انتعاش فصلي أقوى من المتوقع في منطقة اليورو

التضخم فوق هدف {المركزي} الأوروبي

عاد الاقتصاد الإسباني إلى النمو في الربع الثاني بعدما سجل انهيارا غير مسبوق في 2020 (رويترز)
عاد الاقتصاد الإسباني إلى النمو في الربع الثاني بعدما سجل انهيارا غير مسبوق في 2020 (رويترز)
TT

انتعاش فصلي أقوى من المتوقع في منطقة اليورو

عاد الاقتصاد الإسباني إلى النمو في الربع الثاني بعدما سجل انهيارا غير مسبوق في 2020 (رويترز)
عاد الاقتصاد الإسباني إلى النمو في الربع الثاني بعدما سجل انهيارا غير مسبوق في 2020 (رويترز)

نما اقتصاد منطقة اليورو بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني من العام، ليخرج من ركود ناجم عن جائحة فيروس كورونا مع تخفيف القيود الهادفة لوقف انتشار الفيروس، بينما تجاوز التضخم هدف البنك المركزي الأوروبي عند اثنين في المائة في يوليو (تموز).
وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي يوروستات الجمعة إن تقديره الأولي للناتج المحلي الإجمالي في 19 دولة تتعامل باليورو أشار إلى نمو اثنين في المائة على أساس فصلي و13.7 في المائة على أساس سنوي. وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم توقعوا زيادة فصلية 1.5 في المائة وسنوية 13.2 في المائة.
وبين الاقتصادات الأفضل أداء كان ثالث ورابع أكبر اقتصادين في المنطقة وهما إيطاليا وإسبانيا، إذ سجلا نموا فصليا 2.7 و2.8 في المائة. وتوسع اقتصاد البرتغال المعتمد بقوة على السياحة 4.9 في المائة.

- العودة من المجهول
وعاد الاقتصاد الإسباني إلى النمو في الربع الثاني من العام ما يؤكد انتعاش النشاط الاقتصادي رغم عدم اليقين الناجم عن جائحة كوفيد - 19. وفي الربع الأول من السنة انكمش الاقتصاد الإسباني بنسبة 0.4 في المائة بعدما سجل انهياراً غير مسبوق نسبته 10.8 في المائة في 2020 في تراجع من الأكثر حدة بين الدول المتطورة.
وأتى التراجع في مطلع السنة نتيجة لقيود جديدة لمكافحة انتشار فيروس كورونا وموجة برد غير مسبوقة. وفي الربع الأخير من العام 2020 كان النمو معدوما. وعلى وتيرة سنوية، يشكل التحسن المسجل في الربع الثاني من 2021 انتعاشة لافتة. فمستوى إجمالي الناتج المحلي ارتفع بحوالي 20 في المائة مقارنة مع الربع الثاني من 2020 الذي شهد إغلاقا صارما ووقف كل النشاطات الاقتصادية غير الأساسية على مدى أسبوعين.
ونتج التحسن خصوصاً عن إلغاء القيود على التنقل داخل الأراضي الإسبانية في الربيع ومعاودة النشاط السياحي والوتيرة السريعة لحملة التلقيح. إلا أن التفاؤل تراجع نسبيا في يوليو مع ارتفاع كبير في الإصابات خصوصاً في صفوف الشباب ما دفع دولا أوروبية عدة من بينها فرنسا وألمانيا إلى تحذير مواطنيها من مغبة السفر إلى إسبانيا.
ورغم المخاوف التي تطال القطاع السياحي وهو من أعمدة الاقتصاد الإسباني، أبقت الحكومة هذا الأسبوع توقعات النمو للعام 2021 عند مستوى 6.5 في المائة.
وفي المقابل، عدل صندوق النقد الدولي توقعاته لإسبانيا فخفضها من 6.5 إلى 6.2 في المائة. لكن يتوقع أن يكون نمو الاقتصاد الإسباني أعلى بكثير من متوسط نمو منطقة اليورو بحسب توقعات صندوق النقد الدولي (زائد 4.6 في المائة).

- نظرة إيجابية
وشهد الربع الثاني من العام الماضي أكبر تراجع لاقتصاد منطقة اليورو منذ بدء تسجيل هذه البيانات في 1995، حيث كانت دول المنطقة قد فرضت إجراءات إغلاق مشددة أصابت النشاط الاقتصادي بالشلل للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
في الوقت نفسه فإن النظرة المستقبلية للاقتصاد خلال العام الحالي تبدو أكثر إيجابية. وسجل اقتصاد الاتحاد الأوروبي ككل نموا ربع سنوي بمعدل 1.9 في المائة، ونموا سنويا بمعدل 13.2 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وعانى اقتصاد منطقة اليورو من ركودين فنيين، وهو يعرف بأنه تسجيل انكماش على مدى ربعي سنة، منذ بداية 2020، مع تضرره من قيود فيروس كورونا في أحدث فترة وهي الممتدة بين نهاية 2020 وبداية 2021.

- نمو متباين للقوى الكبرى
وتراجع الناتج المحلي الإجمالي للتكتل بشكل كبير في أول ثلاثة أشهر من العام الجاري بسبب ضعف في ألمانيا حيث تسببت إجراءات العزل العام المفروضة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تقييد الاستهلاك الخاص.
وعاود أكبر اقتصاد أوروبي النمو في الربع الثاني، لكن بوتيرة 1.5 في المائة على أساس فصلي، وهي أقل قوة من الانتعاش المتوقع. ويمثل ذلك ارتفاعا بنسبة 9.2 في المائة بعد تكييف الأسعار مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، بحسب وكالة الإحصاء الألمانية ديستاتيس. وأدى تفاقم جائحة كوفيد وتشديد القيود لمنع تفشيها، إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 2.1 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
ولاحقا، رفعت القيود مع تضاؤل أعداد الإصابات وتسريع وتيرة حملة التطعيم، ما سمح لمزيد من الشركات باستئناف العمل. وقالت ديستاتيس إن ارتفاع الإنفاق الأسري والحكومي ساهم في معظم النمو المسجل في الربع الثاني.
مع ذلك لا يزال أمام الاقتصاد الألماني مسافة طويلة قبل التعافي من الضربة التي تلقاها من الوباء. وقالت وكالة الإحصاء إن الناتج المحلي الإجمالي «لا يزال أقل بنسبة 3.4 في المائة في الربع الثاني من 2021 مقارنة بالفصل الرابع من 2019، أي الفصل الذي سبق بدء أزمة فيروس كورونا».
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يحقق أكبر اقتصاد في أوروبا عودة قوية هذا العام. وتوقعت معاهد البحوث الاقتصادية في الآونة الأخيرة زيادة في الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 3.2 و3.9 في المائة. وفي العام الماضي، أدخلت الجائحة الاقتصاد الألماني في أعمق ركود منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.
وبالإضافة إلى اختناقات التسليم، فإن انتشار متغير دلتا لفيروس كورونا يسبب حاليا حالة من عدم اليقين، وهو ما أثر على مناخ الأعمال في ألمانيا بشكل مفاجئ في يوليو الجاري. وكانت الشركات التي شملها استطلاع أجراه معهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية أكثر تشككا بشأن الأعمال المستقبلية. وأوضح رئيس «إيفو» كليمنس فوست أن «اختناقات تسليم المنتجات الوسيطة والمخاوف بشأن زيادة أعداد الإصابات تثقل كاهل الاقتصاد الألماني».
وبدوره نما اقتصاد فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، 0.9 في المائة، ما يفوق التوقعات بقليل، مع تخفيف ثالث عزل عام بشكل تدريجي اعتباراً من مايو (أيار) الماضي.
وارتفع معدل الإنفاق الاستهلاكي واستثمارات الشركات في ظل تراجع تأثير القيود على الأنشطة الاقتصادية مقارنة بالفترات السابقة للجائحة. وكان خبراء الاقتصاد الذين شاركوا في استطلاع أجرته وكالة بلومبرغ توقعوا نمو الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا بمعدل 0.8 في المائة. وتتوقع الحكومة الفرنسية أن يصل معدل النمو الاقتصادي خلال العام الجاري بأكمله إلى 6 في المائة.

- الطاقة المرتفعة تشعل التضخم
وفي شأن متصل، قال يوروستات إن تضخم منطقة اليورو تسارع إلى 2.2 في المائة في يوليو، وهو أعلى معدل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2018، من 1.9 في المائة في يونيو (حزيران) وفوق متوسط توقعات خبراء اقتصاديين عند اثنين في المائة. وكانت أسعار الطاقة مجددا العامل الدافع، إذ ارتفعت 14.1 في المائة على أساس سنوي.
وباستبعاد المكونات التي تتقلب أسعارها وهي الطاقة والأغذية غير المصنعة، أو ما يطلق عليه البنك المركزي الأوروبي التضخم الأساسي، زادت الأسعار 0.9 في المائة على أساس سنوي، دون تغيير عن يونيو. وكان خبراء اقتصاد توقعوا نزولا إلى 0.7 في المائة.
ومن المستبعد أن تسبب الأرقام حالة من القلق لصانعي السياسات، الذين حذروا بالفعل من ارتفاع مؤقت للتضخم وأوضحوا أنهم لن يعدلوا السياسات إذ من المرجح أن تتبدد عوامل استثنائية تقف خلف الزيادة، مثل صعود أسعار النفط، في العام القادم.
كما ذكر يوروستات أن معدل البطالة بمنطقة اليورو نزل في يونيو إلى 7.7 في المائة من قوة العمل، أو ما يعادل 12.517 مليون شخص، من مستوى معدل بالزيادة عند ثمانية في المائة في مايو (أيار) أو ما يعادل 12.940 مليون. وكان اقتصاديون توقعوا أن يسجل معدل البطالة 7.9 في المائة.

- معنويات قياسية
وكانت أحدث بيانات أظهرت حسب تقديرات من المفوضية الأوروبية يوم الخميس أن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو سجلت مستوى قياسيا مرتفعا في شهر يوليو مدفوعة بارتفاع الثقة في قطاعي الصناعة والخدمات، لكن تراجع التفاؤل بين المستهلكين وتباطؤ معدل الزيادة قد يشير إلى أن الذروة تقترب بسرعة.
وذكرت المفوضية في مسحها الشهري أن المعنويات في منطقة العملة الموحدة، التي تضم 19 دولة، ارتفعت إلى 119 نقطة في يوليو، وهو مستوى قياسي منذ بدء جمع البيانات عام 1985، من 117.9 في يونيو، والذي كان بالفعل أعلى مستوى في 21 عاما.
ومع ذلك، نمت المعنويات بوتيرة أبطأ مع تلاشي التأثير الإيجابي لاستئناف الأنشطة الاقتصادية وتنامي المخاوف بشأن سلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا. وقالت المفوضية الأوروبية في بيان إن «مقارنة بالشهور المنصرمة كان التحسن الأحدث أضعف بكثير، مما يشير إلى أن المؤشر يقترب من ذروته».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.