«كلٌّ يمثل نفسه»... اقتراب تفكك «مجلس الفصائل» الإيرانية في العراق

خلافات بشأن الرد على اتفاق الكاظمي ـ بايدن

«كلٌّ يمثل نفسه»... اقتراب تفكك «مجلس الفصائل» الإيرانية في العراق
TT

«كلٌّ يمثل نفسه»... اقتراب تفكك «مجلس الفصائل» الإيرانية في العراق

«كلٌّ يمثل نفسه»... اقتراب تفكك «مجلس الفصائل» الإيرانية في العراق

تعصف خلافات حادة بالفصائل الموالية لإيران في العراق، وبات ما يعرف بـ«المجلس التنسيقي للمقاومة» شبه مفكك، بعد تضارب المواقف من قرار «إنهاء المهام القتالية» للقوات الأميركية، دون إعلان انسحابها. ويحاول قادة فصائل إقناع حلفائهم بإطلاق هجمات «فورية» على القواعد العسكرية في العراق، حيث يوجد الجنود الأميركيون، لكن هذه الجهود تصطدم برغبة لدى الغالبية في الذهاب إلى التهدئة؛ في الأقل الآن.
وعقد «المجلس التنسيقي للمقاومة»، خلال اليومين الماضيين، اجتماعات ضمت قادة أبرز الفصائل، فشلت جميعها في الخروج بموقف موحد من المصالح الأميركية؛ باستهدافها أم الهدنة معها.
و«مجلس المقاومة»، أو «تنسيقية المقاومة»، هيكل تنظيمي شكلته الفصائل قبل شهور لتنظيم العمل السياسي والميداني في العراق وسوريا، يرتبط مباشرة بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويضم «كتائب حزب الله»، و«كتائب سيد الشهداء»، و«عصائب أهل الحق»، و«حركة النجباء»، وفصائل أخرى.
وينظر إلى هذا المجلس بوصفه «سلطة» تسيّر جميع أنشطة فصائل «الحشد الشعبي»، التي تعمل بمعزل عن القائد العام للقوات المسلحة، وغالباً ما تتخذ قرارات استراتيجية مثل استهداف البعثات الدبلوماسية والقواعد العسكرية، فضلاً عن تحريك المئات من المسلحين في الأراضي السورية. وتدور الخلافات بين الفصائل على تفسير قرار «إنهاء المهام القتالية» للأميركيين، فيما إذا كانت واشنطن «تحتال» على بغداد لتبرير بقاء جنودها على الأراضي العراقية.
وقال مصدر قيادي مطلع على تفاصيل الاجتماعات لـ«الشرق الأوسط»، إن «كتائب حزب الله» اعتبرت خلال الاجتماع الأخير أن «الحوار الاستراتيجي لم يحقق انسحاباً كاملاً وفورياً، والحديث عن (إنهاء المهام القتالية) تلاعب بالألفاظ للتغطية على استمرار الوجود الأجنبي في العراق».
ورحبت فصائل بارزة، من بينها «منظمة بدر»، بالاتفاق بين الكاظمي وبايدن علناً، لكنها اقترحت خلال اجتماعات «مجلس المقاومة» العودة إلى التهدئة، مما أثار غضب قادة فصائل حضروا الاجتماع، وأصروا على التصعيد.
وسربت مصادر حضرت 3 اجتماعات، «أجواء الخلافات» وكيف انتهى آخرها بمشادة كلامية بين أمين «حزب الله» المعروف بـ«أبو حسين الحميداوي»، وآخرين دعوا إلى «هدنة» مشروطة بالتأكد من مضمون الاتفاق، وما إذا كان إنهاء المهام القتالية يعني انسحاباً كاملاً نهاية العام الحالي. وأبلغ الحميداوي حلفاءه أن «(حزب الله) سيعمل بشكل منفرد، دون تنسيق مع الآخرين»، وقال قبل أن يغادر الاجتماع: «كلٌّ يمثل نفسه؛ من الآن فصاعداً».
ووفقاً لمصادر عليمة، فإن حركة «عصائب أهل الحق» أكدت خلال الاجتماع أنها «جاهزة للمشاركة في الهجمات الجديدة، في حال نالت إجماع (المجلس التنسيقي للمقاومة)». وبعد ساعات، نشرت منصات رقمية تابعة لـ«حزب الله»، صوراً لطائرات مسيرة مع تعليق «نحن استثناء»، في إشارة إلى رفض التهدئة. وحددت الفصائل، في وقت سابق لحظة اجتماع الكاظمي مع بادين موعداً لإنهاء الهدنة السابقة واستئناف الهجمات، فيما قالت مصادر ميدانية إن لائحة الأهداف أكثر شمولية، لكن «قاعدة الأسد» على رأسها.
في غضون ذلك، تضاربت الأنباء بشأن زيارة خاطفة لقائد «فيلق القدس» الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى بغداد، وفيما تحدثت وسائل إعلام محلية عن حضوره اجتماعاً موسعا مع قادة الفصائل، نفت مصادر عليمة دخوله الأراضي العراقية خلال الأيام الماضية. وفي الشهرين الماضيين، ازداد التشكيك في قدرات قاآني على ضبط سلوك وأنشطة الفصائل الموالية لإيران، نظراً لطبيعته المتحفظة، وقدراته الشخصية المحدودة على إدارة تشكيلات مسلحة متنازعة، كما يقول قادة ميدانيون قابلوا قاآني مرات عدة منذ مطلع العام الحالي. لكن مصدراً سياسياً يرجح لـ«الشرق الأوسط» أن «تتطور الخلافات الأخيرة بين الفصائل إلى تفكك الصلات التنظيمية التي تحتاجها إيران، ولا يبدو أن قاآني هو الشخص المناسب الآن لإعادة تنظيم الأمور». وسيعني عمل الفصائل بشكل منفرد مواجهة حكومة بغداد أنشطة متضاربة وعشوائية في الميدان العراقي، في صيغة تشبه «الذئاب المنفردة»، وهو نسق تنظيمي اعتمدته إيران مرات سابقة بهدف المناورة، لكنه الآن سيكون في غيابها وخارج سيطرتها.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.