سباق محموم لتسويق التمور السعودية

بدء التصدير لبلدان الخليج وسط تنافس مدن المملكة على إبراز 45 صنفاً من الإنتاج

المناطق السعودية تبدأ التنافس لتقديم منتجات التمور وتصديرها إلى الخارج (الشرق الأوسط)
المناطق السعودية تبدأ التنافس لتقديم منتجات التمور وتصديرها إلى الخارج (الشرق الأوسط)
TT

سباق محموم لتسويق التمور السعودية

المناطق السعودية تبدأ التنافس لتقديم منتجات التمور وتصديرها إلى الخارج (الشرق الأوسط)
المناطق السعودية تبدأ التنافس لتقديم منتجات التمور وتصديرها إلى الخارج (الشرق الأوسط)

تنافس محموم اندلع مع دخول الشهر الحالي، لتسويق التمور من محصول مزارع النخيل السعودية، إذ تشهد بعض مناطق البلاد منافسة حامية الوطيس لاقتطاع حصة من سوق تسويق وتصدير أنواع التمور، حيث فتحت محافظة عنيزة (وسط السعودية) أبوابها السبت الماضي لاستقبال المتسوقين والجمهور في موسم التمور، ويأتي ذلك تزامناً مع انطلاق فعاليات مهرجان بريدة للتمور في اليوم التالي لتضم أكبر تظاهرة اقتصادية موسمية على مستوى المملكة، في وقت تتأهب فيه محافظة الأحساء (شرق المملكة)، التي تضم أكبر الواحات الزراعية في البلاد، إعداد خطة القطاف والتسويق، بينما بادرت الهيئة الملكية بالعلا لإبرام اتفاقية رفع كفاءة إنتاج النخيل تأهبا لترويج تمور المنطقة عالميا.

بريدة وعنيزة
يعرف عن منطقتي بريدة وعنيزة (المدينتين الأكبر في منطقة القصيم وسط المملكة) جودة منتجاتها من التمور لأكثر من 45 نوعاً لتتمكن تلك المهرجانات من زيادة العوائد الاقتصادية للمدينة والمحافظة تحديداً وللسعودية بصفة عامة نظير تنوع المنتجات منها السكري والبرحي والعسيلة والروثانة والخلاص والصقعي.
يقول الخبير الاقتصادي أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط» إن مهرجانات التمور تعد فرصة للتعريف بجودة تلك المنتجات السعودية نظراً لما تمتلك البلاد من تنوع في أصناف التمور، مبيناً أن المملكة تقدم جميع التسهيلات لتمكين القطاع الخاص السعودي من تسويق منتجاته سواءً محلياً ودولياً ليعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
وأضاف الجبير أن الدعم والتسهيلات الحكومية مكنت المنتجات السعودية لدخول الأسواق العالمية ولها حضور دولي لكون الجهات الحكومية تتكاتف جهودها وتوحد خدماتها وبرامجها من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة وهي تنويع مصادر الدخل والاعتماد على الإيرادات غير النفطية وهذا ما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
ووفقاً للجبير، يمنح صندوق التنمية الزراعي القروض لجميع المزارعين وكذلك برنامج الإعانات الزراعية الوطنية من قبل وزارة البيئة والمياه والزراعة ليتوافق مع تطلعات الرؤية السعودية حث يهدف إلى دعم منتجات الغذاء من خلال توجيه الدعم لمستحقيه وخاصة لصغار المزارعين والمستثمرين.

التظاهرة الكبرى
وانطلقت الأحد الماضي فعاليات مهرجان بريدة للتمور الأحد الماضي في أكبر تظاهرة اقتصادية موسمية على مستوى المملكة والعالم في مجال التمور وسط آلاف السيارات المحملة بأطنان التمور الذي تنظمه أمانة منطقة القصيم وتشرف عليه إمارة المنطقة بشراكة استراتيجية مع وزارة الثقافة ممثلة بهيئة فنون الطهي الذي سيستمر 35 يوماً.
وجاءت أسعار التمور في متناول الجميع وسط حركة بيع وشراء مثالية مع ما يشهده السوق من تنوع بأصناف التمور والتي تقدر بأكثر من 45 نوعًا، وسط تطبيق الاشتراطات الصحية والتدابير الوقائية في جميع الأنشطة المتعلقة بالمهرجان والتأكيد على الجميع بتطبيق الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد .
وقد هيأت أمانة منطقة القصيم مناخاً تسويقياً وترفيهياً ملائماً ووفرت البيئة المناسبة لجميع المعنيين بالمهرجان من مزارعين وتجار وزوار، وتم توزيع مسارات ساحة البيع على المسوقين وتكثيف فرق ضبط الجودة والإحصاء وإرشاد المستهلك لأجود التمور وأصنافها المتنوعة وخدمات ما بعد البيع التي تشمل إيجاد مركز للشحن المبرد وتعبئة وتغليف التمور ونقلها إلى داخل وخارج المملكة، بالإضافة إلى ساحة التصدير لكبار التجار والمصدرين، كما خصصت خيمة للبيع بالتجزئة يمارس من خلالها الشباب بيع التمور بالشراكة مع جمعية خيري للتمور وخيمة خاصة بالأسر المنتجة بالشراكة مع بنك التنمية.
من جانبه، بين المدير التنفيذي للمهرجان الدكتور خالد النقيدان، أن المهرجان يسعى إلى زيادة النطاق التسويقي لتمور المنطقة وجذب القوة الشرائية وتوسيع دائرتها وتهيئتها للمستهلك والمستثمر وتصديرها داخل المملكة وخارجها ، وتشجيع قطاع الصناعة للدخول بصناعة مشتقات التمور.
ويعتبر المهرجان الذي يشارك فيه أكثر من 4 الآف شاب وفتاة مجموعة من الفعاليات والبرامج والأنشطة والمعارض التي تعنى بالتمور ومشتقاتها بمشاركة عدد من الجهات الحكومية والاجتماعية والخيرية بمركز النخلة بمدينة التمور وبمنتجع ديرتي الريفي مع ما يقدمه المهرجان من برامج ثقافية وتوعوية واجتماعية وترفيهية تستهوي طبقات المجتمع المتعددة.

قبلها بيوم
وقبل انطلاق مهرجان بريدة بيوم، وتحديدا السبت الماضي انطلق المزاد الرسمي لموسم عنيزة للتمور وذلك في المدينة الغذائية شرق عنيزة تحت عنوان «ريادة الأعمال والتسويق الإلكتروني».
وفي بيان صدر أمس، شهد موسم عنيزة للتمور الذي تنظمه الغرفة التجارية الصناعية بعنيزة، والمقام حالياً في المدينة الغذائية بالمحافظة حراكًا لافتًا في منطقة التصدير الدولي، وعمليات الشحن إلى دول مجلس التعاون الخليجي خاصة الكويت والإمارات وبعض الدول العربية والأوربية.
وأوضح رئيس اللجنة الزراعية بغرفة عنيزة رئيس منصة التصدير بالموسم عبدالرحمن الكريدا أن الطلبات العربية تتركز على رطب السكري من نوع (المفتل)، وعلى ثمرة (البرحي)، فيما تتركز طلبات دول مجلس التعاون الخليجي على (السكري) وهو النوع المطلوب أيضاً من الدول الأوروبية.

جودة التمور
من جانبه، أكد الدكتور سالم باعجاجة أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تمتاز بجودة التمور وتعتبر من المنتجات التي تراهن عليها لتسويقها وتصديرها دولياً، لافتاً إلى أن المهرجانات تسعى إلى زيادة النطاق التسويقي لتمور مناطق المملكة وجذب القوة الشرائية وتوسيع دائرتها وتهيئتها للمستهك والمستثمر وتصديرها داخل وخارج السعودية.
وتابع الدكتور باعجاجة، أن الدولة تهيئ منظومة الخدمات للمزارع والتاجر والمستهلك مما ينعكس على رفع مشاركة الشباب والفتيات في تلك المهرجانات لعرض منتجاتهم من التمور ومشتقاتها لتسهم في تحسين دخلهم المعيشي مع توفير جميع التسهيلات لتوسيع وتطوير أعمالهم.

خطة في الأحساء
وشهد الأسبوع المنصرم، تنظيم أمانة الأحساء (شرق المملكة) اجتماعاً مع عدد من الإدارات الحكومية بالمحافظة، لمناقشة الخطة التنفيذية والاستعدادات الخدمية والتنظيمية لإطلاق مزاد موسم صرام (قطف) تمور الأحساء 2021، بدءا من منتصف الشهر الحالي، في مدينة الملك عبد الله للتمور «كاكد» التابعة لأمانة الأحساء.
وأوضح أمين الأحساء المهندس عصام بن عبد اللطيف الملا، أن اللجان التنفيذية المتكاملة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، حددت الآليات المتبعة في استقبال المزارعين وكميات التمور الواردة، في ظل تطبيق الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية من فيروس كورونا، وتأكيد تعبئة التمور في العبوات إلكرتونية المطابقة لمعايير صحة البيئة تعزيزاً للخطوات التطويرية لموسم الصرام، وتدعيماً لمكانة التمور بالأحساء من حيث الجودة والسعر والتداول.
وأشار إلى أن تنظيم مزاد موسم التمور في (كاكد) يتم عبر آليات مقننة ومدروسة وسط مظلة تبلغ مساحتها 30 ألف متر مربع.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»