صاروخان على محيط السفارة الأميركية في بغداد بالتزامن مع عودة الكاظمي

«عصائب أهل الحق» تنفي مسؤوليتها ورفاقها يلتزمون الصمت

الكاظمي خلال اجتماعه مع قيادات الكونغرس قبل مغادرته واشنطن (رئاسة الوزراء العراقية)
الكاظمي خلال اجتماعه مع قيادات الكونغرس قبل مغادرته واشنطن (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

صاروخان على محيط السفارة الأميركية في بغداد بالتزامن مع عودة الكاظمي

الكاظمي خلال اجتماعه مع قيادات الكونغرس قبل مغادرته واشنطن (رئاسة الوزراء العراقية)
الكاظمي خلال اجتماعه مع قيادات الكونغرس قبل مغادرته واشنطن (رئاسة الوزراء العراقية)

عادت الهجمات على محيط السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء في قلب بغداد، أمس، بالتزامن مع عودة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من واشنطن، حيث أعلن مع الرئيس الأميركي جو بايدن إنهاء الوجود القتالي للقوات الأميركية في العراق.
وسقط صاروخان من طراز «كاتيوشا» على محيط السفارة. وقالت «خلية الإعلام الأمني» الحكومية، في بيان أمس، إن «القوات الأمنية فتحت تحقيقاً بحادثة سقوط صاروخ من نوع (كاتيوشا) خلف (جامع الرحمن) في منطقة المنصور ببغداد، من دون خسائر تذكر». وأضافت أنه «تبين أن انطلاقه كان في الساعة الرابعة والثلث فجراً (بتوقيت بغداد) من منطقة شارع فلسطين». وشددت على أن «هذا الفعل الخارج على القانون يشكل تهديداً للمواطنين داخل الأحياء السكنية الآمنة».
وجاء الهجوم بعد معلومات نشرتها «الشرق الأوسط»، أمس، عن انقسام داخل ما تسمى «تنسيقية المقاومة» التي تضم الفصائل الموالية لإيران، إزاء الموقف من إعلان الانسحاب الأميركي واستمرار الهجمات. وأفادت المعلومات بأن تنظيم «كتائب حزب الله - العراق» رفض وقف الهجمات وعدّ الإعلان الأميركي «مراوغة»، فيما دعت أطراف أخرى إلى انتظار نتائج تنفيذ الجدول الزمني للانسحاب على الأرض.
وسارعت ميليشيا «عصائب أهل الحق» المنضوية في التنسيقية إلى نفي صلتها بقصف محيط السفارة الأميركية أمس. ونقلت وسائل إعلام محلية عن القيادي في «العصائب» سعد السعدي قوله إن «استهداف السفارة الأميركية تم بأيادٍ أميركية أو تابعة لأميركا، بهدف خلط الأوراق وتوجيه اتهامات إلى فصائل المقاومة العراقية من أجل تجريمها واستهدافها والنيل من سمعتها».
غير أن بقية الفصائل الموالية لإيران لم تعلن موقفاً حيال استئناف إطلاق الصواريخ أو احترام الهدنة الضمنية، في وقت بدا موقفها مختلفاً عما أعلنه «تحالف الفتح» الذي تنتمي إليه بعض الفصائل المسلحة.
وأعلن «الفتح» ترحيبه باتفاق الكاظمي وبايدن. وقال قيادي في التحالف لـ«الشرق الأوسط» إن ترحيب التحالف «جاء لأن المهمة القتالية للقوات الأميركية انتهت، وهناك جدولة واضحة لانسحابها نهاية العام الحالي، مع تحويل المتبقي منها إلى مهام غير قتالية».
وكانت «تنسيقية الفصائل» الموالية لإيران أشارت، في بيان، إلى أنها «لم تجد في كل ثنايا البيان (العراقي - الأميركي) مفردة الانسحاب»، عادّةً ما حدث «مجرد تلاعب بالألفاظ».
لكن القيادي في «الفتح» قال إن التحالف «سيراقب آليات تنفيذ الاتفاق وفقاً للجداول الزمنية التي سيتم الإعلان عنها من قبل اللجان الفنية، وبالتالي سيتحدد موقفه في ضوء ذلك، خصوصاً أن قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأجنبية ساري المفعول والحكومة تعهدت بالالتزام بالقرار وأعلنت عدم الحاجة إلى وجود قوات قتالية في البلاد». وأضاف أن «مواقفنا ثابتة ولن تتغير حيال رفض الوجود الأجنبي في العراق تحت أي مسمى أو ذريعة».
وتتزامن هذه التطورات مع زيارة من قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد جرى الحديث عنها من دون تأكيدات. ونشرت صور لقاآني في مدينة النجف أول من أمس. لكن لم يعرف بعد ما إذا كانت الصور جديدة أم قديمة، خصوصاً أن المسؤولين الإيرانيين كثيراً ما يقومون بزيارات غير معلنة إلى العراق.
وجدد رئيس الوزراء العراقي تأكيده نجاح زيارته إلى واشنطن. وقال الكاظمي عبر «تويتر»: «غادرنا واشنطن إلى بغداد الحبيبة بعد زيارة ناجحة وتفاهمات اقتصادية وسياسية وثقافية، واتفاق لنقل العلاقة الأمنية إلى التدريب والمشورة وعدم وجود قوات قتالية بنهاية العام». وأضاف: «نتطلع إلى تعزيز التضامن الاجتماعي والسياسي لخدمة شعبنا، ونأمل بتواصل الرئيس الأميركي جو بايدن لتكريس قيم التعاون والحوار».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».