سوق العمل في الولايات المتحدة تتحسن... لكن التمييز العرقي باقٍ

عمال بناء في نيويورك ينتظرون الخضوع لفحص الحرارة قبل معاودة العمل في ورشة (رويترز)
عمال بناء في نيويورك ينتظرون الخضوع لفحص الحرارة قبل معاودة العمل في ورشة (رويترز)
TT

سوق العمل في الولايات المتحدة تتحسن... لكن التمييز العرقي باقٍ

عمال بناء في نيويورك ينتظرون الخضوع لفحص الحرارة قبل معاودة العمل في ورشة (رويترز)
عمال بناء في نيويورك ينتظرون الخضوع لفحص الحرارة قبل معاودة العمل في ورشة (رويترز)

نجح ملايين الأميركيين الذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بسبب جائحة كورونا في الحصول على وظيفة، لكن العمال السود ومن اصول إسبانية يلاقون صعوبة في تحقيق هذا الهدف، وهي ظاهرة لانعدام المساواة تواجهها الولايات المتحدة منذ عقود.
ويشير الخبراء إلى أن هذا التفاوت يغذيه التمييز في التوظيف منذ وقت بعيد، ويعود أيضًا لاضطرابات معينة مرتبطة بكوفيد، ما يمنع بعض العاطلين عن العمل من تأمين وظيفة يمكنهم الذهاب إليها، أو تمنحهم شعورا بالأمان.
وتقول كايت بان مديرة سياسة سوق العمل في منظمة «واشنطن سنتر فور إكويتابل غروث» غير الحكومية انه «لم يتم فعليا تناول المسائل المتعلقة بهذا التباين الاقتصادي الكامن».
وانخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة مجددا إلى 5,9% في يونيو (حزيران)، بعد أن سجل ارتفاعا كبيرا بلغ 14,7% في أبريل (نيسان) 2020 بسبب إجراءات العزل لمنع انتشار فيروس كورونا. لكن إذا كانت نسبة 5,2% فقط للعمال البيض، فإنها تصل إلى 7,4% للعمال من أصل إسباني و9,2% للعمال السود.
وهي هوة عرقية وإتنية كان أكبر اقتصاد في العالم يعاني منها منذ وقت طويل قبل الجائحة، عندما كانت نسبة البطالة في أدنى مستوياتها منذ 50 عامًا.
وقد تعهد الرئيس جو بايدن بمعالجة المشكلة، مؤكدا أن خطتي الاستثمار الضخمتين اللتين يأمل في تمريرهما في الكونغرس قد تضمنان انتعاشًا اقتصاديًا مستدامًا وأكثر شمولاً.
هذا أيضًا هو هدف الاحتياطي الفدرالي، عندما يؤكد إنه يريد إبقاء معدلات الفائدة الرئيسية قريبة من الصفر لفترة من أجل تعزيز التوظيف في صفوف الأقليات، مما استغرق ما يقارب عقدا من الزمن بعد الأزمة المالية العالمية في 2008.
وقال وليام سبريغز كبير خبراء الاقتصاد في اتحاد «اي اف ال-سي اي او» النقابي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الجميع يعملون بشكل أفضل عندما تكون الكعكة أكبر، وتصبح الكعكة أكبر من خلال انتهاج مواقف هجومية في هذه المواضيع».
سيتم الإعلان الجمعة عن معدل البطالة لشهر يوليو (تموز)، ومن المحتمل أنه انخفض أكثر إلى 5,6%، مع إحداث قرابة مليون فرصة عمل.
وعلق وليام سبريغز على ذلك بقوله لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك عدم مساواة دائمة بين السود والبيض عندما يتعلق الأمر بإعادة التوظيف». وبالتالي فإن نسبة النساء السود اللواتي يبحثن عن عمل أعلى من نسبة النساء البيض. في الوقت نفسه، تجد شركات في جميع أنحاء البلاد صعوبة في إيجاد مرشحين لشغل وظائف معينة. وأضاف: «يشكو جميع أرباب العمل قائلين لا يمكننا ايجاد موظفين. النساء من السود أكثر استعدادا للعمل ومع ذلك لا يتم توظيفهن... إنه تمييز». ورأى أنه «ما لم نتعامل مع التمييز في التوظيف والعمل بجدية لن نتمكن ببساطة من احراز تقدم».
في موازاة ذلك، لا تزال تحديات الوباء قائمة وتمنع بعض العمال من قبول وظائف أو حتى البحث عنها، كما يقول وولتر سايمونز رئيس منظمة «إمبلوي برينس جورج» في ضاحية واشنطن.
كما أن وسائل النقل العام لم تستأنف بعد جداولها ووتيرتها المعتادة، الأمر الذي يشكل عائقاً لبعض الباحثين عن فرص عمل، في حين تم تقليص عدد دور الحضانة المفتوحة ما يطرح مشكلة عندما يضطر الأهل للعمل.
ويضيف وولتر سايمونز أنه عندما تعيش عدة أجيال تحت سقف واحد، يرتفع احتمال الإصابة بالفيروس في العمل ونقل العدوى إلى الأقارب، خاصةً مع تفشي المتحورة «دلتا» الشديدة العدوى.
وتسمح إعانات البطالة الأكثر سخاء والمدفوعة لجميع العاطلين عن العمل حتى 6 سبتمبر (أيلول)، لهؤلاء العمال بتأمين حاجاتهم. لكن نصف ولايات البلاد قد قلصتها أو ألغتها كليا.
يشعر وولتر سايمونز بالقلق متخوفا من أن «أولئك الذين كانوا يعانون صعاباً قبل الوباء» سيواجهون صعاباً أكبر.


مقالات ذات صلة

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن: خطة ترمب الاقتصادية ستكون «كارثة»

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن اليوم الثلاثاء الخطط الاقتصادية لخليفته دونالد ترمب بأنها «كارثة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».