عشرات الجرحى بمواجهات بين محتجين وقوات الأمن في بيروت

بايدن أعلن عن 100 مليون دولار مساعدات إضافية للبنان

لبنانيون غاضبون يرشقون بالحجارة قرب البرلمان في بيروت (رويترز)
لبنانيون غاضبون يرشقون بالحجارة قرب البرلمان في بيروت (رويترز)
TT

عشرات الجرحى بمواجهات بين محتجين وقوات الأمن في بيروت

لبنانيون غاضبون يرشقون بالحجارة قرب البرلمان في بيروت (رويترز)
لبنانيون غاضبون يرشقون بالحجارة قرب البرلمان في بيروت (رويترز)

أصيب 84 شخصا في مواجهات متفرقة اليوم الأربعاء بين القوى الأمنية والمحتجين في ذكرى انفجار مرفأ بيروت.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني على موقعه على تويتر عن سقوط 10 جرحى تم نقلهم من وسط بيروت، و3 جرحى تم نقلهم من الجميزة، 71 مصابا تم إسعافهم في المكان.
من جهة أخرى، تمكن المحتجون مساء اليوم من إزالة الأسلاك الشائكة قرب أحد مداخل المجلس النيابي مقابل مبنى بلدية بيروت. 
وحاول المحتجون اقتحام مدخل آخر من البرلمان لكن القوى الأمنية استطاعت إجبارهم على الانسحاب من ساحة الشهداء بعد رمي القنابل المسيلة باتجاههم.
وتعمل القوى الأمنية على ملاحقة عدد من المحتجين عند تقاطع الرينج في بيروت وبعض الشوارع في مناطق الجميزة والصيفي.
واستخدمت قوات الأمن اللبنانية مدافع المياه وأطلقت الغاز المسيل للدموع على محتجين قرب مبنى البرلمان اللبناني، مع إحياء الذكرى الأولى للانفجار المروّع الذي وقع في مرفأ بيروت، فيما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستمنح لبنان 100 مليون دولار مساعدات إنسانية إضافية.
وكان المتظاهرون الذين يشعرون بالغضب من عدم تحقيق العدالة لضحايا الانفجار ومن التدهور الشديد في الأحوال المعيشية يرشقون المبنى بالحجارة فيما حاول البعض تسلق بوابته.

من جانبه، قال البطريرك الماروني اللبناني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الأربعاء إن الشعب اللبناني بأكمله يحتاج إلى معرفة من شارك في الأعمال التي أدت إلى الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت قبل عام.
وقال البطريرك في قداس بمناسبة ذكرى الانفجار الكارثي الذي دمر مساحات كبيرة من العاصمة «العدالة هي مطلب كل الشعب اللبناني وندعو القضاء إلى الحزم ومعيب أن يتهرب المسؤولون من التحقيق تحت ستار الحصانة أو عريضة من هنا أو هناك" مشددا على أن «كل الحصانات تسقط أمام الضحايا والشهداء».
وتابع أن جميع اللبنانيين يريدون أن يعرفوا من الذي أحضر المتفجرات ومن سمح بتفريغها ومن سحب كميات منها وإلى أين أرسلت.


في الرابع من أغسطس (آب) 2020 اندلع حريق في مرفأ بيروت تلاه عند الساعة السادسة وبضع دقائق (15:00 ت غ) انفجار هائل وصلت أصداؤه إلى جزيرة قبرص، وألحق دماراً ضخماً في المرفأ وأحياء في محيطه وطالت أضراره معظم المدينة وضواحيها.
قتل الانفجار 214 شخصاً على الأقل بينهم موظفون في المرفأ وإهراءات القمح وعناصر من فوج إطفاء كانوا يحاولون إخماد الحريق، كما قضى أشخاص في منازلهم جراء الزجاج المتساقط وآخرون في سياراتهم أو في الطرق والمقاهي والمتاجر. ودفنت عائلات كثيرة مجرد أشلاء بقيت من أبنائهم.
نتج الانفجار عن كميات ضخمة من مادة نترات الأمونيوم مخزّنة منذ 2014 في العنبر رقم 12 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها ولم يحركوا ساكناً.

ووسط انتشار لقوى الجيش والأمن، انطلقت عند الساعة الثالثة والنصف (12.30 بتوقيت غرينتش) مظاهرات ضخمة من نقاط عدة في بيروت باتجاه المرفأ المدمَّر، استجابةً لدعوات أطلقها أهالي الضحايا وأطباء ومحامون ومهندسون وأحزاب معارضة ومجموعات تأسست خلال احتجاجات 2019 ضد الطبقة الحاكمة للتظاهر رافعين شعار «العدالة الآن».
ومن مقر فوج إطفاء بيروت، قالت وفاء كرم (37 عاماً)، شقيقة أحد عناصر فوج الإطفاء: «قتلونا ودمّرونا... نريد أن نعرف من قتل أشقاءنا ودمّر حياتنا... هذه جريمة بحق الوطن... ونحن لن نسكت».

وإلى جانب أهالي الضحايا، انطلقت مسيرة للمحامين بردائهم الأسود وأخرى للأطباء من مستشفى أُصيب بأضرار هائلة جراء الانفجار.
والتقت المسيرات قرب المرفأ الذي ستقام بداخله وبحضور أهالي الضحايا صلوات إسلامية ومسيحية. وعند تمام الساعة السادسة وسبع دقائق، أي لحظة وقوع الانفجار، ستُتلى أسماء ضحايا أكبر الانفجارات غير النووية في العالم.
هتف المتظاهرون «ثورة، ثورة» و«يسقط يسقط حكم الأزعر، نحن الشعب الخط الأحمر» ورفعوا لافتات كُتب عليها «ممنوع يلّي فجرونا يضلّوا على الكراسي» و«المحاسبة والمحاكمة لدولة الفساد» و«نحن رهائن دولة مجرمة» و«دولتي قتلت شعبي».
وأعلنت السلطات الأربعاء يوم حداد. لكن لا مشاركة رسمية في أيٍّ من النشاطات المقررة.
ووصلت المسيرات إلى مجلس النواب للمطالبة برفع الحصانات عن مسؤولين استدعاهم قاضي التحقيق طارق بيطار ليمْثلوا أمام القضاء. وحدّد أهالي الضحايا الاثنين مهلة 30 ساعة للمسؤولين لرفع الحصانات.
وأكدت مصادر قضائية لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجزء الأكبر من التحقيق انتهى.
وبعد نحو خمسة أشهر على تسلمه الملف إثر تنحي قاضٍ سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن بيطار الشهر الماضي عزمه استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كمدعى عليه، ووجّه كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة عن ثلاثة نواب شغلوا مناصب وزارية، كما طلب الإذن بملاحقة قادة أجهزة أمنية وادّعى على قائد الجيش السابق.
لكن الحصانات والأذونات السياسية تقف اليوم عائقاً أمامه.

وأظهرت تقارير أولية أعدها جهاز أمني مباشرةً بعد الانفجار أن أطنان نترات الأمونيوم كانت مخزّنة إلى جانب مواد قابلة للاشتعال والانفجار، مثل براميل من مادة الميثانول والزيوت وأطنان من المفرقعات النارية.
وقال جفري شرتوني (32 عاماً)، أحد موظفي صوامع القمح المدمرة والذي فقد عدداً من زملائه، لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما زلت أتذكر كل ما رأيته في ذلك اليوم... نسأل أنفسنا كل يوم لماذا قُتلوا؟ وما زلنا ننتظر أن يحاسَب المسؤولون الذين يسرقون البلد منذ سنوات».
واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس (الثلاثاء)، السلطات بانتهاك الحق بالحياة وجرم الإهمال بعدما أظهرت في تحقيق خاص تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين في متابعة قضية شحنة نترات الأمونيوم. كذلك اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات بعرقلة مجرى التحقيق «بوقاحة».
عمّقت كارثة الانفجار وتفشي فيروس «كورونا» قبلها الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019، وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700%.
وتزامناً مع إحياء ذكرى الانفجار، عقدت الدول المانحة عبر تقنية الفيديو بدعوة من فرنسا وبرعاية الأمم المتحدة، مؤتمرها الثالث منذ الانفجار لدعم حاجات اللبنانيين وَعَدَ خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمساعدات جديدة للشعب اللبناني بقيمة مائة مليون يورو.
ورأى ماكرون أن المسؤولين اللبنانيين «مدينون للشعب بالحقيقة»، معتبراً أنهم يراهنون على «اهتراء» الوضع أكثر، وهذا «خطأ تاريخي وأخلاقي».
من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الأربعاء)، تقديم «نحو مائة مليون دولار من المساعدة الإنسانية الجديدة» للبنان، داعياً المسؤولين السياسيين اللبنانيين إلى «إصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد».
ومنذ انفجار المرفأ، يقدّم المجتمع الدولي مساعدات إنسانية مباشرة إلى اللبنانيين من دون المرور بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد والهدر، فيما يشترط تشكيل حكومة تقوم بإصلاحات جذرية لتقديم دعم مادي يساعد على إخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.
لكن رغم الأزمات المتلاحقة والضغوط الدولية، فشل المسؤولون اللبنانيون بالتوصل إلى اتفاق يتيح تشكيل حكومة منذ استقالة حكومة دياب إثر الانفجار والتي ما زالت تقوم بمهام تصريف الأعمال.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».