك خلف تلك الحواجز، وحيث أعمدة الدخان وأصوات القصف والرصاص، تُشاهد طلائع النازحين وهي خارجة من درعا البلد هروباً من الحرب المحتملة فيها.
وقال أحد النازحين، ويُدعى أبو جهاد، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن شعب طيب نعيش حياة بسيطة على أنقاض الحرب الماضية قبل عام 2018. لماذا عادوا إلينا؟ ما الجريمة الكبيرة التي فعلها أهالي درعا البلد ليذوقوا كل هذه العذابات؟ إذا رفضنا المشاركة بالانتخابات فإننا فاقدون لأبنائنا وبيوتنا كرامة لدمائهم، لم نشارك ولم يتوقف نجاح الرئيس على أصواتنا... نحن فقدنا وخسرنا كل شيء في درعا البلد منذ زمن، لم يعد لدينا شيء نخسره، لكننا لا نريد خسارة قطرة دم واحدة في أرضنا بعد، ارتوت درعا البلد كثيراً من دم الشرفاء والمدافعين عنها سابقاً، يكفينا حسرة الماضي، اتركونا نعُد إلى بيوتنا وحاراتنا وجيراننا، فرض النزوح قهراً لم نعد نتحمله. نزحنا طول السنوات الماضية كثيراً، اتركونا إلى أعمالنا وحياتنا البسيطة وفقرنا... نحن سعداء من دونكم».
وتابع صاحب الستين عاماً حديثه بقهر عن المعيشة الصعبة ومنزله المدمَّر هناك في درعا البلد: «لم يعد هناك شيء في المدينة لـ(تعفيشه)، فهي مدمرة أصلاً؛ ميليشيات وجيش جرار وقذائف وصواريخ كل ذلك اجتمع على ما تبقى من درعا البلد من سكان وبيوت، إذا كان فيها إرهاب كما يدّعون فشباب درعا البلد أول مَن قاتل الإرهابيين في حوران، ولا إرهابيون يعيشون بيننا. نحن شعب مسالم».
وبحسب مصادر محلية، فإن الحملة العسكرية للنظام السوري التي تنفذها الفرقة الرابعة والميليشيات الموالية لإيران، أسفرت عن نزوح آلاف المواطنين من مناطق درعا البلد والسد ومخيم درعا، إلى عمق مناطق التسويات القريبة من الحدود الأردنية السورية، أو إلى مدينة درعا المحطة، بحثاً عن أماكن أكثر أمناً، وبلغ عدد النازحين من المناطق آنفة الذكر، بحسب إحصائيات محلية، أكثر من 10 آلاف شخص.

* نزوح جديد

بدورها، دعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت في بيان لها، مساء أول من أمس (الخميس)، إلى تنفيذ وقف فوري لإطلاق النار من أجل التخفيف من معاناة المدنيين في مدينة درعا جنوب سوريا، والسماح بدخول مساعدات الإغاثة الإنسانية، وتسهيل وصولها، وأشارت المفوضية إلى أنه مع اشتداد القتال، لا يقدر المدنيون على مغادرة هذه الأحياء إلا عبر طريق وحيد تسيطر عليه قوات النظام السوري بشكل مشدد، وأكدت أن الصور التي ترد من درعا البلد وأحياء أخرى توضح المخاطر الحثيثة التي يتعرّض لها المدنيون في هذه المناطق، حيث يواجهون مراراً وتكراراً الاشتباكات وأعمال العنف، وهم في الواقع تحت الحصار.
واعتبرت أن هذه أخطر مواجهة وقعت منذ عام 2018، منذ سيطرة القوات الحكومية على درعا بعد اتفاقات التسوية المختلفة التي أُبرمت بوساطة روسية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».