عندما ننام... بماذا يُفكر الدماغ؟

محاولات لفهم آليات دمج والتصاق المعلومات في الذاكرة

عندما ننام... بماذا يُفكر الدماغ؟
TT

عندما ننام... بماذا يُفكر الدماغ؟

عندما ننام... بماذا يُفكر الدماغ؟

تمكن باحثون سويسريون من تقديم معلومات متقدمة عمّا يُفكّر فيه الدماغ عندما نكون نائمين، بما يفتح نافذة أوسع على نوعية نشاط عقل الإنسان أثناء النوم. وباستخدام نهج في نظم الذكاء الصناعي، يجمع بين التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI ومخطط كهرباء الدماغ EEG، تمكن الباحثون من فك تشفير نشاط الدماغ أثناء النوم.

الدماغ أثناء النوم
لم يقدّم باحثو جامعة جنيف فقط دليلاً على أن الدماغ يعمل بطاقة عالية أثناء النوم العميق في فرز مئات الآلاف من المعلومات التي تم تلقيها والتعامل معها ومعالجتها خلال اليوم، بل أفادوا أيضاً أنه عندما تُتاح للإنسان فرصة النوم العميق في الليل، يتمكن دماغه من تقييم كل هذه المعلومات والذكريات، ثم إجراء حوار بين مناطقه الدماغية المختلفة، والعمل على الاحتفاظ فقط بالأكثر فائدة منها للمرء، والتخلص من جميع المعلومات والذكريات التي لا جدوى منها لاحقاً.
ووفق ما تم نشره ضمن عدد 6 يوليو (تموز) الماضي من مجلة «نتشر كومينيكنشنس Nature Communications»، قال الباحثون ما ملخصه: «يساعد النوم على إعادة تنشيط عملية دمج المعلومات والذكريات المكتسبة حديثاً. ومع ذلك، فإن الطريقة التي يختار بها دماغنا المعلومات الجديرة بالملاحظة والاهتمام وإعادة المعالجة والحفظ أثناء فترة النوم، دون غيرها من المعلومات، لا تزال غير معروفة إلى حد كبير». وهذا كان موضوع الدراسة. وقالوا ما مفاده: «إن ثمة معلومات يجدر بالمرء الاحتفاظ بها، لأنها ذات مردود ومكافأة إيجابية Rewarded Information في تعزيز البقاء وتجنب المخاطر والحصول على المال والمديح والطعام، وأخرى لا مكافأة Non - Rewarded Information من ورائها أو حفظها في الذاكرة. وتكشف دراستنا عن حصول آلية عصبية يتم من خلالها تعامل الدماغ أثناء النوم بشكل تفضيلي مع المعلومات والذكريات ذات المردود والمكافأة الإيجابية بغية تعزيز حفظها».

عمل الذاكرة
الذاكرة تعني ببساطة تحويل المعلومات الخارجية التي تم الإحساس بها (بإحدى الحواس كالنظر والسمع واللمس والشم والتذوق)، أو المعلومات الداخلية الناشئة عن التفكير والأحلام، إلى ذاكرة مختزنة يسهل إعادة معرفتها والإحساس بها (مرات ومرات ولسنوات طويلة) في داخل الدماغ والنفس. وبهذا تخدمنا الذاكرة بعدة طرق معقدة، في تمكين الإنسان من العيش في بيئته بسلام وتجنب المخاطر المحتملة وتطوير قدراته وتحسين سلوكه وإعطاء معنى لحياته وتعلّم أشياء كثيرة وغيره من الفوائد.
وتفيد مصادر طب الأعصاب أنه لكي تعمل الذاكرة بشكل صحيح، يجب أن تحدث ثلاث عمليات حيوية:
- الاكتساب Acquisition: تعلّم أو تجربة أو مشاهدة أو سماع أو شمّ شيء جديد باستخدام إحدى الحواس.
- الدمج والالتصاق Consolidation: دمج المعلومات الجديدة في الدماغ، وجعلها تلتصق في مناطق حفظ الذاكرة.
- الاستدعاء Recall: الوصول إلى المعلومات بعد تخزينها وتذكر تفاصيلها.
ويحدث الاكتساب والاستدعاء عندما يكون المرء مستيقظاً. ولكن دمج والتصاق المعلومات وترسيخها في الدماغ، يحصل أثناء النوم. وللتوضيح، وعند اليقظة فإن الدماغ يتفاعل مع المُحفزات الخارجية ويُرمّز المعلومات الجديدة، التي تكون في تلك المرحلة غير مستقرة في الذاكرة وعُرضة للنسيان بسهولة. ويوفّر النوم للدماغ، عند انخفاض التعرّض لأي مُشوشات خارجية، الظروف المثالية لدمج والتصاق المعلومات وترسيخها في الدماغ، مما يقوي الذاكرة الجديدة ويدمجها في شبكات المعرفة الحالية والسابقة الأخرى.
وضمن تفاصيل الدراسة السويسرية الحديثة، شرحت البروفسورة صوفي شوارتز، المشرفة على الدراسة وأستاذة علم الأعصاب بجامعة جنيف، ذلك بقول ما ملخصه: «وبجمع الذكاء الصناعي بين التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وتخطيط كهربية الدماغ، تم تسجيل نشاط الدماغ أثناء اليقظة وأثناء النوم للمشمولين في الدراسة عند معايشة أحداث ذات مردود إيجابي وأحداث أخرى ذات مردود خاسر. وفي الليلة الأولى، تمت مقارنة صور وتخطيط نشاط مناطق الدماغ المختلفة التي تم رصدها في فترة اليقظة (عند معايشة تلك الأحداث)، بتلك التي تم رصدها في فترة النوم (عند استرجاع ذكرياتها)».
وأضافت الدكتورة فيرجيني ستيربينيتش، الباحثة الرئيسية في الدراسة من قسم علوم الأعصاب الأساسية بجامعة جنيف، ما ملخصه: «في بداية النوم، بدأ الدماغ في التفكير في جميع الأحداث (ذات المردود الإيجابي والأخرى الخاسرة)، لكنه بعد ذلك وبشكل حصري تقريباً، أعاد إحياء الذكريات التي فاز فيها (وأهمل التي خسرها)، من خلال إعادة تنشيط نفس المناطق الدماغية المستخدمة فيها أثناء اليقظة. ثم بعد يومين، تم إجراء اختبار للذاكرة حول جوانب عدة من المعلومات المتعلقة بتلك الأحداث (ذات المردود الإيجابي وذات المردود الخاسر). وهنا مرة أخرى، تم أثناء النوم تنشيط المزيد من مناطق الدماغ المتعلقة بالأحداث ذات المردود الإيجابي، وكان أداء الذاكرة أفضل. ومن خلال هذا العمل، يفتح فريق جامعة جنيف منظوراً جديداً في دراسة الدماغ النائم والعمل المذهل الذي يقوم به كل ليلة».
ويوضح الدكتور مارك وو، طبيب الأعصاب المتخصص في النوم بجامعة جونز هوبكنز، أن النوم يؤثر بشكل كبير على وظائف الدماغ. ويُعد الحصول على قسط صحي من النوم أمراً حيوياً لمرونة الدماغ أو قدرة الدماغ على التكيف مع الكمّ الهائل من المعلومات التي تدخل إلى الدماغ خلال اليوم، وإنشاء الذاكرة حولها. وإذا كنا ننام قليلاً جداً، فلن نتمكن من معالجة ما تعلمناه خلال النهار، وسنواجه صعوبة أكبر في تذكره في المستقبل. وأضاف أن العلماء يعتقدون أيضاً أن النوم قد يعزز إزالة الفضلات (المعلومات التي لا جدوى مستقبلية منها للمرء) من خلايا الدماغ، وهو أمر يبدو أنه يحدث بشكل أقل كفاءة عندما يكون الدماغ مستيقظاً.

خطوات وعمليات معقدة لتكوين الذاكرة
> عندما نحصل على معلومات من العالم حولنا، يتم الاحتفاظ بهذه المواد في الدماغ كتصوير عقلي، ويمكن استرجاعها لاستخدامها في المستقبل. وتُؤثر عدة عوامل على الطريقة التي يستعيد بها الدماغ الذاكرة.
ويمتلك الدماغ ثلاثة أنواع من عمليات الذاكرة:
- السجل الحسي Sensory Register
- الذاكرة قصيرة المدى Short - Term Memory
- الذاكرة طويلة المدى Long - Term Memory
ويتكون «السجل الحسي» من المعلومات التي يحصل عليها الدماغ طوال الوقت ودون قصد وبكمية كبيرة، من البيئة المحيطة بنا. وعمر هذه الذاكرة قصير جداً، وأحياناً يصل إلى بضع ثوان فقط. ومن أمثلتها سماع أصوات السيارات أثناء الطريق أو مشاهدة السيارات المجاورة، والتي في الغالب تزول ذاكرتها من الدماغ سريعاً عندما لا تعني للمرء أي شيء سوى لحظة الإحساس بها. وقريب منها ما يُعرف بـ«الانتباه» Attention، الذي هو مرحلة بين السجل الحسي والذاكرة قصيرة المدى، لبعض المعلومات المنتقاة من السجل الحسي والتي ربما سيهملها الدماغ لاحقاً أو سيحتفظ بها، وفق مدى درجة اهتمام الشخص بها.
وتتكون الذاكرة قصيرة المدى في جزأين: ذاكرة قصيرة المدى وذاكرة وظيفية عاملة Working Memory. والذاكرة قصيرة المدى هي معلومات تُحفظ بشكل «مؤقت»، بحيث يمكن تكرارها لفترة قصيرة ولا حاجة للمرء بها لاحقاً، مثل تذكر رقم هاتف تراه على التلفزيون. والذاكرة الوظيفية العملية تشير إلى تخزين الدماغ للمعلومات بغرض معالجتها، مثل تذكر تفاصيل مجموعة من الأرقام أثناء العمل على مسألة حسابية، ثم يُهملها المرء ولا يتذكرها لاحقاً لأنه لا حاجة له بها. ولذا عندما يتحدث علماء الأعصاب عن تحسين الذاكرة، فإنهم يركزون بشكل شائع على الذاكرة الوظيفية العملية، لأن للمرء قدرة أكبر على التحكّم فيها ويمكنه تحسينها بفاعلية إذا شاء.
وبالنسبة للذاكرة طويلة المدى، يعتقد البعض أنها تُحفظ بشكل دائم وبشكل كامل وإلى أجل غير مسمى، في «بنك» داخل الدماغ. ولكن في الحقيقة، هذا ليس هو الحال. إذْ رغم أن المعلومات المُخزّنة في الذاكرة طويلة المدى قد تبقى في الدماغ لفترة قصيرة (ليوم، لأسبوع) أو تدوم طوال العمر، إلاّ أنها عُرضة للتلف. وللتوضيح، عندما تتشكل الذكريات طويلة المدى، تسترجع منطقة الحُصين Hippocampus الدماغية المعلومات من الذاكرة العاملة، وتبدأ في تغيير التوصيلات العصبية Neural Wiring المادية للدماغ بين الخلايا العصبية ونقاط تواصلها. وهذه الروابط العصبية الجديدة (حول هذه المعلومات للذاكرة الطويلة الأمد) تبقى في الدماغ ما دام أن تلك المعلومات قيد الاستخدام. ويُقسّم العلماء الذاكرة طويلة المدى إلى نوعين من الطول: حديثة وبعيدة. ومن أمثلتها المعلومات الصحية والتاريخية وكيفية قيادة السيارة وتشغيل الكومبيوتر والكتابة والقصائد وغيره.

من أين يأتي النسيان وضعف الذاكرة؟
> لا تزال أوساط البحث الطبي تحاول معرفة كيفية حصول النسيان، ليس مع التقدم في العمر، بل في مراحل أخرى من الحياة. ولا تزال قوة الذاكرة إحدى الأدوات التي يتمنى المرء امتلاكها. ورغم الاعتقاد أن ضعف الذاكرة دليل على بداية الخرف أو ألزهايمر، فإنهما لا يُشكلان إلاّ نسبة قليلة ضمن الأسباب الشائعة لضعف الذاكرة.
وتشير الأبحاث إلى نظريتين رئيسيتين حول سبب نسيان الذكريات:
- نظرية التحللDecaying Theory، التي تفيد بأنه إذا لم يُكرر المرء ذاكرة معينة (طريقة قيادة السيارة، قصيدة شعر)، فسوف تتدهور في النهاية.
- نظرية التداخلInterference Theory، والتي تفيد بأن المعلومات الجديدة التي يتلقاها الدماغ تحل محل المعلومات القديمة لحاجة الإنسان أكثر لتلك المعلومات الجديدة (مثل عدم القدرة على تذكر كلمة مرور قديمة بعد إنشاء كلمة مرور جديدة أو نسيان كيفية تشغيل آلة معمل النسيج بعد العمل في ميكانيكا السيارات مثلاً).
ولكن أياً كانت هي النظرية الصحيحة، فإن هناك عدة مظاهر لعملية النسيان، بعضها دائم والآخر مؤقت. ومنها:
- صعوبة الوصول Transience: وذلك بسبب عملية الشيخوخة الطبيعية أو تلف الحُصين والفص الصدغي في الجلطات الدماغية أو نتيجة أمراض في الدماغ.
- شرود الذهن Absent - Mindedness: وذلك بسبب إخفاق الانتباه أو نسيان المهام المطلوبة. ولهذا كثير من الأسباب اليومية.
- الحجب الذهني Blocking: وذلك عندما يتعذر الوصول إلى الذكريات مؤقتاً. والبعض يصفها بحالة «متلازمة طرف اللسان» Tip - Of - The - Tongue Syndrome.
- تأثير الإيحاء Suggestibility: عندما يتم دمج خاطئ للمعلومات في الذاكرة بفعل تلقي سؤال موجّه Leading Question يحتاج إلى مهارة في الإجابة وذاكرة ذكية، لا يمتلكها المرء طوال الوقت. مثل عندما يُسأل الطالب في الاختبار سؤالاً يتطلب الإجابة بنعم أو لا، أو سؤالاً يفرض طريقة محددة في الإجابة لا يتمكن الطالب من الإجابة عليه بسهولة باسترجاع الذاكرة.
وإضافة إلى عدم تكرار استخدامها أو انشغال الذهن بأشياء أخرى أو عدم التركيز بالأصل لحفظ المعلومة عند تلقيها لأول مرة، يُلخص الباحثون من جامعة هارفارد ومن غيرها من المراكز الطبية، الأسباب الشائعة للنسيان عند عموم الناس ضمن العناصر التالية:
- قلة النوم: ربما يكون عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم هو أكبر سبب غير مُقدَر للنسيان. ويمكن أن تُؤدي قلة النوم المريح أيضاً إلى تغيرات المزاج والقلق، مما يساهم بدوره في حدوث مشكلات في الذاكرة.
- الأدوية: يمكن أن تؤثر على الذاكرة كل من: المُهدئات ومُضادات الاكتئاب وبعض أدوية ضغط الدم ومعالجة نزلات البرد ومُضادات الحساسية وعدد آخر من الأدوية، بما يجعل من الصعب الانتباه عن كثب إلى الأشياء الجديدة. وهو ما يُمكن سؤال الطبيب أو الصيدلي عنه.
- كسل الغدة الدرقية: يؤثر ضعف الغدة الدرقية على الذاكرة، بالإضافة إلى اضطراب النوم والتسبب في الاكتئاب.
- التوتر والقلق والاكتئاب: أي شيء يجعل من الصعب التركيز وحبس المعلومات والمهارات الجديدة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الذاكرة. والتوتر والقلق والاكتئاب أحد أمثلة ذلك.
- الكسل البدني وعدم ممارسة الرياضة اليومية.
- الإصابة بأمراض مزمنة: إما نتيجة تسببها بالألم من آن لآخر، أو بالإعاقة البدنية، أو تشغل الذهن طوال الوقت للعناية بالنفس.



آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
TT

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي» الذي يقام تحت رعاية أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، تحت عنوان «جودة العلاج القائم على البحث العلمي والابتكار»، الذي تنظمه كل من جامعة المستقبل وجامعة الملك عبد العزيز، وتستمر فعالياته خلال يومي السبت والأحد في مركز الملك خالد الحضاري ببريدة.

أهداف المؤتمر

ضمن لقاءات حصرية لملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط»، أوضح الدكتور محمد صالح الشتيوي رئيس جامعة المستقبل رئيس المؤتمر - أن المؤتمر العالمي السادس للجودة والطب النبوي القائم على الأدلة يحمل شعار «آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي لتحسين حلول الرعاية الصحية وجودة الحياة ومستقبل صناعة الأدوية»، وأنه يوفر منصة مبتكرة وشاملة لعرض أحدث الأبحاث والتطورات المتعلقة بمفاهيم العلاج والوقاية والتشخيص والتعامل مع مختلف الأمراض، باعتبارها نهجاً شاملاً لتحسين جودة الحياة.

شعار المؤتمر

وعن أهداف المؤتمر، صرحت لـ«صحتك» الأستاذة الدكتورة سعاد خليل الجاعوني نائبة رئيس المؤتمر - رئيسة اللجنة العلمية - مديرة الكرسي العلمي لتطبيقات الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، بأن المؤتمر «السادس» يهدف إلى تقديم رؤية شاملة للأبحاث العلمية المبتكرة وبراءات الاختراع، وتطبيقاتها، وتأثيرها على رفع مستوى الصحة وتحسين جودة الحياة، بالإضافة إلى الاستفادة من هذه الأبحاث في دعم صناعة الأدوية لتحقيق اقتصاد حيوي ومستدام.

وأضافت أن هذا المؤتمر يُعد من أهم المؤتمرات البحثية، حيث يستضيف أكثر من 52 طبيباً وباحثاً وعالماً متميزاً من 34 جامعة محلية ودولية. كما يمثل فرصة كبيرة ومرجعاً قيماً للباحثين وطلاب الدراسات العليا للاستفادة من خبرات هؤلاء العلماء. وسيتم عرض أكثر من 200 ورقة بحثية منشورة في مجلات علمية معتمدة و13 براءة اختراع. وسيغطي البرنامج مواضيع متعددة لتحسين جودة الحياة.

وصرح الدكتور سليم بن صالح السليم، مساعد رئيس الجامعة للبحث العلمي وخدمة المجتمع، جامعة المستقبل - رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر - بأن المؤتمر يعمل على رفع الوعي الصحي من خلال الأبحاث العلمية في مختلف المجالات والتخصصات الطبية، ويهتم بتعزيز استراتيجيات تطوير ثقافة البحث الابتكاري باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك توزيع جوائز لأفضل الباحثين. وسيتم مناقشة الرؤية المستقبلية للاستفادة من الأبحاث المبتكرة وبراءات الاختراع لاكتشاف الأدوية، وصولاً إلى اقتصاد حيوي مستدام، تماشياً مع أهداف رؤية المملكة 2030 في مجال البحث العلمي.

أبرز الدراسات والابتكارات العلمية

* اكتشاف تراكيب جديدة مشتقة من الإبل. يستعرض، في المؤتمر، البروفسور أ.د. شاكر موسى، أستاذ علم الصيدلة ومؤسس شركة نانو فارماسيوتيكالز في نيويورك، خبرته في تطوير جزيئات نانوية من منتجات طبيعية مثل الشيتوزان المشتق من الفطر والمحار، وحليب الإبل، ولاكتوفيرين لتطوير أدوية فعالة، بما في ذلك منتجات مثل تمر العجوة، والمسك، والحبة السوداء.

كما يستعرض تطوير أدوية مبتكرة مستوحاة من مكونات الإبل لعلاج الأمراض المزمنة، كتطوير هيبارين منخفض الوزن الجزيئي وغير مضاد للتخثر لعلاج فقر الدم المنجلي، والذي أثبت فعالية أعلى من العلاجات التقليدية بفضل آليات عمله المتعددة. يعمل هذا الدواء كمضاد للمنجلية ومضاد للتخثر، مما يساهم في منع أو حل أزمات الخلايا المنجلية بشكل سريع.

كما أظهر دمج الجزيئات متناهية الصغر من الهيبارين ولاكتوفيرين الموجود في حليب الإبل توافراً حيوياً عالياً عند الاستخدام الفموي، مما يعزز فاعليته في علاج الخلايا المنجلية والسرطان والأمراض الالتهابية والمعدية.

* الذكورة والأنوثة بين التصحيح والتغيير. يقدم البروفسور أ.د. ياسر صالح جمال، استشاري وأستاذ الجراحة العامة وجراحة الأطفال جامعة الملك عبد العزيز - في المؤتمر استعراضاً للفروق بين تصحيح الجنس وتغيير الجنس، مع تقديم تعريف دقيق لكل منهما وتسليط الضوء على الآثار المترتبة عليهما. كما سيوضح الرؤية الإسلامية تجاه كلا المفهومين، مدعومة بالأدلة المستمدة من النصوص الشرعية والمبادئ الإسلامية، مع تسليط الضوء على الموقف الشرعي لهذه القضايا الدقيقة، وتوفير تحليل شامل للأسباب التي تبرر الرؤية الإسلامية وتدعمها.

* الطب النبوي والطب التجديدي: رؤية جديدة في العلاج. تستعرض البروفسورة أ.د. صباح صالح مشرف، استشارية وأستاذة الجراحة التجميلية وباحثة في الكرسي العلمي للتطبيقات العلاجية في الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز، خلاصة خبرتها السريرية الممتدة لأكثر من 14 عاماً في علاج التهاب المفاصل المزمن باستخدام الحقن داخل المفصل لميكروغرافت الدهون الذاتية التي تحتوي على الخلايا الجذعية، التي أثبتت فعاليتها كعلاج تجديدي يساهم في تحسين الحالات المزمنة وإصلاح الأنسجة التالفة، مع تعزيز قدرات الجسم الطبيعية في الشفاء وتجديد الأنسجة، وبأقل تدخل جراحي ممكن.

الطب النبوي يبرز كونه مصدر إلهام لهذه الأساليب، حيث يشير إلى وجود خلايا جذعية في الأنسجة الدهنية، مثل شحم ذيل الأغنام الذي استخدم لعلاج عرق النسا. كما يُذكر وجود هذه الخلايا في حليب الأم، إضافة إلى تسليط النصوص النبوية الضوء على الإعجاز في خلق الإنسان من عظمة العصعص (العجز).

تقدم هذه التجربة نموذجاً عملياً يدمج بين التراث النبوي والطب الحديث، مما يفتح آفاقاً جديدة للعلاج ويعزز من فهمنا للعلاقة بين العلوم الحديثة والممارسات النبوية التقليدية.

قيمة التمور ومياه زمزم الطبية

* التمر: كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة. تقدم البروفسورة أ.د. سعاد خليل الجاعوني، أستاذة أمراض الدم والأورام وأمراض دم الأطفال بكلية الطب، ومديرة الكرسي العلمي لتطبيقات الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز، تحليلاً شاملاً للبيانات المتعلقة بالقيمة الغذائية والطبية للتمور وبذورها.

تحتوي التمور على مجموعة واسعة من المغذيات الهامة مثل الفيتامينات، والأحماض الأمينية، والألياف، والمعادن، مما يمنحها خصائص دوائية واعدة. تشمل هذه الخصائص مضادات الأكسدة، ومضادات الالتهاب، ومضادات السكري، وخصائص مضادة للميكروبات والسرطان، بالإضافة إلى دورها في حماية الكبد، والكلى، والجهاز العصبي.

تشير نتائج الدراسات إلى أن نخيل التمر يُعد حجر الزاوية في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المستدامة. كما أن القيمة الغذائية والخصائص الدوائية للتمور تدعم تطوير أغذية وظيفية ومكملات غذائية تعزز الصحة العامة. علاوة على ذلك، يمكن أن تُستخدم مستخلصات التمور كمكونات طبيعية بديلة للأدوية الصناعية، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج العديد من الأمراض بطرق آمنة وفعالة.

* حقائق طبية وعلمية عن ماء زمزم مبنية على الأدلة. سيقدم البروفسور أ.د. حامد متولي قسم الأحياء، كلية العلوم التطبيقية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة - في المؤتمر خريطة علمية متكاملة لمعرفة أثر ماء زمزم الوقائي والعلاجي في الإنسان والحيوان والنبات. حيث أثبتت التجارب المختبرية الأولية أن المستخلصات الطبيعية المنتجة باستخدام ماء زمزم كمذيب للمواد الفعالة قد أعطت مؤشرات ونتائج واعدة لفاعلية هذه المستخلصات الطبيعية وزيادة في قدرتها العلاجية. يتوقع فريق الدراسة إضافة مساهمة كبيرة للمجتمع البحثي في مجال المستخلصات الدوائية من منتجات طبيعية باستخدام ماء زمزم والمتفردة فيه المملكة العربية السعودية، مما يزيد من فرص الاستثمارات في هذا المجال لإنتاج مركبات دوائية عالية الكفاءة العلاجية.

* دور العلاج بالحجامة الرطبة في إزالة السموم من المعادن الثقيلة. ستقدم الدكتورة زهرة خليفة، استشارية طب الأسرة، دكتوراه في البيئة والتنمية المستدامة - مملكة البحرين - في المؤتمر عرضاً عن تأثير المعادن الثقيلة على صحة الإنسان، مع تقييم الأدلة المتوفرة حول فعالية العلاج بالحجامة الرطبة كاستراتيجية محتملة لإزالة السموم، حيث تعتمد أساليب إزالة السموم التقليدية بشكل رئيسي على التدخلات الغذائية والطبية.

إن التلوث بالمعادن الثقيلة الناتج عن التلوث البيئي يشكل تهديداً كبيراً لصحة الإنسان. تتراكم المعادن الثقيلة مثل الرصاص، والكادميوم، والزئبق، والزرنيخ في الجسم عبر الجهاز التنفسي، أو الطعام، أو التعرض المباشر. ومع مرور الوقت، يمكن أن تؤدي هذه العناصر السامة إلى مشكلات صحية خطيرة، بما في ذلك اضطرابات الجهاز العصبي، والكلى، والنمو.

* دور العلاج بالحجامة الرطبة في تخفيف الألم. سيقدم الدكتور محمد سعد المحياوي، أستاذ مشارك واستشاري علم الالتهابات والمناعة، بكلية الطب، جامعة الملك عبد العزيز - في المؤتمر دراسة محكمة لتقييم فوائد الحجامة الرطبة على تخفيف الألم وتحسين جودة الحياة. خلصت الدراسة إلى أن الحجامة الرطبة يمكن اعتبارها علاجاً تكاملياً وفعّالاً لتخفيف الألم وتحسين حياة المرضى، ما يعزز من دورها بوصفها خياراً طبياً شاملاً للمرضى الذين يعانون من الألم المزمن.

تطوير جزيئات نانوية من منتجات طبيعية مثل الشيتوزان المشتق من الفطر والمحار وحليب الإبل

قوة الصمغ العربي

* القوة الطبيعية للصمغ العربي: تعزيز الصحة وطول العمر. تستعرض البروفسورة أ.د. أميمة صابر، خبيرة أمراض الجهاز الهضمي والكبد للأطفال بجامعة الخرطوم، أهمية الصمغ العربي كبريبايوتك طبيعي لتعزيز الصحة وطول العمر. ويُعد الصمغ العربي البريبايوتك الطبيعي الوحيد المعروف، وقد اعترفت بسلامته إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA).

تشمل فوائده الصحية تقليل مخاطر أمراض القلب، وتعزيز صحة الجهاز الهضمي، وإدارة الوزن، وعلاج أمراض الكلى المزمنة، والسكري، والحساسية الغذائية، والعدوى. يعزز الصمغ العربي صحة الأمعاء ويحسن المناعة، مما يجعله غذاءً وظيفياً أساسياً.

تعتمد التوصيات على أبحاث حول تكوين الصمغ العربي، توزيعه، ودوره في مواجهة أمراض نمط الحياة الناتجة عن التلوث البيئي والجيني. استخدمه سكان أفريقيا الأصليون لعقود لتحسين الصحة وإطالة العمر، مما يبرز قيمته بوصفه علاجاً طبيعياً مبتكراً.

* تأثير الثيموكينون على تكوين الأسنان. تقدم الدكتورة هنادي عبد الله الوافي استشارية أسنان الأطفال بكلية البترجي الطبية بجدة - في المؤتمر نتائج الدراسة التي تثبت تأثير الثيموكينون (TQ)، المكون النشط في الحبة السوداء (Nigella sativa)، على تكوين الأسنان (Odontogenesis) في خلايا لب الأسنان البشرية الطبيعية. وتهدف الدراسة إلى تقييم تأثير الثيموكينون على كفاءة ارتباط الخلايا، ومعدل تكاثرها، وتكوين الأسنان من خلال قياس نشاط إنزيم الفوسفاتيز القلوي (ALP) ومستوى تعبير بروتين السيالوبروتين الخاص بالعاج (DSP).

* تأثير زيت الحبة السوداء على أعراض «كوفيد - 19» الخفيفة. سيقدم الدكتور عبد الرحمن عماد كوشك، أستاذ مشارك في العقاقير والطب النباتي قسم المنتجات الطبيعية والطب البديل كلية الصيدلة، جامعة الملك عبد العزيز بجدة - في المؤتمر دراسة أجريت في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز، استهدفت تقييم فعالية زيت الحبة السوداء في تسريع التعافي من «كوفيد - 19» الخفيف. أظهرت النتائج أن نسبة التعافي في المجموعة العلاجية بلغت 70 في المائة، مقارنة بـ45 في المائة في المجموعة الضابطة، مع وقت تعافٍ أقصر (9.9 يوم مقابل 11.6 يوم). احتاج 3 مرضى من المجموعة الضابطة إلى دخول المستشفى مقارنة بمريض واحد في المجموعة العلاجية. خلصت الدراسة إلى أن زيت الحبة السوداء يعزز التعافي ويقلل احتمالية دخول المستشفى، مما يدعم إمكانيته كونه علاجاً داعماً فعالاً لـ«كوفيد - 19» الخفيف.

وهكذا، فإن المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي يُعد منصة استثنائية تجمع بين الأصالة والابتكار، حيث تسلط الضوء على حلول علمية مبتكرة لتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الأمراض ودعم التنمية المستدامة.

* استشاري طب المجتمع.