«النواب» الليبي يناقش الانتخاب المباشر للرئيس... ويؤجل الميزانية

وزير خارجية إيطاليا يزور طرابلس لدفع مسار الانتخابات

صورة وزعها المجلس الرئاسي الليبي لاجتماع  المنفي مع وزير الخارجية الإيطالي أمس
صورة وزعها المجلس الرئاسي الليبي لاجتماع المنفي مع وزير الخارجية الإيطالي أمس
TT

«النواب» الليبي يناقش الانتخاب المباشر للرئيس... ويؤجل الميزانية

صورة وزعها المجلس الرئاسي الليبي لاجتماع  المنفي مع وزير الخارجية الإيطالي أمس
صورة وزعها المجلس الرئاسي الليبي لاجتماع المنفي مع وزير الخارجية الإيطالي أمس

بينما شرع مجلس النواب الليبي في مناقشة أول قانون يسمح بإجراء انتخابات رئاسية مباشرة للمرة الأولى في تاريخ البلاد، أجرى أمس وزير الخارجية الإيطالي، لويغي دي مايو، زيارة مفاجئة إلى ليبيا هي الخامسة من نوعها على التوالي منذ مطلع العام الجاري، لتشجيع الأفرقاء الليبيين على الالتزام بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر بحلول 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأعلن مجلس النواب، عقب اجتماعه أمس بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، تأجيل التصويت على المشروع المقدم من حكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لقانون الميزانية العامة للدولة عن العام الجاري، بطلب من الحكومة إلى حين تعديله. وتقرر تأجيل جلسة اعتماد الميزانية إلى اليوم، إضافة إلى القوانين المعروضة على المجلس بعد حضور 120 نائبا، وتوفر النصاب القانوني.
وقال عبد الله بليحق، المتحدث باسم المجلس، إن تأجيل المشروع تم بموجب كتاب رسمي من الحكومة لإجراء تعديلات عليه، فيما اشترط بعض الأعضاء استقالة العسكريين قبل عامين من الترشح لرئاسة البلاد، وإلغاء بند الجنسية غير الليبية كشرط للترشح.
في غضون ذلك، استغل عقيلة صالح، رئيس المجلس، اجتماعه أمس للغمز من قناة سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي بعد ظهوره المفاجئ مؤخرا. وقال إنه «لا يجوز لشخص مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية الترشح لرئاسة الدولة الليبية».
ومن المقرر وفقا لما أعلنته أمس المفوضية العليا للانتخابات، بدء عملية تسجيل الليبيين بالخارج في 18 من الشهر الجاري ولمدة شهر. كما قررت المفوضية تمديد عملية تحديث سجل الناخبين في الداخل إلى السابع عشر من الشهر الجاري، استجابة لمطالبات الرأي العام والمجتمع المدني، ولما شهدته عملية التسجيل من إقبال كبير وصل إلى أكثر من 30 ألف مسجل يومياً.
وقال عماد السايح، رئيس المفوضية، خلال مؤتمر صحافي إن «حكومة الوحدة تواصل دعم المفوضية من خلال تخصيص مبلغ إضافي لتغطية تمويل الانتخابات»، مشيرا إلى أنها «شكلت لجنة وزارية لدعم وتنفيذ العملية الانتخابية».
إلى ذلك، استغل محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، اجتماعه مع دي مايو للتأكيد على ضرورة حسم مسألة الإطار القانوني للانتخابات، وضرورة توصل مجلسي النواب والدولة لتوافق حول أحد المقترحات المطروحة لإجراء الانتخابات في موعدها. كما أكد على أهمية الشراكة، وتعزيز العلاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا، خاصة في مجالات الاستثمار والتبادل التجاري والاقتصادي. ونقل بيان لمكتب المنفي عن وزير الخارجية الإيطالي ترحيبه بفتح الطريق الساحلي، مشيراً إلى أن زيارته تأتي للتأكيد على أهمية ما وصفه بهذه الخطوة الكبيرة.
وبعدما أشاد بعمل المجلس الرئاسي مؤخرا، خاصة في ملف المصالحة وتوحيد مؤسسات الدولة، عبر دي مايو عن استعداد بلاده للتعاون، والعمل مع ليبيا في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية وغيرها، خاصة في الجنوب الليبي.
واكتفى الدبيبة ببيان مقتضب قال فيه إنه «بحث مع المسؤول الإيطالي، بحضور وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، ووزير الدولة عادل جمعة، عددا من الملفات المشتركة بين البلدين». موضحا أن «اجتماعا موسعا عقد بين الجانبين الليبي والإيطالي».
وأدرجت المنقوش زيارة دي مايو في إطار دعم المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة، وجهودهما لتحقيق الاستقرار وتوحيد المؤسسات، إضافة إلى متابعة التنسيق بين البلدين في مكافحة الهجرة غير المشروعة، والإرهاب، والجريمة المنظمة، وأمن الحدود، والتعاون بين البلدين في المجالات كافة، مشيرة إلى أن «دي مايو سيفتتح خلال الزيارة القنصلية الإيطالية بمدينة بنغازي».
وسجلت زيارة دي مايو مناسبة لعودة المنقوش إلى ممارسة مهام عملها، بعد غياب دام 3 أسابيع، تردد أنها زارت خلالها الولايات المتحدة لإنهاء بعض أمور عملها السابق قبل توليها حقيبة الخارجية.
بدوره، قال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، إنه بحث مساء أول من أمس بطرابلس مع أعضاء لجنة إعداد مقترحات القوانين الانتخابية، المشكلة من المجلس، التي باشرت عملها في وضع قواعد إصدار مقترحات القوانين الخاصة بالانتخابات، وتوقع أن تنجز اللجنة مقترح قوانين الانتخابات خلال العشرة أيام المقبلة، ليتم التواصل من بعد مع كل الجهات ذات العلاقة، تمهيدا لعرضها على مجلس الدولة، ومن ثم إحالتها لمجلس النواب لإصدار القوانين بعد التوافق عليها.
في غضون ذلك، أمر أسامة عبد السلام جويلي، قائد المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة «الوحدة»، أمرا بنشر قوات أمنية ودوريات استطلاع على طول المناطق الحدودية، المشتركة مع تونس والجزائر. وشدد في بيان له على مساندة الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن في المناطق المحددة.
على صعيد غير متصل، أعلن مكتب المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، إعادة 226 مهاجرا إلى بوركينا فاسو وغامبيا وغانا، ضمن برنامجها للعودة الطوعية بدعم من الاتحاد الأوروبي. وقال بيان للمكتب إنه تم إعادة المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا، من العاصمة طرابلس عبر رحلة جوية بعد الخضوع لفحوصات طبية، امتثالا لقيود التنقل لاحتواء انتشار فيروس «كورونا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.