خبراء لـ «الشرق الأوسط»: صالح يريد نموذج التوريث السوري في اليمن

أنصاره تظاهروا لترشيح نجله للرئاسة.. ويراهن على ورقة «الحرس الجمهوري»

يمني من المجموعات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء المسيرات التي خرجت مطالبة بترشيح ابنه رئيسا لليمن الثلاثاء الماضي في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني من المجموعات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء المسيرات التي خرجت مطالبة بترشيح ابنه رئيسا لليمن الثلاثاء الماضي في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: صالح يريد نموذج التوريث السوري في اليمن

يمني من المجموعات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء المسيرات التي خرجت مطالبة بترشيح ابنه رئيسا لليمن الثلاثاء الماضي في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني من المجموعات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء المسيرات التي خرجت مطالبة بترشيح ابنه رئيسا لليمن الثلاثاء الماضي في صنعاء (أ.ف.ب)

عاد إلى المشهد السياسي في اليمن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، عبر مواقف وتصريحات تتعلق بالوضع القائم في البلاد، في ظل ما يطرح بقوة في الساحة اليمنية عن تحالفه مع جماعة الحوثي، وهو الأمر الذي لم ينفه صالح أو حزبه المؤتمر الشعبي العام، الذي باتت مواقفه شبه متطابقة مع مواقف الحوثيين في الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة. ومن أبرز ما هو واضح، في هذا الاتجاه، رفض الطرفين، حتى اللحظة، المشاركة في الحوار في العاصمة السعودية الرياض، بعد نقله إليها لاحتضانه في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.
وأطلق صالح تصريحات تنتقد الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان نائبا له في الرئاسة وفي رئاسة حزب المؤتمر الشعبي، وضمنيا أشار إلى أن مصير هادي سوف يكون كمصير قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، الذي كانوا شركاء لصالح في قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو (أيار) عام 1990، وبعد أقل من عامين دخلت البلاد في أزمة سياسية، ثم أعلن صالح الحرب على الجنوب في 27 أبريل (نيسان) عام 1994، والتي انتهت لصالحه ولصالح تحالفه، آنذاك، مع حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين).
ويشارك صالح في الحوار السياسي باليمن عبر ممثلين عن حزبه، إلا أن مواقف الحزب اعتبرها المراقبون متذبذبة ولم تظهر على الساحة بشكل قوي، إلا في الأيام الأخيرة التي تطابقت فيها تلك المواقف مع مواقف الحوثيين المسيطرين على الوضع في البلاد، في ظل ما يطرح عن تحالف غير معلن رسميا بين الطرفين. غير أن أنصار حزب المؤتمر الشعبي العام وفي ظل النقاشات حول المكان الذي سيعقد فيه الحوار السياسي بين الفرقاء اليمنيين، خرجوا في مظاهرة، الثلاثاء الماضي، للمرة الأولى منذ سقوط صنعاء بيد الحوثيين، للمطالبة بترشيح نجل صالح، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح سفير اليمن حاليا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري سابقا (القوات الخاصة حاليا)، للرئاسة، حيث رفعوا صورا له واعتبروا أنه المنقذ الوحيد لليمن في الوقت الراهن، رغم أن أحمد صالح، أو صالح الابن إن جازت التسمية، لم يكن له أي دور سياسي فاعل في الساحة اليمنية، باستثناء أنه كان عضوا في مجلس النواب (البرلمان)، ولم يكن يحب الظهور إعلاميا ولم تكن لديه مواقف سياسية معلنة.
وأحمد صالح، المولود في عام 1972، هو أكبر أنجال علي عبد الله صالح وقد كان قائدا للحرس الجمهوري السابق خلال الفترة من مارس (آذار) 2004 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2012، عندما جرت عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة اليمنية في ضوء المبادرة الخليجية، وخلال فترة حكم والده - 17 يوليو (تموز) 1978 وحتى ديسمبر (كانون الثاني) 2011 - وبالأخص السنوات الأخيرة، لم يكن نظام الحكم أو الجهاز السياسي أو الإعلامي لصالح يقدم نجله، بصورة رسمية، على أنه رئيس مستقبلي لليمن، على العكس مما جرى الثلاثاء الماضي. وخلال السنوات الماضية ومنذ بدأ اسم أحمد علي عبد الله صالح يتردد في الساحة اليمنية عقب تخرجه في الكلية العسكرية ثم انتخابه في مجلس النواب، شهد اليمن وعلى مدى سنوات حملة سياسية وإعلامية وشعبية ضد «سياسة التوريث»، كما سميت، فرغم أن صالح لم يكن يقدم نجله كخليفة له رسميا، فإن المراقبين يقولون إن صالح كان يمهد الطريق لنجله من خلال جملة من الإجراءات والملفات التي كان يمسك بها، كالتعيينات والإشراف شبه الكامل على الجيش وغير ذلك، ويؤكد المراقبون أن «ذلك المشروع سقط بالثورة الشعبية التي أطاحت بصالح في عام 2011، والتي اضطر على أثرها إلى تسليم السلطة لنائبه الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، وفقا للمبادرة الخليجية».
ويؤكد محللون سياسيون لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من المظاهرات لأنصار حزب المؤتمر الشعبي وصالح هو خلط الأوراق في الساحة اليمنية التي تشهد ارتباكا بعد انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، وهي محاولة لتقديم أحمد علي كلاعب أساسي في المرحلة المقبلة ليؤخذ به في الاعتبار عند أي تسوية سياسية مقبلة تتفق عليها القوى اليمنية برعاية إقليمية ودولية». ويشير المراقبون إلى أن صالح «سبق له أن طرح عندما سئل عن التوريث أن نجله أحمد مواطن يمني ومن حقه أن يترشح».
و يقول علي الجرادي، رئيس دائرة الإعلام والثقافة في حزب التجمع اليمني للإصلاح، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نرحب بأي نشاط سلمي لكل القوى السياسية في البلد، لأن هذه الأنشطة المدنية تسهم في تخفيف دائرة العنف والاحتراب التي تسهم فيها القوى غير المدنية». ويضيف أن «صندوق الانتخابات هو الخيار الآمن والمعيار الشعبي تجاه أي حزب أو شخص وللقبول به». ويؤكد الجرادي أن «مظاهرة حزب المؤتمر الشعبي الأخيرة هي محاولة لعودة الحزب إلى العمل الجماهيري، بعد شبح التقسيم الذي يتجاذبه في هذه الفترة، ومحاولة لاستعادة بعض قيادات المؤتمر المتوسطة التي انخرطت في جماعة الحوثي». ويعاني المؤتمر الشعبي، حاليا، حالة من الانقسام بين صالح وهادي، فالجنوبيون من قيادات وأعضاء الحزب أعلنوا ولاءهم لهادي واعتبروه نائب رئيس الحزب تنظيميا وشرعيا، رغم إقالته من قبل صالح وقيادة الحزب.
وضمن ما أكدت عليه أحاديث العديد من السياسيين والعسكريين اليمنيين، لـ«الشرق الأوسط»، فإن أحمد صالح، أو صالح الابن «لا توجد لديه أوراق سياسية خاصة به ليلعبها»، وإن «صالح سيكون هو اللاعب الأساسي في المشهد اليمني». لكن السياسيين يؤكدون أن «الورقة الوحيدة التي يمتلكها نجل صالح هي أن يقوم بحركة أشبه بالانقلابية في الجيش، ويقوم بالإعلان عن نفسه كقائد عسكري لديه قوة عسكرية ضاربة كالحرس الجمهوري (سابقا)، وبالتالي يمكنه أن يكون جزءا من المعادلة». وتشير هذه الشخصيات إلى أن القوات الخاصة التي كان يقودها أحمد علي عبد الله صالح هي القوات التي كانت تحظى بكل الإمكانيات وأحدث التسليح والتدريبات وما زالت تحافظ على مكانتها، وأنها ما زالت تأتمر بأمر صالح ونجله، أكثر من قادتها المعينين رسميا، حسب قولهم.
و ما تؤكد عليه الشواهد في الساحة اليمنية أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح لا يرغب في ترك الساحة والعمل السياسي بأي صورة من الصور، وأنه يرغب في العودة إليها سواء بشكل مباشر أو عن طريق نجله.



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».