مانيلا تتراجع عن الانسحاب من المعاهدة العسكرية مع الولايات المتحدة

رحبت واشنطن بقرار مانيلا الإبقاء على المعاهدة العسكرية المبرمة مع الولايات المتحدة، التي توفر إطاراً قانونياً لوجود القوات الأميركية في الفلبين، وتسمح بتنظيم مناورات عسكرية مشتركة. جاء الترحيب على لسان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي يقوم بأول زيارة له للفلبين منذ تولي الرئيس جو بايدن، الإدارة الجديدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، قائلاً إن الاتفاق «يوفر مستوى معيناً من الاستقرار للمضي قدماً». وأكد أن «تحالفاً أميركياً فلبينياً قوياً ومتيناً حيوي لأمن منطقة الهند - المحيط الهادئ واستقرارها وازدهارها».
وقال وزير الدفاع الفلبيني دلفين لورينزانا، إن الرئيس رودريجو دوتيرتي، تراجع عن إنهاء العمل باتفاقية دفاع رئيسية مع الولايات المتحدة الأميركية، مضيفاً في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي لويد أوستن: «قرر الرئيس سحب خطاب إنهاء العمل باتفاقية القوات الزائرة». وقال لورينزانا: «إذن اتفاقية القوات الزائرة سارية بالكامل مجدداً. عدنا إلى المسار». ووجه أوستن أثناء زيارته لمانيلا، المحطة الأخيرة من جولة له تشمل ثلاث دول في جنوب شرقي آسيا، الشكر لدوتيرتي على القرار الذي اتخذه بعد زيارة ودية أجراها الوزير الأميركي. وقال أوستن بعد الاجتماع مع لورينزانا اليوم الجمعة: «تواجه الدولتان مجموعة من التحديات، تتراوح من أزمات المناخ إلى الجائحة». وأضاف: «وكما هو معتاد، لا يزال التحالف الفلبيني الأميركي القوي والمرن، أمراً حيوياً لأمن واستقرار ورخاء منطقة المحيط الهادئ الهندي».
وتوفر اتفاقية القوات الزائرة (فيزيتينغ فورسيز أغريمنت) غطاءً قانونياً لدخول القوات الأميركية إلى الفلبين لإجراء تدريبات مشتركة مع القوات الفلبينية. ويمكن إنهاء الاتفاقية من خلال إخطار مكتوب من أي من الطرفين على أن يبدأ سريانه خلال 180 يوماً. كانت الفلبين أرسلت إخطاراً في فبراير (شباط) 2020 لإنهاء اتفاقية القوات الزائرة المبرمة بين الطرفين في عام 1999، وذلك بناء على أوامر من الرئيس دوتيرتي، في خضم التوتر على خلفية انتقاد واشنطن للحملة الصارمة، والمثيرة للجدل، التي تنفذها الإدارة الفلبينية ضد المخدرات غير القانونية. وجاء هذا الإعلان بعد إلغاء الولايات المتحدة تأشيرة دخول لقائد الشرطة الفلبينية السابق الضالع جداً في الحرب الدامية التي تشنها السلطات على الاتجار بالمخدرات. لكن منذ ذلك الإعلان، مددت المعاهدة ثلاث مرات كان آخرها في يونيو (حزيران) بعد مفاوضات ثنائية استمرت عدة أشهر. وعلق دوتيرتي إنهاء العمل بالاتفاقية ثلاث مرات في خضم تفشي جائحة فيروس كورونا في البلاد، وتصاعد حدة التوتر مع الصين بشأن النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي.
ويرتبط البلدان بمعاهدة دفاع مشترك فيما تساعد القوات الأميركية منذ سنوات الفلبين في مهام مختلفة مرتبطة بأمنها. أما المدافعون عن المعاهدة فيركزون على أن إلغاءها سيؤثر على قدرة البلاد على الدفاع عن نفسها، ويزعزع جهود الولايات المتحدة في احتواء طموحات بكين في بحر الصين الجنوبي. وتثير هذه المعاهدة انقساماً في الفلبين، حيث يندد اليسار والناشطون القوميون منذ فترة طويلة بالمعاملة التي يخص بها العسكريون الأميركيون المتهمون بارتكاب جرائم.
أما المدافعون عن المعاهدة فيركزون على أن إلغاءها سيؤثر على قدرة البلاد على الدفاع عن نفسها ويزعزع جهود الولايات المتحدة في احتواء طموحات بكين في بحر الصين الجنوبي. وتطالب الصين بالسيادة على القسم الأكبر من بحر الصين الجنوبي الغني بالموارد الطبيعية. إلا أن دولاً عدة مطلة على هذا البحر مثل الفلبين وماليزيا وبروناي وفيتنام، تعارض بعض المطالب الصينية في هذا البحر الذي يشكل معبراً رئيسياً في التجارة العالمية. وأكد أوستن، الثلاثاء، في سنغافورة، أن مطالب بكين المتزايدة في المنطقة «لا أساس لها بموجب القانون الدولي». وأضاف: «هذه المطالب تمس بسيادة دول المنطقة. سنواصل دعم الدول المطلة على المنطقة التي تريد المحافظة على حقوقها بموجب القانون الدولي».
وتقيم الفلبين، المستعمرة الأميركية السابقة (1898 - 1946)، علاقات ثقافية واقتصادية وثيقة جداً مع الولايات المتحدة. ويرتبط البلدان بمعاهدة دفاع مشترك فيما تساعد القوات الأميركية منذ سنوات الفلبين في مهام مختلفة مرتبطة بأمنها. وجاء في بيان مشترك أن أوستن ودوتيرتي أجريا «مناقشة مفتوحة وصريحة حول الوضع والاتجاه المستقبلي للتعاون الفلبيني الأميركي». وذكر البيان أن الطرفين اتفقا على أنه يمكن تقوية التحالف بين واشنطن ومانيلا من خلال تعزيز التواصل والتعاون بشكل أكبر، وبشكل خاص في مجالات التصدي للأوبئة ومكافحة الجرائم عبر الحدود، بما في ذلك الحرب على المخدرات، والتوعية بالمجال البحري، وسيادة القانون، والتجارة والاستثمارات.