الكاظمي يوجه بإعادة فتح المتحف العراقي

غداة استعادة 17 ألف قطعة أثرية من واشنطن

مبنى المتحف الوطني العراقي في بغداد (أ.ف.ب)
مبنى المتحف الوطني العراقي في بغداد (أ.ف.ب)
TT

الكاظمي يوجه بإعادة فتح المتحف العراقي

مبنى المتحف الوطني العراقي في بغداد (أ.ف.ب)
مبنى المتحف الوطني العراقي في بغداد (أ.ف.ب)

وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإعادة افتتاح المتحف الوطني العراقي، بالتزامن مع نجاح الحكومة باستعادة 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية خلال زيارة الكاظمي الأخيرة إلى واشنطن.
وقال الكاظمي في تغريدة عبر «تويتر»: بـ«التزامن مع إعادة 17 ألف قطعة أثرية عراقية مع وفدنا الذي أنهى زيارة ناجحة إلى واشنطن، وجهنا بإعادة افتتاح المتحف العراقي للجمهور والباحثين؛ لتكون بداية جديدة لاستلهام قيمنا الحضارية العريقة، وهويتنا الوطنية الأصيلة، وتثقيف أجيالنا بما قدمت هذه الأرض من علوم وثقافات، وإنجازات».
وكان الجيش الأميركي قام بنقل القطع الأثرية إلى أميركا في خطوة قيل إنها تستهدف «حمايتها من السرقة» بعد تعرض المتحف الوطني العراقي عشية إسقاط نظام صدام حسين عام 2003 إلى عمليات سطو وسرقة واسعة لعشرات القطع الأثرية.
وتفاوض بغداد منذ سنوات، واشنطن، لاستعادة آثارها، ويتحدث كثير من الباحثين عن نقل القوات الأميركية آلاف الوثائق والكتب المتعلقة بالأرشيف اليهودي وما زالت موجودة هناك بذريعة صيانتها ولم يستعيدها العراق حتى الآن.
ورغم الترحيب العراقي العام باستعادة القطع الأثرية بعد سنوات، فإن ذلك لم يحل دون خلافات داخل وزارة الثقافة حول الجهة التي فاوضت الأميركيين منذ سنوات حتى انتهت باستعادة تلك الآثار. إذ انتقد وكيل وزارة الثقافة جابر الجابري، ما وصفه بـ«ادعاءات فارغة ومصادرة جهود الآخرين» في إشارة إلى تغريدة كتبها وزير الثقافة حسن ناظم الذي رافق الكاظمي في زيارته إلى واشنطن مؤخرا وقال فيها: «عدنا من واشنطن في سفرة موفقة مع رئيس مجلس الوزراء ومعنا 17 ألف قطعة أثرية مستردة في أضخم عملية استرداد لآثارنا».
وقال الجابري في منشور عبر «فيسبوك»: «فوجئت بأسئلة المختصين بالآثار بعد قراءتهم منشور السيد الوزير، وللتاريخ أقول إنه ليس من حق أي جهة الادعاء باستعادة 17000 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية سوى اللجنة الوطنية لاسترداد الممتلكات الثقافية المشكلة بالأمر الديواني عام 2016 التي ترأست اجتماعاتها وأعمالها لمدة أربع سنوات». وأضاف «المشكلة التي أعاقت عودتها هي عجز الوزارة (الثقافة) من تسديد أجور النقل حيث اضطررنا لالتماس وزارة الخارجية التي اعتذرت بدورها عن الدفع مما أخر عودتها حتى زيارة رئيس مجلس الوزراء والوفد المرافق له إلى واشنطن».
وتابع «إذا كان لا بد من الإقرار بالفضل فهو للجنة استرداد الممتلكات الثقافية التي لم تحظ حتى بكتاب شكر وللسيد الكاظمي وطائرته الخاصة التي حملت هذه القطع على متنها، أما الادعاءات الفارغة ومصادرة جهود الآخرين واستلاب منجزاتهم فإنها ليست من صفات الكبار ولا من عاداتهم».
بدوره، قال مصدر من وزارة الثقافة لـ«الشرق الأوسط» إن «الوكيل الجابري لا يتمتع بعلاقات جيدة مع الوزير، وغالبا ما يهاجمه في تصريحات ومنشورات في ظاهرة لا يمكن رصدها أو حدوثها إلا في دولة مثل العراق تفتقر إلى معايير واضحة لتعامل كبار المسؤولين في الدولة مع بعضهم». وأضاف أن «ملف المفاوضات مع واشنطن بشأن استعادة الآثار اشترك فيها كثير من المسؤولين في وزارة الثقافة والدولة العراقية واستعادتها أخيرا مسألة وطنية وغاية في الأهمية مهما كانت الجهة التي أسهمت وساعدت في ذلك».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.