مخطط استيطاني شمال القدس لإحراج بنيت قبل لقائه بايدن

بنيت يخفف عن نتنياهو بعد تصويت الكنيست على حكومته في يونيو الماضي (رويترز)
بنيت يخفف عن نتنياهو بعد تصويت الكنيست على حكومته في يونيو الماضي (رويترز)
TT

مخطط استيطاني شمال القدس لإحراج بنيت قبل لقائه بايدن

بنيت يخفف عن نتنياهو بعد تصويت الكنيست على حكومته في يونيو الماضي (رويترز)
بنيت يخفف عن نتنياهو بعد تصويت الكنيست على حكومته في يونيو الماضي (رويترز)

في محاولة للمعارضة الإسرائيلية إحراج رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، مع الإدارة الأميركية، أعادت طرح مشروع البناء الاستيطاني على أرض مطار قلنديا في القدس الشرقية المحتلة، الذي تم تجميده في زمن حكومة بنيامين نتنياهو جراء المعارضة الأميركية والدولية له.
ويهدف المخطط لبناء بلدة جديدة تكون بمثابة حي يهودي جديد في مستوطنة «عطروت»، القائمة على الأرض المذكورة، حيث كانت قبل الاحتلال سنة 1967 مطاراً صغيراً وتم التخطيط لأن يكون مطاراً مركزياً ودولياً للدولة الفلسطينية العتيدة، وفق اتفاقيات أوسلو. ويأتي المخطط، الذي يشمل بناء نحو 9 آلاف وحدة استيطانية جديدة، ليقضي على إمكانية استئناف عمل المطار وكذلك يستهدف توسيع وتغيير حدود مدينة القدس الشرقية المحتلة وتقطيع أوصال القرى الفلسطينية الواقعة في المنطقة، ووضع عراقيل جديدة أمام خطط إقامة دولة فلسطينية ذات امتداد طبيعي من القدس الشرقية إلى الشفة الغربية.
وكان المخطط قد طُرح مرات عدة في الماضي، آخرها قبل سنة، لكنه أثار معارضة سياسية واسعة النطاق في الولايات المتحدة ولدى دول الاتحاد الأوروبي؛ مما اضطر نتنياهو إلى تجميده وإنزاله عن جدول أعمال الحكومة. وقد انتقد نفتالي بنيت، الذي كان في المعارضة، قرار التجميد في حينه وطالب نتنياهو بعدم الرضوخ للضغوط الدولية في موضوع مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل. واهتم حزب «يمينا» برئاسة بنيت، وحزب «تكفا حدشا» (أمل جديد) برئاسة وزير القضاء، غدعون ساعر، بهذا الموضوع خلال حملاتهما الانتخابية الأخيرة، وأعلنا التزامهما تعزيز البناء الاستيطاني في القدس المحتلة عموماً، ودفع مخطط البناء في «عطروت» بشكل خاص.
واليوم تحاول قوى المعارضة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو، إعادة طرح المشروع على جدول الأعمال أمام لجنة التنظيم والبناء في بلدية القدس. ومع أن اللجنة لن تجتمع قبل شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فقد طرحته المعارضة على جدول الأعمال الآن، بعد أن نشر أن نفتالي بنيت، سيتوجه إلى البيت الأبيض في الشهر الحالي.
وقررت اللجنة وضع المخطط الاستيطاني على جدول أعمالها بغرض تلقي الاعتراضات العامة عليه، للبت فيها خلال الجلسة القادمة. وقد علم أن المستوطنين في «عطروت» وغيرها، يعدون سلسلة اعتراضات حتى تتم ملاءمة المخطط لرغباتهم.
المعروف أن سياسة الحكومات الإسرائيلية ترمي إلى بحث مخططات الاستيطان الكبرى في مدينة القدس بالتنسيق مع مكتب رئيس الحكومة، بسبب حساسية الموضوع ولمنع مواجهات دبلوماسية علنية قد تسبب الحرج لإسرائيل مع أصدقائها في العالم. وقد أكد ناطق بلسان مكتب بنيت، أمس (الثلاثاء)، أن لجنة التخطيط والبناء لمنطقة القدس لم تنسق جلساتها معه. كما ادعى مكتب وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، زئيف إلكين، أنه ورغم تأييده المبدئي لمشروع الاستيطان في قلنديا، فإنه يؤكد أن طرح المشروع الاستيطاني مجدداً على طاولة اللجنة، لم ينجم عن توجيهات وزارية. وحتى وزيرة الداخلية، أييلت شكيد، المعروفة بدعمها الاستيطان، والتي تعدّ لجنة التخطيط والبناء لمنطقة القدس تابعة إدارياً لوزارتها، نفت، عبر مكتبها، أن تكون قد أصدرت أوامر بدفع المخطط الاستيطاني، وأكدت في المقابل أنها «تدعم المشروع وستعمل على الدفع به».
والمشروع الاستيطاني المذكور يعدّ أحد أضخم مشاريع الاستيطان في القدس والضفة الغربية منذ احتلال عام 1967؛ فهو يمتد على نحو 1200 دونم ويشمل منطقة صناعية ومراكز تجارية بمساحة 300 ألف متر مربع، و45 ألف متر مربع ستُخَصَّص لـ«مناطق تشغيل» وفندق وخزانات مياه وغيرها من المنشآت. وستبنى فيه، حسب المخطط، 9 آلاف وحدة سكن استيطانية. وقد اعترضت عليه إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، وطالبت إسرائيل بتصفيته تماماً لأنها خصصته، حسب «صفقة القرن» لإنشاء منطقة سياحية للفلسطينيين. وعندما رفضت السلطة الفلسطينية صفقة القرن، توجه نتنياهو لإدارة ترمب بطلب العودة إلى المشروع الاستيطاني والحصول على الضوء الأخضر للدفع بالمخطط، إلا أن البيت الأبيض رفض ذلك.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.