«هدنة إدلب» تنعش تجارة السيارات المستعملة في شمال غربي سوريا

آلاف الآليات تأتي من تركيا عبر باب الهوى

معرض لبيع السيارات المستعملة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
معرض لبيع السيارات المستعملة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«هدنة إدلب» تنعش تجارة السيارات المستعملة في شمال غربي سوريا

معرض لبيع السيارات المستعملة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
معرض لبيع السيارات المستعملة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

تتدفق السيارات الأوروبية المستعملة إلى مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، بقوة، عبر التجار، بعد أن كان اقتناء السيارة حلماً، بسبب ارتفاع أسعارها، والضرائب التي كانت تفرض على المواطن.
يستورد التجار في الداخل السوري السيارات على اختلاف أنواعها وشاحنات كبيرة، بالإضافة إلى سيارات صغيرة، عن طريق شركاء لهم في الدول الأوروبية، ويتم إدخالها براً إلى الشمال السوري عبر معبري باب الهوى شمال إدلب وباب السلامة شمال حلب الحدوديين مع تركيا، دون رسوم جمركية، وعرضها في معارض السيارات، ويقصدها الناس قادمين من عدة مناطق من محافظة إدلب، وريف اللاذقية، وريف حماة، وريف حلب ليشتروها نظراً لحاجتهم لها مع توفر ثمنها المناسب بالنسبة لهم.
يتجول الحاج أبو إبراهيم، من ريف حلب الغربي، برفقة ابنه في معارض السيارات الأوروبية المستعملة بمنطقة سرمدا شمال إدلب، متفحصاً هذه السيارة وتلك، لعله يجد ما يناسب ذوقه، وما بحوزته من مال يمكنه من شراء سيارة حديثة نوعاً ما، التي لطالما كانت بالنسبة له حلماً قبل اندلاع الأحداث في سوريا. ويقول: «كان امتلاك سيارة بالنسبة لنا كسوريين منذ عشرات الأعوام أشبه بحلم صعب المنال، لغلاء ثمنها بسبب الضرائب التي كانت تفرض على ثمنها الأصلي، وبذلك كان يصل سعرها إلى نحو 20 ألف دولار، وبالطبع هذا المبلغ يصعب على المواطن السوري آنذاك توفيره سوى طبقة معينة من المجتمع من أصحاب رؤوس الأموال، هذا من جهة، ومن جهة ثانية كانت أنواع السيارات محدودة جداً، ولم يكن أمام المواطن السوري العادي سوى اختيار سيارة ذات منشأ صيني أو كوري أو إيراني، ورغم ذلك كان ثمنها يصل أحياناً إلى نحو 10 آلاف دولار أميركي، ولم تكن محمودة السمعة بسبب مواصفاتها الفنية والميكانيكية البسيطة وتعرضها لأعطال فنية دائماً». ويضيف: «اليوم نحن أمام كمّ هائل من السيارات ومن كل الأنواع والماركات، ورغم أنها مستعملة لبضع سنوات في دول المنشأ، فإنها ذات مواصفات قياسية، وأسعارها تناسب جميع المواطنين السوريين»، لافتاً إلى أنه في النهاية وقع اختياره على سيارة طراز هونداي وموديل (2007)، وتعمل على الديزل، وما زالت السيارة بحالة جيدة، تم استيرادها من أوروبا عبوراً بتركيا قبل شهر، وتم الاتفاق مع المكتب على ثمنها 4500 دولار أميركي، وشرائها، وعلامات الفرح على وجهه كانت واضحة.
أما سامر التفتنازي (55 عاماً)، وهو صاحب أحد معارض السيارات في مدينة سرمدا شمال إدلب يستقبل يومياً عشرات الزبائن يرغبون في شراء السيارات، ويقول: «أقدمنا على شراء السيارات من السوق الأوروبية واستيرادها إلى سوريا، بسبب رخص أسعارها هناك، وكلفة توصيلها المقبولة إلى الأراضي السورية مروراً بتركيا، كما أن السيارات المستعملة تمتلك شيئاً من الجودة، فضلاً عن حاجة السوق السورية لمثل هذه السيارات، وكان المواطن يدفع بين 10 و20 ألف دولار حتى يقتني سيارة، أما اليوم بـ3 أو 4 آلاف دولار يستطيع أن يركب سيارة».
ويقول الشيخ علي: «معظم السيارات التي يتم جلبها بحالة سليمة وجيدة، هذا غير أن محركاتها ما زالت بحالة جيدة، وتعمل على الديزل، كونه متوفراً، وأسعاره أرخص من البنزين بالنسبة للمواطن، فضلاً عن أن كل (حكومة الإنقاذ) العاملة في إدلب و(الحكومة السورية المؤقتة) العاملة بريف حلب، تحاول تخفيف الضرائب على السيارات المستوردة لضمان عدم ارتفاع أسعارها في الأسواق، من خلال فرض ضرائب بسيطة تقدر بـ1500 ليرة تركية أي ما يعادل 200 دولار أميركي تقريباً على كل سيارة تدخل إلى الأراضي السورية، مقارنة بالضرائب التي تفرضها مديرية النقل والجمارك لدى النظام السوري».
من جهته، يقول أبو خالد الحياني، وهو صاحب عدد من معارض السيارات في الشمال السوري: «استيراد السيارات والتجارة بها ينعكس على الحالة الاقتصادية في مناطق الشمال السوري، لأن ذلك يسهم في تنشيط حركة البيع والشراء للسيارات وبيع قطع التبديل وأعمال الصيانة في الورش، فضلاً عن تسهيل حركة تنقل المواطن السوري بين المناطق بعد اقتنائه للسيارة».
ويضيف: هناك عدد كبير من السيارات الأوروبية المستعملة نعمل على إدخالها إلى مناطق «ريف حلب الشمالي والرقة والحسكة والقامشلي» الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» عن طريق معبر أعزاز شمال حلب.
ولفت إلى أنه بعد أن أصبحت هذه السيارات مرغوبة كثيراً بين الناس في شمال غربي سوريا وشرقها، بالمقارنة مع السيارات النظامية التي تحمل اللوحات السورية، وذلك لعدة أسباب؛ منها «التسهيلات التي تقدمها الإدارات الحاكمة لهذه المناطق سواء حكومة الإنقاذ أو الحكومة المؤقتة شمال سوريا، أو الإدارة الذاتية في مناطق (قسد)»، في عملية تسجيل السيارات وتفريغها باسم المشتري، حيث يمكن أن ينوب عن مالك السيارة المبيعة في حال غيابه أخوه أو أبوه لتفريغ السيارة ونقلها إلى اسم المشتري، بينما السيارات التي تحمل لوحات سورية صادرة عن مؤسسات النظام يتطلب تفريغها لصالح المشتري حضور مالك السيارة حصراً، خاصة في ظل هجرة أغلب الناس إلى الخارج وصعوبة التواصل معهم أو عودتهم إلى سوريا للقيام بهذه الإجراءات، الأمر الذي لفت المواطن السوري إلى شراء السيارات الأوروبية المستعملة من السوق.
وقال مسؤول في معبر باب الهوى الحدودي إنه «يدخل بشكل يومي عشرات السيارات الأوروبية المستعملة من تركيا إلى الأراضي السورية، قادمة من ميناء مرسين التركي، عن طريق أكثر من 200 تاجر يملك رخصة بذلك، وتقدم إدارة المعبر والجهات المسؤولة عن المواصلات والنقل كل التسهيلات للتجار». ويضيف: «يجري العمل من قبل حكومة الإنقاذ في هذه الآونة على إصلاح الطرق الفرعية بين المناطق، بالإضافة إلى عمليات توسيع الطرق العامة شبه الدولية، بشكل يمكن أن يؤدي إلى استيعاب أكبر عدد من سيارات المواطنين وضمان عدم انتشار ظاهرة الازدحام والحوادث»، لافتاً إلى أنه دخل ما يقارب 13 ألف سيارة أوروبية مستعملة من معبري باب الهوى والسلامة مع تركيا شمال سوريا، منذ صدور القرار التركي نهاية العام الماضي، الذي يقضي بالسماح للتجار السوريين باستيراد السيارات الأوروبية مع قطع التبديل عبر أراضيها لصالح المناطق المحررة شمال غربي سوريا.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.