سفن فضائية.. بأشرعة شمسية

تدشن رحلات عبر الفضاء من دون وقود

سفن فضائية.. بأشرعة شمسية
TT

سفن فضائية.. بأشرعة شمسية

سفن فضائية.. بأشرعة شمسية

لطالما كان «الإبحار على أشعة الشمس» حلما يراود علماء الصواريخ. وكانت منظمة «بلانيتري سوسايتي» التي تروج لاستكشاف الفضاء قد أعلنت في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أنها تزمع إرسال أول سفينتي فضاء صغيرتين لاختبار تكنولوجيا الأشرعة الشمسية (solar sails) في المدار خلال شهر مايو (أيار) المقبل مع أقمار صناعية صغيرة أخرى، توضع على الصاروخ «أطلس 5». وقال ويليام سانفورد ناي، الرئيس التنفيذي للمنظمة: «نحن نعتقد بشدة في إمكانية أن يحدث هذا كجزء من مهام التنقل بين الكواكب في المستقبل. إلا أن هناك طريقا طويلا لتنفيذ الكثير من المهام».

* أشرعة شمسية
عندما ترتطم الفوتونات الضوئية (الكمّات الضوئية الدقيقة) بسطح لامع فإنها تولد زخما دافعا، وهي الظاهرة التي تنجم مباشرة من معادلات الكهرومغناطيسية التي نشرها عالم الفيزياء جيمس كليرك ماكسويل في ستينات القرن الماضي.
ويبدو جول فيرن في روايته «من الأرض إلى القمر» التي تعود لعام 1865 أول من اكتشف إمكانية التحكم في هذه القوة للسفر عبر النظام الشمسي. ويمكن أن يزيد قصف أشعة الشمس على منطقة كبيرة سرعة سفينة فضاء تدريجيا ولكن بشكل متواصل.
وسيكون حجم سفينة الفضاء المسماة «لايت سيل» LightSail التي ستطلقها منظمة «بلانيتري سوسايتي» بحجم رغيف خبز، أبعادها 4 بوصات × 4 بوصات × 1 قدم (البوصة 2.5 سم، والقدم 30 سم تقريبا) وفي المدار سوف تخضع هذه السفينة لاختبار مدته شهر قبل أن تمد 4 أذرع طولها 13 قدما، وتفكيك 4 قطع مثلثة الشكل مصنوعة من مادة «مايلر» سمكها أقل من 1/ 5.000 بوصة، من أجل تشكيل شراع شمسي كبير بشكل مربع يمتد على مساحة 345 قدما مربعة تقريبا.

* سفن فضائية شراعية
الهدف من رحلة شهر مايو هو التأكد من فعالية نظام الإبحار والأنظمة الأخرى بالشكل المرغوب فيه. مع ذلك، فعند الارتفاع الذي ستحلق عليه «لايت سيل» سيكون الهواء الذي يؤثر على الإبحار أكبر من ضغط أشعة الضوء وستسقط السفينة من المدار وتحترق في غضون بضعة أيام. ولا تستطيع الشركة تحديد هذا الارتفاع لأن الحمولة الأساسية التي ينقلها الصاروخ «أطلس 5» هي الأقمار الصناعية العسكرية. ومن المقرر أن يتم إطلاق سفينة «لايت سيل» أخرى خلال العام المقبل على ارتفاع 450 ميلا يحملها صاروخ «فالكون هيفي» من شركة «سبيس إكسبولريشين تكنولوجيز» أو «سبيس إكس». وستكون هذه الرحلة أول رحلة تستعرض فيها عمليات السيطرة على تقنية الأشرعة الشمسية في مدار حول الأرض. وقال ناي إن «الفكرة هي في التمكن من التحرك كقارب في كل مدار».
وتم صنع سفينتي «لايت سيل» بتكلفة تقل عن 4 ملايين دولار بتمويل من مواطنين مدنيين على حد قول ناي. وبدأت وكالة «ناسا» التفكير في الإبحار الشمسي في سبعينات القرن الماضي في إطار مهمة للالتقاء بمذنب هالي عام 1986. إلا أن تلك السفينة كانت ستصبح ضخمة جدا؛ فحسب التصميم المبدئي كان الشراع مربع الشكل على جانب مساحته نصف ميل تقريبا، مما يجعل المساحة 7 ملايين قدم مربعة ويتم بسط الشراع من مكوك فضاء تابع لوكالة «ناسا».
وتم التخلي عن هذا التصميم مقابل تصميم آخر حظي بثقة أكبر من المهندسين يقوم على تنفيذ عدة عمليات بواسطة أشرعة مستطيلة الشكل عرض كل منها 25 قدما وطولها أكثر من 4 أميال تنتشر مثل ريشات مروحية تدور ببطء بحيث تنتج قوة مركزية كافية للإبقاء على عملية الإبحار منبسطة.
وفي النهاية تم اعتبار عمليات الإبحار الكبيرة قفزة تكنولوجية تتضمن مخاطرة كبيرة. وقال لويس فريدمان، الذي كان مهندسا في مختبر الدفع النفاث «JPL» من قيادة المشروع: «لقد كانت الخطوة جريئة جدا في وقتها». وبسبب التأجيل المتكرر واستنفاد التكلفة على برنامج مكوك الفضاء، اضطرت وكالة «ناسا» لإلغاء مهمة مذنب «هالي» وانتهى الاهتمام بعمليات الإبحار بالأشرعة الشمسية في الوكالة. وأوضح فريدمان قائلا: «لقد كان هناك رد فعل سلبي قوي تجاه الإبحار الشمسي».
منذ عقد تعاونت منظمة «بلانيتري سوسايتي» مع علماء روس في صنع سفينة فضاء تعمل بتقنية الإبحار بالأشرعة الشمسية تسمى «كوزموس 1»، بالحصول على 4 ملايين دولار من الأعضاء. وقال فريدمان، الذي ترك «ناسا» عام 1980 وساعد في تأسيس منظمة «بلانيتري سوسايتي» بصفته مديرا تنفيذيا: «لقد قلت إن الفرصة قد سنحت للقيام بشيء على أرض الواقع». وتم إطلاق «كوزموس 1» في يونيو (حزيران) عام 2005 من غواصة نووية روسية، لكن الصاروخ أخفق وفُقدت السفينة الفضائية قبل التمكن من اختبار نظام الإبحار. وبدلا من محاولة صنع سفينة «كوزموس 1» أخرى، اتجهت المنظمة إلى صنع واحدة أصغر باسم «لايت سيل» مستفيدة من جيل جديد من أقمار اصطناعية أصغر وأقل سعرا تعرف باسم «كيوب سات». وقال ناي: «وسيلة الحصول عليها وصناعتها أسهل؛ فأنت لا تحتاج إلى سفينة فضاء كاملة».

* تصاميم جديدة
كذلك تم إعادة إحياء الاهتمام بالإبحار بالأشرعة الشمسية في «ناسا» التي نجحت في اختبار سفينة «كيوب سات» «نانو سيل دي» بنفسها عام 2011 موضحة بذلك كيفية استخدام شراع في دفع أقمار صناعية معطلة خارج المدار إلى الغلاف الجوي بدلا من زيادة تراكم الخردة الفضائية المحيطة بالأرض. ويمكن أن يتجه قمران «كيوب سات» تابعان لوكالة «ناسا» من خلال الأشرعة الشمسية نحو الفضاء مع أول إطلاق للوكالة لصاروخها الجديد الثقيل «سبيس لانش سيستم» المتوقع أن يتم عام 2018.
وسيتم استخدام الأشرعة الشمسية في القمر «لونار فلاش لايت»، لا بهدف الدفع فحسب، ولكن أيضا لعكس ضوء الشمس على الحفر المحفوفة بالظلال بالقرب من أطراف القمر. ويمكن من خلال هذا إلقاء نظرة على مستودعات الجليد في قاع تلك الحفر. أما القمر الآخر «إن إي إيه سكاوت» فسيزور كويكبات يقع على مسافة قريبة من الأرض. وستبلغ تكلفة كل عملية من عمليات استكشاف الفضاء 15 مليون دولار وهو مبلغ يقل عن تكلفة أكثر المهمات التي تقوم بها وكالة «ناسا».
وقد أرسلت اليابان بالفعل شراعا شمسيا في رحلة بين الكواكب، حيث تم إطلاق سفينة الفضاء «إيكاروس»، وهي اختصار لعبارة «طائرات ورقية بين الكواكب مدعمة بإشعاع الشمس» في مايو 2010 ومرت بجوار كوكب الزهرة في وقت لاحق من ذلك العام.
ويعد روبرت شتيليه من المشاركين في عملية العصف (الشحذ) الذهني في مختبر الدفع النفاث ممن توصلوا إلى مفاهيم أخرى مثل ملاحظة الشمس من خلال «كيوب سات» التي تمنح العلماء مؤشرات على إنذار بحدوث عاصفة شمسية قوية يمكن أن تدمر شبكات الطاقة على الأرض، قبلها بثلاثة أيام.
ويوفر الإبحار بالأشرعة الشمسية النفقات ويخفف حمل الوقود الثقيل ويساعد في خفض تكلفة مهمة مراقبة الشمس إلى أقل من 100 مليون دولار، على حد قول شتيليه، أي أقل من خمس تكلفة الطريقة الأكبر والأكثر تقليدية التي تتم باستخدام المحركات التي تحدد الاتجاه والارتفاع. وهناك إمكانية أخرى تتمثل في صنع سفينة فضاء صغيرة شمسية تعمل وفقا للإبحار الشمسي وتتنقل بين الأرض والمريخ، وهو ما يعد تمهيدا لسفن شحن تنقل الإمدادات إلى رواد فضاء يعيشون على كوكب المريخ.
في النهاية يمكن أن تأخذنا تقنية الأشرعة الشمسية حتى النجوم. وقد تكون أشعة الشمس أضعف من أن تصلح وقودا لمثل هذه الرحلات، لكن يمكن أن يقدم جهاز ليزر عملاق موجه نحو شراع ضخم، الطاقة اللازمة. مع ذلك لا يوجد جهاز ليزر ولا شراع شمسي بالحجم المناسب حتى هذه اللحظة، لكن فريدمان يرى أن هذه هي «التكنولوجيا الوحيدة التي يمكن أن تقودنا نحو السفر بين النجوم».

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.