السويد تتهم مسؤولاً إيرانياً سابقاً بـ«جرائم حرب» في إعدامات 1988

أحد أعضاء «مجاهدي خلق» يسير بجوار نصب تذكاري تم إنشاؤه تكريماً لضحايا إعدامات 1988 في معسكر «أشرف 3»، في بلدة مانزا الألبانية، يوليو 2021 (أ.ف.ب)
أحد أعضاء «مجاهدي خلق» يسير بجوار نصب تذكاري تم إنشاؤه تكريماً لضحايا إعدامات 1988 في معسكر «أشرف 3»، في بلدة مانزا الألبانية، يوليو 2021 (أ.ف.ب)
TT

السويد تتهم مسؤولاً إيرانياً سابقاً بـ«جرائم حرب» في إعدامات 1988

أحد أعضاء «مجاهدي خلق» يسير بجوار نصب تذكاري تم إنشاؤه تكريماً لضحايا إعدامات 1988 في معسكر «أشرف 3»، في بلدة مانزا الألبانية، يوليو 2021 (أ.ف.ب)
أحد أعضاء «مجاهدي خلق» يسير بجوار نصب تذكاري تم إنشاؤه تكريماً لضحايا إعدامات 1988 في معسكر «أشرف 3»، في بلدة مانزا الألبانية، يوليو 2021 (أ.ف.ب)

قال ممثلو ادعاء في ستوكهولم، أمس، إن مسؤولاً سابقاً في النظام الإيراني، سيُحاكم في السويد فيما يشتبه بأنها جرائم حرب لدوره المفترض في جزء من عمليات إعدام جماعية طالت نحو 5 آلاف معتقل سياسي، وأمر بها المرشد الأول الخميني في صيف العام 1988.
وبحسب القرار الاتهامي، فإن حميد نوري (60 عاماً) الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب المدعي العام في سجن كوهردشت في مدينة كرج الإيرانية، ملاحق لارتكابه «جرائم حرب» و«جرائم قتل»، بموجب الاختصاص العالمي للقضاء السويدي في هذه التهم، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوقف نوري المستهدف حالياً بـ29 شكوى من جانب أطراف مدنية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في مطار ستوكهولم أرلاندا الدولي أثناء زيارته السويد حيث يخضع مذاك للحجز الموقت. وفي قرار اتُخذ في ديسمبر (كانون الأول) ونُشر الثلاثاء، أعطت الحكومة السويدية موافقتها على إحالة نوري على القضاء في هذا الملف الحساس.
تبدأ المحاكمة في 10 أغسطس (آب) في ستوكهولم، ويُفترض أن تنتهي في منتصف أبريل (نيسان) 2022. ومنذ سنوات، تقود منظمات حقوقية غير حكومية، أبرزها منظمة العفو الدولية، حملات لتحقيق العدالة فيما تعتبره إعدامات بدون محاكمة طالت آلاف الإيرانيين، معظمهم من فئة الشباب في أنحاء إيران كافة، في فترة انتهاء الحرب مع العراق (1980 - 1988).
وفي بيان، قال عضو «منظمة مجاهدي خلق»، محمود رؤيايي، وهو أحد الشهود الـ11، إن «نوري أحد المسؤولين عن المجزرة الكارثية، التي يشكل 90 في المائة من ضحاياها أعضاء (مجاهدي خلق) ومناصرين لها».
وتقول «مجاهدي خلق» إن من تقدموا بالشكوى من بين أعضاء ومناصري المنظمة الذين كانوا حينذاك إما في السجون أو فقدوا أقارب لهم.
وبحسب النيابة السويدية، فإن حملة التطهير هذه طالت خصوصاً ناشطين من منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة الذين استهدفوا بأمر إعدام أصدره آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد هجمات نفّذتها الحركة ضد النظام في فترة انتهاء النزاع.
وأكدت المدعية العامة كريستينا ليندهوف كارلسون في القرار الاتهامي، أن «حميد نوري قام بين 30 يوليو (تموز) 1988 و16 أغسطس في سجن كوهردشت في كرج في إيران بصفته نائب المدعي العام (...) بقتل متعمّد لعدد كبير جداً من السجناء المؤيدين أو المنتمين إلى (مجاهدي خلق)».
وأكد أحد وكلاء الدفاع عن المتّهم توماس سودركفيست لوكالة الصحافة الفرنسية أن «موكلنا ينفي أي ادعاء بالتورط في الإعدامات المفترضة عام 1988». ومطلع مايو (أيار)، طالب أكثر من 150 شخصية، بينها حائزون جائزة نوبل، ورؤساء دول وحكومات سابقون، ومسؤولون أمميون سابقون، بإجراء تحقيق دولي بشأن إعدامات العام 1988.
ويقول «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية»، الجناح السياسي لـ«مجاهدي خلق»، إن الإعدامات طالت 30 ألف شخص، لكن لم يتم التحقق من هذا العدد. من جانبها، تشير غالبية المنظمات الحقوقية ومؤرخون، إلى أن العدد كان ما بين 4 إلى 5 آلاف شخص.
وهذه القضية حساسة للغاية في إيران، إذ إن ناشطين يتّهمون مسؤولين حاليين في الحكومة بالتورط فيها.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».