تصريحات سيف الإسلام القذافي تثير شكوك الليبيين

انقسموا حول ما إذا كان لا يزال حياً يرزق

صورة متداولة لسيف الإسلام القذافي منسوبة لصحفية «نيويورك تايمز»
صورة متداولة لسيف الإسلام القذافي منسوبة لصحفية «نيويورك تايمز»
TT

تصريحات سيف الإسلام القذافي تثير شكوك الليبيين

صورة متداولة لسيف الإسلام القذافي منسوبة لصحفية «نيويورك تايمز»
صورة متداولة لسيف الإسلام القذافي منسوبة لصحفية «نيويورك تايمز»

انشغل قطاع واسع من الليبيين، أمس، بالحديث عن مدى صحة تصريحات منسوبة لسيف الإسلام، نجل الثاني للرئيس الراحل معمر القذفي، الذي لم يشاهد منذ أن منذ أطلقت سراحه «كتيبة أبو بكر الصديق» عام 2017، وانقسموا حول كون الرجل، الذي أظهرت بعض الصور ملامحه أكبر سناً، لا يزال على قيد الحياة، أم أن شخصاً يشبهه تقمص دوره.
واحتفل أنصار النظام السابق بالظهور المباغت لسيف الإسلام، رغم مآخذ البعض بأن مقابلته مع صحيفة «نيويورك تايمز»، التي قالت إنها أجريت في رمضان الماضي، حملت نقداً وتطاولاً على الليبيين، كما أنها تنال في الوقت ذاته من سيف ذاته الذي قال: «قضيتُ عشر سنوات بعيداً عن أنظار الليبيين. عليك أن تعود إليهم خطوة خطوة مثل راقصة تعرٍ، وعليك أن تلعب بعقولهم قليلاً».
واكتفى خالد الغويل، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، وأحد الموالين للنظام السابق، بالقول: «قريباً للأضواء... ترقبوا القادم». ومن جهته، قال سعد السنوسي البرعصي، القيادي بـ«الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا»، لـ«الشرق الأوسط»، «أؤكد أن هذه الصور هي للدكتور سيف الإسلام القذافي، والمشككون في هذا الأمر هم أعداء الوطن، ومن المتشبثين بالسلطة».
وبدا سيف في الصور التي أظهرت فقط جانباً من وجهه كبيراً في السن، ذا لحية طويلة غزاها الشيب، لكنها لم تكشف عن إبهام يده اليمنى وسبابتها المبتورين، وكان يرتدي عباءة سوداء مذهبة، ووشاحاً ملفوفاً بشكل مهندم حول رأسه، ويجلس على مقعد فخم. كما نقلت الصحيفة أنه يقطن فيلا من طابقين، بدت عليها مظاهر الترف، وهو ما دفع بعض السياسيين إلى التساؤل: لماذا لم تكشف الصحيفة المحسوبة على جناح الديمقراطيين عن مقابلة أجرتها قبل شهور عدة سوى الآن؟
والمقابلة التي نقلت عن سيف الإسلام القذافي قوله ضاحكاً: «عليك أن تلعب بعقولهم قليلاً»، في إِشارة إلى الليبيين، تضمنت مقتطفات لنهايات حكم أبيه، مروراً باندلاع الانتفاضة إلى الآن، إذ رأى أن إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، وليس معمر القذافي، هي من تتحمل مسؤولية الدمار الذي حل بليبيا.
ووصف سيف الإسلام في المقابلة، التي جاءت تحت عنوان «ابن القذافي لا يزال حياً ويريد استعادة ليبيا»، ربيع وصيف 2011 بمسلسل من الأزمات السريالية. وقال «إنه تلقى اتصالات هاتفية من زعماء أجانب، كانوا يعتبرونه على الأرجح وسيطاً بينهم وبين أبيه. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من بينهم»، وقال عنه: «في البداية كان في صفنا ضد التدخل الغربي، لكنه بدأ يقنعني بمغادرة البلاد».
وأضاف سيف الإسلام موضحاً أن «إردوغان وصف الانتفاضات بأنها مؤامرة خارجية تُحاك منذ زمن بعيد». لكن سيف الإسلام، حسب الصحيفة، اعتبر أن حرب 2011 انبثقت عن توترات داخلية كانت تعتمل منذ وقت طويل مع أطراف خارجية انتهازية، من بينهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
كما تحدث سيف عن الحكومات المختلفة التي حكمت البلاد، وقال إنها «لم تكن سوى مجموعة من المسلحين يرتدون بدلات»، مضيفاً: «ليس من مصلحتهم أن تكون لدينا حكومة قوية، ولذا فهم يخشون الانتخابات. إنهم يعارضون فكرة وجود رئيس ودولة، وحكومة ذات شرعية مستمدة من الشعب».
في هذا السياق، اعتبر البرعصي في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن «مشروع الدكتور ليس مشروع حكم، بل تضميد جراح للوطن ومصالحه، واستجابة لمعانة المواطن الليبي».
وفي معرض حديثه عن نظام أبيه، قال سيف الإسلام: «معظم الليبيين يعتقدون أن النظام كان متساهلاً جداً، وأنه كان ينبغي قتل جميع السجناء في سجن أبو سليم، خصوصاً بعدما فعلوه في السنوات العشر الأخيرة»، مشيراً إلى أن «ما حدث في ليبيا لم يكن ثورة. يمكنك أن تسميها حرباً أهلية... أو أيام شؤم»، وأن «من يرفضون الانتخابات ويعارضون فكرة وجود رئيس ودولة وحكومة ذات شرعية، مستمدة من الشعب، ليس من مصلحتهم أن تكون لدينا حكومة قوية».
وفيما ذهبت الصحيفة إلى أنه يبدو أن سيف الإسلام «يرى أنه الوحيد القادر على تمثيل الدولة التي تجمع تحت رايتها جميع الليبيين»، علقت الزهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي، بالقول «هذا الافتراض بتوارث الحكم ينم عن عجرفة بالغة، لا سيما أن معمر القذافي نفسه تفاخر بتجاوز فكرة الدولة، عندما أطلق على ليبيا اسم (الجماهيرية)».
وذهبت إلى أنه «ربما كانت أكبر جرائم القذافي أثراً وديمومة هي تدميره للمؤسسات المدنية في الدولة. ففي عهده عاش الليبيون حالة خوف دائم على حياتهم وممتلكاتهم بسبب قراراته العشوائية، ولم تكن لجانه الثورية سوى حفنة من المتعصبين، الذين روعوا عامة الشعب وامتلكوا صلاحية الزج بهم في السجن متى ما أرادوا».
بدوره، رأى أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لتفعيل «دستور الاستقلال والعودة للملكية الدستورية في ليبيا»، أن «صاحب الصورة هو الساعدي القذافي، وليس شقيقه سيف الإسلام»، متسائلاً: «لا أعلم ما الغرض من إعداد هذا اللقاء في هذا التوقيت؟». ومضى يقول: «إذا كان سيف القذافي حياً يُرزق، وحتى وإن كان مريضاً مقعداً فليخرج في حديث مصور لأنصار والده، أو يلقي خطابه صوتاً وصورة، بدل أن يُلقيه محاميه نيابة عنه، ويعلن عن نفسه».
وبرأت محكمة بالعاصمة الليبية الساعدي في أبريل (نيسان) 2018 من تهمة قتل لاعب ومدرب فريق الاتحاد لكرة القدم بشير الرياني، لكنه لا يزال قيد الحبس.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.