لقاء الفرقاء الليبيين بالمغرب يصطدم بإشكالية الهيئة التي ستمنح الثقة لحكومة الوفاق الوطني

الرباط: أطراف الأزمة واعون بأن حوار «الصخيرات» هو فرصتهم الأخيرة

عضو من وفد تابع للمؤتمر الوطني الذي يتخذ من طرابلس مقرا له يخاطب الصحافيين في المغرب أمس (أ.ب)
عضو من وفد تابع للمؤتمر الوطني الذي يتخذ من طرابلس مقرا له يخاطب الصحافيين في المغرب أمس (أ.ب)
TT

لقاء الفرقاء الليبيين بالمغرب يصطدم بإشكالية الهيئة التي ستمنح الثقة لحكومة الوفاق الوطني

عضو من وفد تابع للمؤتمر الوطني الذي يتخذ من طرابلس مقرا له يخاطب الصحافيين في المغرب أمس (أ.ب)
عضو من وفد تابع للمؤتمر الوطني الذي يتخذ من طرابلس مقرا له يخاطب الصحافيين في المغرب أمس (أ.ب)

لم تكد الأطراف الليبية تتوصل إلى اتفاق مبدئي حول تشكيل حكومة وحدة وطنية (وفاق وطني)، حتى انتصبت أمامها إشكالية تحديد الهيئة التي ستمنح الثقة للحكومة المرتقبة في ظل وجود برلمانين يتنازعان الشرعية في البلاد.
ويرتقب أن تشكل هذه المسألة أبرز عقبة أمام الحوار الليبي، الذي سيتواصل الخميس المقبل في منتجع الصخيرات، الواقع جنوب العاصمة المغربية، بعد أن تقرر أمس تأجيله إلى الأسبوع المقبل، استجابة لطلب مجلس النواب (برلمان طبرق)، لكن جرى الإعلان في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية أن وفد طبرق سيصل إلى المغرب، صباح أمس (الجمعة)، على أن تلتئم جلسات الحوار اليوم (السبت)، بيد أن وفد طبرق لم يصل أمس إلى الرباط.
في غضون ذلك، سيعقد مجلس النواب الليبي اجتماعا طارئا في مقره بمدينة طبرق ابتداء من يوم غد (الأحد) لدراسة النتائج التي توصل إليها الحوار، وتحديد أسماء مرشحيه لرئاسة الحكومة الانتقالية المقبلة.
من جهته، قال صلاح الدين مزوار، وزير خارجية المغرب، في تصريحات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط»، أمس، في مدينة الداخلة، ثاني أكبر مدن الصحراء المغربية، إن بلاده تسعى لكي يستمر الحوار الليبي - الليبي، مشيرا إلى أن أطراف الأزمة الليبية واعون بمسؤولياتهم، وواعون أيضا بأن حوار «الصخيرات» هو حوار الفرصة الأخيرة، وهو الأمر الذي عبروا عنه بأنفسهم.
وأضاف مزوار: «نحن نهيئ ظروف وأجواء الحوار، ونحاول إقناع كل الأطراف بأن تسير في اتجاه تحقيق مصلحة ليبيا، وتحقيق استقرارها ووحدتها. فعندما نتناقش مع كل طرف على حدة نجدهم مقتنعين بذلك، والشيء الذي يبقى أمامنا هو أن نوفر لهم الإطار لكي يصلوا إلى نفس الخلاصة التي يؤمنون بها، أي إيجاد حل سياسي عبر إقامة حكومة توافق وطني، ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب، والحفاظ على وحدة التراب الليبي.. الجميع متفقون على ذلك».
وردا على سؤال حول حقيقة وضع الحوار الليبي - الليبي في المغرب، وهل جرى تأجيله، ومتى يحضر ممثلو برلمان طبرق إلى الرباط، بعد أن تسربت أنباء الليلة قبل الماضية عن وصولهم إلى المغرب صباح أمس (الجمعة)، قال مزوار: «أعتقد أن كل وفد أعلن عن موعد قدومه إلى الرباط. وفد طرابلس وصل، ووفد مصراته وصل أيضا، بينما لم يحضر وفد طبرق الذي ما زال يناقش بين مكوناته مقترحا واضحا يطرحه على (حوار الصخيرات)». وحينما سينضج ذلك سيأتون بالتأكيد إلى الرباط، ولدي اليقين أنهم سيتحملون مسؤولياتهم.
وردا على سؤال آخر حول ما إذا كان هناك موعد محدد لوصول وفد طبرق إلى المغرب، قال مزوار إنه ليس لديه علم بالموعد لأن المسالة تهمهم. وزاد قائلا: «الرباط وضعناها رهن إشارة كل فرقاء الأزمة الليبية. هم في بلدهم ونحن نوفر لهم مناخ الحوار، وتساعد الأمم المتحدة ومبعوثها في هذا الاتجاه. فكلما ساهمنا جميعا في هذا الدعم سيصلون إلى مبتغاهم».
وخلص مزوار إلى القول «ما تبقى لنا هو أن كل الأطراف التي تتدخل في الموضوع الليبي يبقى من مسؤولياتها أن تساعد ليبيا على الخروج من النفق الذي توجد فيه».
وكان المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، الذي يهيمن عليه الإسلاميون، ويتخذ من طرابلس مقرا له، قد اقترح تشكيل مجلس رئاسيات يضم 3 ممثلين عن مجلس النواب بطبرق، و3 ممثلين عن المؤتمر الوطني بطرابلس، كسبيل للخروج من الأزمة. غير أن مجلس النواب (برلمان طبرق) رفض هذا الاقتراح، معتبرا أنه الجهة الوحيدة المخولة منح الثقة للحكومة الجديدة ومراقبتها ومحاسبتها، باعتباره برلمانا منتخبا من طرف الليبيين، ويحظى بالاعتراف الدولي. وهدد برلمان طبرق بالانسحاب من المفاوضات إذا نزعت منه هذه الصلاحية.
وكان على المؤتمر الوطني أن يترك مكانه لمجلس النواب المنتخب قبل 6 أشهر، غير أنه لجأ إلى الطعن في شرعيته لدى المحكمة العليا في طرابلس، التي أصدرت حكما بحل مجلس النواب، واستمرار المؤتمر الوطني في ممارسة السلطة التشريعية. إلا أن مجلس النواب رد بالطعن في حكم المحكمة العليا أمام محكمة استثنائية في مدينة البيضاء، التي أصدرت حكما آخر لصالحه.
من جهة أخرى، يرى مجلس النواب (برلمان طبرق) أن حكم المحكمة العليا في طرابلس صدر تحت الضغط، كون طرابلس تخضع لسيطرة ميليشيات مسلحة مقربة من الإسلاميين. ويرتقب أن يشكل النزاع حول الشرعية البرلمانية أهم مشكلة سيكون على الحوار الليبي - الليبي أن يجد حلا لها خلال الجولة المقبلة، والذي يتوقع أن يبدأ الخميس المقبل في منتجع الصخيرات. وتضم لجنة الحوار الليبية نحو 30 عضوا، ضمنهم 4 أعضاء من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، و4 أعضاء من مجلس النواب الجديد، بالإضافة إلى ممثلين عن المجموعات المنسحبة من البرلمانين وشخصيات مستقلة وممثلين عن المجتمع المدني.
وستكون مهمة إذابة الجليد بين البرلمانين المتنازعين أهم رهانات الجولة المقبلة من الحوار. وحسب مصادر مقربة من المفاوضات، فإن موضوع تشكيل حكومة وفاق وطني لم يعد مشكلة، كما أن الجميع أصبحوا متفقين حول الشروط التي يجب أن تتوفر في المرشحين لرئاسة هذه الحكومة، وعلى رئيسها ألا يكون مزدوج الجنسية، وألا يكون طرفا في التجاذبات السياسية التي عرفتها البلاد أو محسوبا على إحدى الميليشيات المسلحة. كما تقرر أن يقدم كل طرف الأسماء التي يرشحها لتولي هذا المنصب، وفي حالة عدم التوصل إلى توافق حول اسم معين، سيجري الحسم في ذلك بالتصويت السري من طرف أعضاء لجنة الحوار.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.