تاتيانا مرعب: المسلسلات التركية أيقظتنا من غيبوبتنا وكانت سببًا في قفزتنا

تستعد لتصوير عملها الدرامي الجديد «سولو الليل الحزين»

تاتيانا مرعب
تاتيانا مرعب
TT

تاتيانا مرعب: المسلسلات التركية أيقظتنا من غيبوبتنا وكانت سببًا في قفزتنا

تاتيانا مرعب
تاتيانا مرعب

قالت الممثلة تاتيانا مرعب إن المسلسلات اللبنانية ما زالت تستقطب المشاهد اللبناني والعربي، رغم الانتشار الذي تحققه أعمال الدراما المختلطة. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسلسل (وجع الروح) الذي شاركت فيه أخيرا، وعرض على قناة (أو تي في) اللبنانية لاقى نجاحا لا يُستهان به، وكون قناة (النهار) المصرية اشترته أخيرا لعرضه في الأيام المقبلة هو خير دليل على ما أقوله». ورأت تاتيانا التي عرفت في مجال المسرح الانتقادي الهزلي وتقديم البرامج إضافة إلى الغناء، أنها تستمتع بمشاهدة الأعمال اللبنانية التي يؤدّي الممثلون فيها أدوارهم بطبيعية، وأن الذين يمثلون دون أي إحساس يلمس المشاهد يستفزونها. وتتساءل بينها وبين نفسها لماذا دخلوا هذا المجال إذا كانوا لا يشعرون بالشغف نحوه». وقالت: «أعتقد أن التمثيل هو كناية عن إحساس مرهف وموهبة متناهية وشغف لا ينتهي لدى صاحبها، وإلا فإنه سيكون ممثلا فاشلا لا يشكّل أي فرق على الساحة الفنية المزدحمة بمواهب كثيرة».
وعن ظاهرة قيام بعض الفنانات باللجوء إلى التمثيل في الآونة الأخيرة أجابت: «أعتقد أن مهنتنا باتت ملاذا لعدد لا يستهان به من الفنانات، وهذا الأمر لا أجده مناقضا لطبيعة عمل الفنان في المجمل. كما أنني أعجبت بالأداء التمثيلي لكل من هيفاء وهبي وميريام فارس في مسلسليهما (كلام على ورق) و(الاتهام)، ووجدت أنهما أبدعتا فيه رغم أنني لم أستطع متابعة جميع الحلقات».
وعن نقطة الضعف التي تلاحظها لدى الممثلات اللبنانيات عامة ردّت قائلة: «إنهن يعطين لشكلهن الخارجي اهتماما يطغى على أدائهن، فهاجسهن الأكبر هو الظهور جميلات دائما رغم أن بعض الأدوار تتطلب منهن الطبيعية والبساطة في الشكل الخارجي».
ورأت تاتيانا مرعب، التي تستعد حاليا لتصوير مسلسل جديد بعنوان «سولو الليل الحزين» من تأليف أنطوان شمعون، وإخراج إيلي برباري، أن أي عمل فني تؤديه ومهما كانت مساحته صغيرة أو كبيرة، فإنها تحاول جاهدة أن لا تفوّته، شرط أن تقتنع به، وأنها من الممثلات اللاتي يأخذن بنصيحة الآخر وتتقبل النقد البنّاء، لأن الإنسان يبقى في حاجة دائمة إلى اكتساب العلم والخبرة في مهنته. وأوضحت: «أحب أن أتعلم دائما أي شيء من شأنه أن يضيف إلى مشواري الفني، حتى إنه ساورتني فكرة العودة إلى صفوف الدراسة في الجامعة، لأقف على المزيد من الثقافة في هذا المجال. فبرأيي، مهما تعلّمنا يبقى ينقصنا الكثير».
واعترفت تاتيانا بأنها استفادت بخبرة كبيرة من الممثلة رندة كعدي، واصفة إياها بالمحترفة، وقالت: «هي ممثلة بكل ما للكلمة من معنى، وآخذ بعين الاعتبار كل انتقاد أو نصيحة توجهها لي. وعندما تشاركنا معا في مسلسل (وجع الروح) انبهرت بأدائها الطبيعي، كما أنني سعدت لشهادتها فيّ بإحدى المرات، عندما قالت إنني ممثلة جيدة، وأن أدائي يلامس المشاهد ويقنعه».
وعن كيفية اختيارها لأدوارها في عدد من المسلسلات التي شاركت فيها، كـ«اميليا» و«وأشرقت الشمس» أجابت: «أي دور يمكنه أن يبيّن موهبتي مهما كان صغيرا، فأنا لا أتردد في الموافقة عليه. وعندما حصد دوري في (اميليا) نجاحا، لمسته من أهل الصحافة ومن الناس معا رغم صغر مساحته، تفاجأت ولكنه استطاع أن يشدّ الناس بتميزه وفكرته الجديدة. والأمر نفسه لمسته في دوري في (وأشرقت الشمس)، الذي اخترته أنا شخصيا بعدما كان قد عرض علي أن العب دور (جلنار) البطلة، ولكني وجدت في دور الشيخة ثريا الذي جسدته تحديا أكبر لي، فاخترته».
وعن رأيها بالحروب الصغيرة الدائرة بين الممثلات حاليا، أجابت: «هذا الموضوع لا يعنيني لا من بعيد ولا من قريب، وأعتقد أنها موجة وتنتهي، ولكنها دون شك جديدة علينا في لبنان».
وأبدت تاتيانا مرعب إعجابها بأداء الممثلة نادين الراسي فقالت إنها تتمتع بأداء طبيعي وتمثيل حقيقي كونها لا تتصنّع، فهي تمثّل كما تتحدث معي أو مع أي شخص آخر، وهنا تكمن قوة الممثل بشكل عام، أي في أن يقنعك بأدائه بانسيابية دون بذل جهد لذلك. ولدى الممثلة اللبنانية رأيها بالشهرة إذ تتساءل قائلة: «وماذا يعني أن نكون مشهورين؟ ولماذا علينا أن نصبح مختلفين عندما تصيبنا؟ فهي فترة وتمر، والقوة التي تزودنا بها يمكن أن نستخدمها أحيانا في مكانها المناسب دون أن تستهلكنا أو العكس، والأهم في الموضوع هو أن نبقي أقدامنا على الأرض، وإلا فإنها تقضي علينا».
وعن طبيعة دورها في «سولو الليل الطويل» الذي يشاركها فيه البطولة الممثل كارلوس عازار قالت: «هو يدور حول فتاة لديها كمّ كبير من عزة النفس والكرامة في شخصيتها، فلا معاناة كبيرة فيه أو دموع غزيرة، بل شجاعة ملحوظة في شخصية تشبهني تماما».
والمعروف أن تاتيانا مرعب تمثّل وتغني كما تعمل حاليا في مجال التقديم التلفزيوني من خلال برنامج التسلية «باك تو سكول». وتعلّق على مواهبها هذه قائلة: «ما زلت بعيدة حاليا عن امتهاني للغناء، فأنا اليوم أركز بشكل أكبر على التمثيل، أما التقديم التلفزيوني فدخلته من باب التنويع في عملي، فهو يشعرني بالراحة وكأنني أحاور ضيوفا في صالون منزلي. ولكنها دون شك تجربة أضافت إلى الخبرة في التحاور مع الآخر، والوقوف بثبات أمام الكاميرا. أما التمثيل الدرامي فأجده ترك بظلاله الكبيرة علي، حتى إنني استفدت منه في عملي على المسرح الانتقادي الهزلي (كوميدي نايت)، فشعرت بصورة غير مباشرة بأنه صقلني فتغيرت حتى وقفتي على خشبة المسرح، وصرت أكثر نضوجا حتى وأنا أؤدي دورا كوميديا».
وعما إذا ستشارك في عمل مسرحي بعيد عن الفكاهي، الذي تزاوله منذ فترة طويلة مع الفنان ماريو باسيل، قالت: «هو مشروع وارد دون شك، ولكني أحب أن أذكر هنا أن مسرح ماريو باسيل ليس مجرد مسرح فكاهي انتقادي، إذ إنك تخرجين منه وأنت مزوّدة برسالة معينة، وهنا تكمن قوة ماريو باسيل في توعية الناس بأسلوبه السهل الممتنع الذي يميّزه عن غيره».
وعن رأيها بالمسلسلات التركية التي غزت الساحة التلفزيونية العربية أخيرا، قالت: «لقد أيقظتنا من الغيبوبة التي كنا غارقين فيها، فدفعتنا إلى أن نعيد حساباتنا من جديد، فكانت السبب في القفزة التي حققناها أخيرا في مجال الدراما اللبنانية».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».