هتافات ضد خامنئي و«سياسته الإقليمية» في احتجاجات وسط طهران

السلطات عزتها لقطع الكهرباء في مركزين تجاريين... ومناوشات وسط أجواء أمنية في الأحواز

إيرانيون يرددون هتافات في مسيرة بشارع جمهوري وسط طهران أمس
إيرانيون يرددون هتافات في مسيرة بشارع جمهوري وسط طهران أمس
TT

هتافات ضد خامنئي و«سياسته الإقليمية» في احتجاجات وسط طهران

إيرانيون يرددون هتافات في مسيرة بشارع جمهوري وسط طهران أمس
إيرانيون يرددون هتافات في مسيرة بشارع جمهوري وسط طهران أمس

ردد إيرانيون في شوارع حيوية وسط طهران هتافات «الموت للمرشد علي خامنئي»، وأخرى منددة بإنفاق النظام الإيراني على الأنشطة الإقليمية، في مرحلة جديدة من تأييد أهالي العاصمة لاحتجاجات اندلعت في الأحواز، المتواصلة منذ بداية الأسبوع الماضي، ضد سياسة تجفيف نهر كارون والكرخة.
وأظهرت مقاطع الفيديو التي أخذت مساحة واسعة من شبكات التواصل الاجتماعي، أمس، نزول المئات من الإيرانيين في شارعي وليعصر وجمهوري، في وسط القلب التجاري والسياسي، بالعاصمة طهران.
دوى هتاف «الموت للديكتاتور» في طهران مرة أخرى إلى جانب هتاف يندد بإنفاق النظام على الأنشطة الإقليمية، خاصة دعم «حزب الله» اللبناني و«حماس»، مثل «لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران»، وهتاف آخر يطالب بتنحي رأس المؤسسة الحاكمة، المرشد علي خامنئي، إضافة إلى خروج رجال الدين من السلطة. ونشرت قناة تليغرام «وحيد أونلاين» التي يتابعها 226 ألفاً، تسجيل فيديو يهتفون بالفارسية «خوزستان - تهران اتحاد اتحاد». كما يلقي هتاف آخر، باللوم على «الجالسين»، في مناشدة للإيرانيين للانضمام إلى حراك الشارع، وطالبوا أيضاً بدعم الشرطة للمحتجين.
وقال ناشطون من طهران إن الحراك امتد على طول شارع جمهوري وصولاً إلى مفترض حافظ. وجاءت الاحتجاجات في سياق تجمعات شهدتها عدة مدن إيرانية، كبيرة وصغيرة، في وقت سابق من هذا الأسبوع، في توسع لاحتجاجات المدن العربية في جنوب غرب البلاد، التي اندلعت قبل أكثر من عشرة أيام، احتجاجاً على الأزمة البيئية في سهل الأحواز الخصب جراء تجفيف نهري الكرخة وكارون.
وتعكس الهتافات، أحدث موجات الاستياء العام، تردد صداها منذ الشهر الماضي، في عدة مناطق من العاصمة، عندما اعتلى الإيرانيون سقف المنازل للتنديد بقطع الكهرباء، قبل أن تنزل أمس إلى شوارع طهران. والهتافات ليست جديدة على المواطن الإيراني، إذ رددها المحتجون في كل مواجهة مع السلطة، منذ اندلاع احتجاجات الحركة الخضراء صيف 2009.
أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن العشرات تجمعوا وسط طهران، احتجاجاً على «انقطاع التيار الكهربائي»، وردد بعضهم هتافات سياسية الطابع، وفق ما أورد التلفزيون الرسمي الإيراني على موقعه الإلكتروني.
وقال مساعد الشؤون الأمنية لحاكم طهران، حميد رضا كودرزي، إن سبب الاحتجاجات «انقطاع الكهرباء». وأفاد التلفزيون الإيراني عن «تجمع محدود» في شارع جمهوري (الجمهورية) وسط العاصمة قبل الظهر، نفذه «عدد من أصحاب المتاجر في مركزي علاء الدين وتشارسو، للاحتجاج على مشاكل ناتجة عن انقطاع الكهرباء». وأضاف: «حاولت مجموعة استغلال الامتعاض وجعل (التجمع) سياسياً»، و«بدأت بترديد شعارات مخالفة للمعايير». وعادة ما تستخدم وسائل الإعلام الإيرانية عبارة «مخالفة للمعايير»، للإشارة إلى الهتافات المنتقدة للسلطات في الجمهورية الإسلامية.
وأشارت الوكالة إلى شريط مصور نشرته وكالة «فارس»، في «تويتر»، يظهر تجمعاً لمن قالت إنهم «نحو 50 شخصاً»، قام بعضهم بترديد «شعارات سياسية». وأظهر الشريط أشخاصاً يمشون في الشارع رافعين أيديهم في الهواء، بينما كان بالقرب منهم عناصر من الشرطة، بعضهم على دراجات نارية. في وقت لاحق أمس، تداولت مقاطع فيديو تظهر حشداً من أهل أصفهان، للمطالبة بحق المياه لنهر «زاينده رود»، الذي يواجه الجفاف، جراء إقامة سدود تنزل المياه إلى محافظتي يزد وكرمان.
وتعود مشروعات نقل مياه وإقامة السدود إلى زمن الرئيس الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي دشنت حكومته مشروعاً لنقل المياه من جبال أصفهان إلى مسقط رأسه في كرمان. واتخذ خليفته الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، السياسة نفسها، عندما عملت حكومته على مشروع ضخم لمد أنابيب المياه إلى يزد، المحافظـة التي يتحدر منها.
وتنوي السلطات القيام بمشروعات نقل مياه من سدود في شمال الأحواز، بهدف توفير المياه لسد «كوه رنك» شرق أصفهان، وهي المنطقة التي تبدأ منها أنابيب نقل المياه إلى محافظتي كرمان ويزد، إضافة إلى أصفهان.
- أجواء أمنية مشددة في الأحواز
وواصلت قوات الأمن حالة التأهب في المدن العربية، جنوب غرب البلاد. ونشرت الشرطة الإيرانية وحدات القوات الخاصة «نوبو» ووحدة «الدعم والمساندة 201»، إضافة إلى كتيبة من القوات الخاصة في محافظة لورستان، لتدعيم القوات الخاصة في المحافظة.
وأعادت السلطات سبب الجفاف إلى انخفاض الأمطار، وتراجع مخزون السدود، لكنّ خبراء البيئة الأحوازيين ونواب المحافظة في البرلمان الإيراني يشيرون بأصابع الاتهام إلى مشروع «بهشت آباد» الذي تنفذه مجموعة «خاتم الأنبياء» التابعة لـ«الحرس الثوري» بتعاون من وزارة الطاقة الإيرانية منذ سنوات، لنقل مياه الأحواز من خلف عشرات السدود التي تقطع مجرى الأنهار في الجانب الغربي من جبال زاغروس، بهدف نقلها إلى الهضبة الإيرانية التي تعاني أغلب مناطقها من الجفاف، بعد نضوب المياه الجوفية.
وبدأت الاحتجاجات في المدن الواقعة في منحدر نهر الكرخة، قبل أن تنتقل إلى محيط نهر كارون. وردد المحتجون هناك هتافات تندد بـ«سياسة التهجير»، مطالبين بوقف مشروعات نقل المياه.
واستخدمت قوات الشرطة القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي والخراطيش والغاز المسيل للدموع. وتشير تقارير محلية إلى سقوط مئات الجرحى خلال الاحتجاجات، أغلبهم يتلقى العلاج في المنازل خشية الاعتقال.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشار قوات الأمن في عدة أحياء بمدينة الأحواز. وقال ناشطون إن السلطات واصلت حملة الاعتقالات، واعتقلت على الأقل 20 شخصاً في حي «العين». وأظهرت مقاطع فيديو، مناوشات بين محتجين وقوات الأمن في مدينة الفلاحية، التي سجلت سقوط أول قتيل، الأسبوع الماضي. وعادت خدمة الإنترنت عبر الهاتف الجوال في بعض المناطق من مدينة الأحواز وبعض المدن.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أول من أمس، إن «يد الأعداء وراء أحداث خوزستان»، وذلك غداة وعود من الحكومة بفتح محدود للسدود. وكان الرئيس الإيراني يعلّق على تقرير نائبه الأول إسحاق جهانغيري لدى عودته من الأحواز.
وحذرت صحيفة «جمهوري إسلامي» المحافظة من تبعات الاستياء العام في إيران. ولفتت إلى أن «العلاج الحقيقي لجرح خوزستان ليس التوصية والرجاء وفتح مياه السدود لعدة أيام، أو نقل المياه بالصهاريج للقرويين أو الزيارات الخاصة للمسؤولين إلى المحافظة والمناطق الجافة فيها». وكتبت عن احتجاجات الأحواز: «لو امتلكنا كل مفاعلات العالم، لن نتمكن من حفظ النظام ما لم يرضَ عنا الناس».
في الأثناء، وقع 55 صحافياً إيرانياً بياناً أدانوا فيه تعطل الإنترنت، متهمين السلطات بالسعي لمنع رواية الناس من الأحداث. وطالب الموقعون بوقف حملة القمع ضد احتجاجات الأحواز، وقالوا في بيان إن «المسؤولين غير الأكفاء، يسلطون سيف الرقابة منذ سنوات على وسائل الإعلام، لمضايقة الصحافيين الإعلاميين المستقلين».
وأعرب الصحافيون عن إدانتهم لـ«قمع صوت الاحتجاجات المحقة لأهل خوزستان، وقمع أصوات وسائل الإعلام التي تحاول نقل رواية صادقة من معاناة ومطالب الناس». ونوه البيان «بعد إسكات وسائل الإعلام، قاموا بتعطيل الإنترنت لمنع روايات الناس عن الأيام المظلمة».



تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.