السودان يعلن قرب دمج الحركات المسلحة بجيشه

TT

السودان يعلن قرب دمج الحركات المسلحة بجيشه

توافقت أطراف اتفاقية السلام السودانية الموقعة في جوبا، عاصمة جنوب السودان، على استكمال «ملف الترتيبات الأمنية» في منطقة النيل الأزرق - جنوب، في وقت قريب، على أن تستكمل في بقية المناطق (دارفور، جبال النوبة، شرق السودان) في وقت لاحق، ودمج الجيوش البالغ عددها أكثر من 5 جيوش بقيادات متعددة في جيش واحد.
ونصت اتفاقية السلام الموقعة في عاصمة جنوب السودان في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 على ما أسمته ملف «الترتيبات الأمنية» ويغطي نطاقاً واسعاً من الموضوعات، ويتضمن وقف إطلاق النار، وإعادة دمج القوات، ونزع السلاح، وإصلاح القطاع الأمني، وقضايا أخرى تتعلق بالعملية الدستورية.
وحددت الوثيقة 3 أشهر لتنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية، لكن مرت نحو 9 أشهر، ولم ينفذ من بند الترتيبات الأمنية سوى «وقف إطلاق النار»، ما أدى لقدوم أعداد كبيرة من جنود وضباط الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام للخرطوم، فغصّت بعدد كبير من الجيوش غير النظامية متعددة مراكز القيادة.
ووفقاً لإعلام مجلس السيادة الانتقالي، استمعت اللجنة العليا المعنية بتنفيذ ومتابعة اتفاق جوبا لسلام السودان، في اجتماع عقدته بالقصر الجمهوري، أمس، وترأسه عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي، وشارك فيه عضو مجلس السيادة مالك عقار إير، ووزير الدفاع يس إبراهيم يس، وممثلون عن المنطقتين (النيل الأزرق وجبال النوبة)، إلى تقرير «لجنة الترتيبات الأمنية» حول بداية الإجراءات.
وتوصل الاجتماع إلى اتفاق على خطة لبداية ملف الترتيبات الأمنية في منطقة النيل الأزرق في وقت قريب، على أن تبدأ في المناطق الأخرى في وقت لاحق، من دون أن يحدد الاجتماع آجالاً لإنفاذ عمليات الدمج والتسريح للقوات، لتكوين جيش وطني واحد.
وقالت النشرة الصادرة عن اجتماع اللجنة: «تم خلال الاجتماع التوصل إلى كثير من التفاهمات التي سترى النور قريباً، فيما تستمع اللجنة في اجتماعها الأحد المقبل إلى تقرير اللجنة السياسية المتصلة بكيفية تنفيذ اتفاق المنطقتين».
ودأبت الحكومة الانتقالية على تبرير تأخر إنفاذ بند الترتيبات الأمنية، بـ«نقص التمويل» اللازم لتنفيذ العملية، بيد أن تصريحات واتهامات من قادة في هذه الحركات، ألمحت إلى عدم رغبة جهات حكومية وعسكرية على وجه الخصوص، بتنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية، فيما سادت تخوفات من انفلات الأمن بسبب تعدد الجيوش.
وحثّت الإدارة الأميركية الحكومة السودانية على إنشاء جيش موحد، يدمج فيه الجيش وقوات «الدعم السريع»، والحركات المسلحة الكثيرة. وقالت المديرة التنفيذية لوكالة المعونة الأميركية سامنثا باور، لدى زيارتها السودان الأسبوع الحالي، إن واشنطن تدعم تكوين جيش سوداني موحد، تحت قيادة مدنية، كضمانة لتحقيق الاستقرار في السودان.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.