السودان: مجلس الوزراء يجيز «الانضمام للجنائية الدولية»

خطوة تمهد لتسليم البشير ومعاونيه بجرائم الحرب في دارفور

TT

السودان: مجلس الوزراء يجيز «الانضمام للجنائية الدولية»

أجاز مجلس الوزراء السوداني بالإجماع، أمس، مشروع قانون انضمام السودان لنظام «روما» الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي خطوة من شأنها أن تمهد لتسليم الرئيس المعزول عمر البشير وعدد من معاونيه المتهمين بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور.
وقال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في «تدوينة» على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك» إنه ينتظر المصادقة النهائية على مشروع القانون من مجلسي السيادة والوزراء، الهيئة التشريعية المؤقتة في البلاد وفقاً للوثيقة الدستورية، التي تحكم الفترة الانتقالية. مؤكداً «أن العدالة والمحاسبة هما الأساس الراسخ للسودان الجديد والملتزم بسيادة حكم القانون الذي نسعى جميعاً لبنائه».
وذكر بيان صحافي أن مجلس الوزراء أجاز بالإجماع مشروع قانون يقضي بالانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998. مضيفاً أن المجلس تداول حول ملف العدالة بمفهومه الشامل، وقرر المُضي به قُدُماً مع بقية مؤسسات وسلطات الفترة الانتقالية، باعتبار أن العدالة والمحاسبة هي عمود الظهر لأي بناء جديد ولا يُمكن القفز عليها بأي حال.
وقرر مجلس الوزراء السوداني في يونيو (حزيران) الماضي، عقب اجتماعات مطولة استمرت 3 أيام، تسليم الرئيس المعزول عمر البشير وبقية المطلوبين إلى محكمة الجنايات الدولية في «لاهاي».
وطالبت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية، فاتو بنسودة، إبان زيارتها للخرطوم في مايو (أيار) الماضي، الحكومة الانتقالية في السودان بمزيد من التعاون فيما يتعلق بإجراءات مثول المطلوبين أمام المحكمة. مؤكدة أن المحكمة ستستمر في مطالبة الحكومة الانتقالية في السودان بتسليمها كل المتهمين، الذين صدرت بحقهم أوامر قبض في الجرائم التي ارتكبت في إقليم دارفور، ليمثلوا أمامها، أسوة بالمتهم علي «كوشيب».
واتفقت الحكومة السودانية والحركات المسلحة خلال محادثات السلام في جوبا، على ضرورة مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت الجنائية الدولية قد وجهت 31 تهمة ضد علي محمد علي عبد الرحمن الشهير بـــ«كوشيب»، أحد قادة ميليشيا «الجنجويد»، لارتكابه جرائم قتل في هجمات متعمدة ضد المدنيين في مناطق بشمال إقليم دارفور، عامي 2003 و2004، عدتها الجنائية من جرائم حرب وضد الإنسانية، وإبادة جماعية.
ولا تزال المحكمة تبحث مع السلطات السودانية آليات مثول المتهمين المطلوبين أمام المحكمة، وهم الرئيس المعزول عمر البشير، ووزير دفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، ومساعده الأسبق، وأحمد هارون المحتجزين بسجن «كوبر» المركزي بالخرطوم، والذين يواجهون العديد من التهم الجنائية.
ودفعت الحكومة السودانية خلال النقاشات مع المحكمة الجنائية بثلاثة مقترحات للتعامل مع ملف المطلوبين، وذلك بمحاكمتهم أمام محكمة خاصة، أو أمام محكمة هجين، أو تسليمهم للعدالة الدولية.
ومنذ عام 2009 تلاحق الجنائية الرئيس السوداني المعزول بتهم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب في دارفور، تجاوز عدد ضحاياها 300 ألف قتيل ونحو 3 ملايين لاجئ ونازح خارج وفقاً للأمم المتحدة.
وأحال مجلس الأمن الدولي عام 2005 قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وقضى القرار بملاحقة مسؤولين في الحكومة والجيش وقادة ميليشيات قبلية، عن عمليات قتل وتهجير واغتصاب جرت في دارفور.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».