انقلابيو اليمن يتوعدون التجار في مناطقهم بالحبس والإغلاق

سوق صنعاء القديمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
سوق صنعاء القديمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يتوعدون التجار في مناطقهم بالحبس والإغلاق

سوق صنعاء القديمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
سوق صنعاء القديمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)

في مدخل جديد لابتزاز التجار وفرض جبايات إضافية هدَّدت الميليشيات الحوثية أصحاب المحال التجارية والمستوردين بالإغلاق، وسحب التراخيص، والمحاكمة والسجن، إذا لم يلتزموا بتحديد نسبة الأرباح على البضائع، ويكشفوا لها عن كامل بياناتهم، لمضاعفة الجبايات والضرائب.
القيادي محمد علي الحوثي عضو المجلس الانقلابي الذي يحكم مناطق سيطرة الميليشيات حذر التجار من أي زيادة في أسعار السلع، نتيجة انخفاض قيمة الريال اليمني، وتوعَّدهم بالمواجهة «بتشكيل غرفة عمليات (...) بحيث تحسب قيمة السلعة وفقاً لبوليصة الشحن، ويضاف عليها التعرفة الجمركية والضريبية وهامش ربح محدد، ومَن يخالف ذلك يتم إغلاق محله، وسحب الترخيص منه، وإحالته إلى النيابة».
ومع أن محمد الحوثي ليست له صفة مباشرة، فإن وزارة التجارة في حكومة الميليشيات غير المعتَرَف بها، سارعت لتنفيذ توجيهاته، إذ أعلن القيادي محمد الهاشمي، وهو المعيَّن نائباً من قبل الجماعة للوزارة، ما سماها «مرحلة طوارئ لضبط المتلاعبين بالأسعار في كل المحافظات».
وعقد الهاشمي اجتماعاً زعمت وسائل إعلام الجماعة أنه «لمناقشة إجراءات ضبط التجار المتلاعبين بالأسعار، وتكثيف العمل الرقابي والنزول الميداني إلى الفئات التجارية المختلفة».
وتوعد القيادي الحوثي بأنه «سيتم إغلاق محلات التجار المخالفين، وسحب تراخيصهم، وإحالتهم للنيابة» وبـ«وضع قائمة سوداء بالتجار المتلاعبين بالأسعار، ونشرها عبر مختلف وسائل الإعلام، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم».
وقال تجار في صنعاء وذمار لـ«الشرق الأوسط» إن العملية طريقة ابتزاز جديدة، لأن تعديل الرسوم الجمركية خاص بالمواد الكمالية، ولن يشمل المواد الغذائية التي يتولى البنك المركزي في عدن فتح اعتمادات استيرادها وبأسعار تصل إلى نصف قيمة الدولار في السوق.
وأكد التجار أن الأمر من قبل الحوثيين هو محاولة لإرهاب التجار وابتزازهم والسعي لإرغامهم على الاستيراد عبر ميناء الحديدة، الذي فروا منه إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، نتيجة الابتزاز والجبايات المتعددة التي تفرضها سلطة الميليشيات الانقلابية.
وبحسب التجار، فإن التهديد الجديد هو جزء من حملة جبايات يتعرض لها التجار والشركات على حد سواء من قبل ميليشيات الحوثي، التي تبدأ بفرض رسوم جمركية إضافية على تلك التي يدفعونها في المنافذ البرية والبحرية، وهي في معظمها خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية؛ إذ تبدأ هذه الجبايات بما يسمى «المجهود الحربي»، وتنتهي بدعم الاحتفالات الطائفية ومراكز تعليم الفكر المتطرف المسماة «مراكز صيفية».
وكان أحدث تقرير دولي أفاد بأن تدهور الاقتصاد الناتج عن الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي أثر أكثر على حياة غالبية السكان، حيث تضاعفت أسعار المواد الغذائية، وزادت تكلفة المعيشة الأساسية، أربعة أضعاف، عما كانت عليه قبل وقوع الانقلاب.
وأكد التقرير أن الغذاء متوافر في الأسواق، لكن قلَّة من اليمنيين يستطيعون تحمل كلفته، وأنه نتيجة لذلك يحتاج 24.1 مليون يمني (80 في المائة من السكان) إلى مساعدات إنسانية، في حين أن هناك 17 مليون يمني يعتمدون على المساعدات الغذائية وأكثر من ثلث الأسر أبلغت عن عدم كفاية استهلاك الغذاء.
وذكر التقرير أن اليمن يعتمد بالكامل تقريباً على الواردات؛ إذ يستورد أكثر من 90 في المائة من المواد الغذائية. ونتيجة لذلك، فإن أي صدمات يتعرض لها الاقتصاد اليمني تنتقل مباشرة إلى المستهلكين نتيجة لارتفاع الأسعار.
وبالنظر إلى حالة الأمن الغذائي المتردية بالفعل، أشار التقرير إلى أن اليمنيين غير قادرين على امتصاص المزيد من الصدمات، كما أن الانقسام المالي بين الحكومة الشرعية والميليشيا أثر بشكل كبير على الأسعار، وخاصة على الوقود.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.