«داعش» يشن هجوما استباقيا باتجاه رأس العين.. ومقتل العشرات من الطرفين

مسؤول كردي: الانسحاب كان تفاديا للمزيد من الخسائر ولترتيب الصفوف

مقاتلون أجانب التحقوا بوحدات حماية الشعب الكردية يوجهون أسلحتهم نحو مقاتلي «داعش» في رأس العين (رويترز)
مقاتلون أجانب التحقوا بوحدات حماية الشعب الكردية يوجهون أسلحتهم نحو مقاتلي «داعش» في رأس العين (رويترز)
TT

«داعش» يشن هجوما استباقيا باتجاه رأس العين.. ومقتل العشرات من الطرفين

مقاتلون أجانب التحقوا بوحدات حماية الشعب الكردية يوجهون أسلحتهم نحو مقاتلي «داعش» في رأس العين (رويترز)
مقاتلون أجانب التحقوا بوحدات حماية الشعب الكردية يوجهون أسلحتهم نحو مقاتلي «داعش» في رأس العين (رويترز)

نفذ تنظيم داعش هجوما استباقيا واسعا في اتجاه مدينة رأس العين ذات الغالبية الكردية الحدودية مع تركيا في شمال شرقي سوريا، أمس، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة مع وحدات حماية الشعب وأسفر عن مقتل عشرات المقاتلين من الطرفين.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «تنظيم داعش بدأ هجوما واسعا ومباغتا الليلة الماضية في اتجاه مدينة رأس العين في محافظة الحسكة، وتمكن من السيطرة على قرية تل خنزير الواقعة غرب المدينة». وأشار إلى مقتل العشرات من المقاتلين من الطرفين، بينهم 12 مقاتلا على الأقل من وحدات حماية الشعب الكردية.
وأوضح عبد الرحمن أن «القوات الكردية، بعد تقدمها الأخير في كوباني (عين العرب)، كانت بصدد الإعداد لشن هجوم متزامن ينطلق من غرب رأس العين باتجاه مدينة تل أبيض في محافظة الرقة». وقال إن «مقاتلي التنظيم يشنون حاليا هجوما استباقيا على رأس العين».
وقال المسؤول المحلي إدريس نعسان، إن «وحدات حماية الشعب نفذت انسحابا تكتيكيا من قرية تل خنزير تفاديا للمزيد من الخسائر ولإعادة ترتيب صفوفها وتأمين الدعم اللازم لأن وحدات الحماية التي كانت موجودة في هذه النقطة لم تكن مهيأة للرد»، ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «داعش» الذي فشل في هجومه على تل تمر يحاول الاستفادة من أي نقطة ضعف في أي منطقة، ومن هنا جاء هجومها العنيف بقوات كبيرة مدججة بالسلاح والدبابات على تل الخنزير التي تبعد نحو 25 كيلومترا. وذكر مسؤول في مجلس الدفاع الذي يديره الأكراد أنه وقعت اشتباكات عنيفة في منطقة رأس العين وقال إن «القوات الكردية أجبرت على الانسحاب من قرية قريبة». وقال لوكالة «رويترز» «هناك جرحى وقتلى لكن عدد القتلى غير معروف حتى الآن».
وكانت وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها غارات جوية تقودها الولايات المتحدة قد حققت مكاسب كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتمكنت من قطع طريق إمداد مهم من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد في العراق.
وكان التنظيم المتطرف شن قبل أسابيع هجوما على بلدة تل تمر الواقعة جنوب شرقي رأس العين وتمكن في 23 فبراير (شباط) من السيطرة على 11 قرية آشورية في المنطقة وخطف العشرات من سكانها.
وفي حال سيطر التنظيم على تل تمر سيتمكن من فتح طريق إلى الحدود التركية شمالا مرورا برأس العين حيث تدور الاشتباكات اليوم.
وقال المرصد إن «اشتباكات عنيفة مستمرة في منطقتي تل خنزير والمناجير المجاورة في ريف مدينة رأس العين (سري كانيه)»، مشيرا إلى «مشاركة المئات من عناصر التنظيم مدعمين بالدبابات والآليات الثقيلة في الهجوم».
وأوردت إحدى الصفحات الرسمية لوحدات حماية الشعب على موقع «فيسبوك» «أعنف الاشتباكات تدور الآن بين وحدات حماية الشعب وتنظيم داعش الإرهابي»، مضيفة أن «وحداتنا تقدم أروع ملاحم البطولة في وجه المرتزقة». وتعتبر رأس العين ثاني أكبر مدينة ذات غالبية كردية في محافظة الحسكة بعد القامشلي.
وشهدت مدينة رأس العين عام 2013 معارك عنيفة بين المقاتلين الأكراد ومجموعات من الجيش السوري الحر بينها فصائل إسلامية، انسحبت على أثرها الكتائب المقاتلة من المدينة. وفي ديسمبر (كانون الأول)، اشتبك المقاتلون الأكراد مع «داعش» في محيط رأس العين مما تسبب بمقتل 16 عنصرا من التنظيم.
وتجري الحملة الكردية في شمال شرقي سوريا بالتنسيق الجيد مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويسعى لطرد تنظيم داعش من سوريا والعراق.
وظهرت وحدات حماية الشعب الكردية كشريك أساسي للتحالف الدولي ضد الإرهاب على الأرض في سوريا. ونجحت بدعم من مقاتلي البيشمركة التنظيم في استعادة السيطرة على بلدة كوباني السورية الحدودية في يناير (كانون الثاني).
كذلك، وبعد التقدم السريع في مواجهة «داعش» أعلنت وحدات حماية الشعب يوم 27 فبراير (شباط) أنها سيطرت على بلدة تل حميس المهمة استراتيجيا وانتزعتها من «داعش». وكانت المعركة من أجل كوباني أول نموذج تعلن عنه قوات التحالف التي تنسق عسكريا عن قرب مع قوة برية تقاتل التنظيم.
في سياق آخر، قال مسؤولون أتراك أمس، إن تركيا أغلقت معبرين حدوديين مع سوريا كإجراء احترازي مع احتدام القتال حول مدينة حلب في شمال سوريا. وقال مسؤولون في معبري أونجوبينار وجيلفيجوز في إقليم خطاي التركي لـ«رويترز»، إن المعبرين أغلقا في وجه السيارات والأفراد القادمين من سوريا منذ التاسع من مارس (آذار) الحالي. وسمح للسوريين الذين يحملون جوازات سفر بالعبور عائدين إلى سوريا.



الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

في تصعيد جديد للتوترات الصومالية - الإثيوبية، اتهمت حكومة مقديشو، أديس أبابا، بـ«تسليح ميليشيات بشكل غير قانوني»، في منطقة غوبالاند، بهدف «عرقلة استقرار البلاد، وتقويض الأمن، وإثارة الصراع الداخلي».

الاتهامات الجديدة، جاءت عقب إعلان الصومال، على لسان نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة، عبد الرحمن يوسف العدالة، رصد هبوط طائرتين إثيوبيتين، تحملان أسلحة غير قانونية، في مدينة كيسمايو (عاصمة إقليم غوبالاند)، في خطوة عدّها مراقبون صوماليون «إمعاناً من أديس أبابا للتدخل في الشأن الصومالي»، وحلقة جديدة من مسلسل التوترات بين البلدين، الذي أعقب توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع الإقليم الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف بالإقليم دولة مستقلة، وسط رفض الصومال ودول الجامعة العربية.

وأدان الصومال «إدخال» إثيوبيا أسلحة بشكل غير قانوني إلى داخل غوبالاند، وقال نائب وزير الإعلام إن «بلاده رصدت هبوط طائرتين تابعتين للخطوط الجوية الإثيوبية في مدينة كيسمايو، تحملان أسلحة غير قانونية، ونقلت أيضاً أشخاصاً إلى إثيوبيا، بينهم نائب رئيس ولاية غوبالاند السابق محمود سيد آدم، وبعض أنصاره».

وأشار العدالة، في مؤتمر صحافي الاثنين بمقديشو، إلى أن «التصرفات الإثيوبية تدعم الإرهابيين، وتخلق مؤامرات ضد الحكومة الصومالية»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا، منشغلة منذ فترة بالتدخل في أراضي الصومال، وتسليح ميليشيات لعرقلة استقراره»، منوهاً بأن «مقديشو اتخذت إجراءات صارمة لحماية البلاد، وأن كل من يوالي النظام الإثيوبي سيتم تقديمه للعدالة».

وتوترت العلاقة بين قادة ولاية غوبالاند مع الحكومة الفيدرالية بالصومال مؤخراً، على خلفيه عدم اعتراف الحكومة الفيدرالية بالانتخابات الرئاسية التي جرت بالإقليم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي فاز فيها أحمد مدوبي بولاية ثالثة.

ويعتقد نائب وزير الإعلام الصومالي، أن التحركات الإثيوبية، «تتعارض مع المحادثات المرتقبة بين البلدين (مقديشو وأديس أبابا)، بشأن أزمة الاتفاق مع إقليم (أرض الصومال)».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات لم تصل إلى اتفاق. بينما أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي «اعتزامه التوسط مع نظيره الأوغندي، يوري موسيفيني، لحل النزاع بين الصومال وإثيوبيا»، ولم يعلن الطرفان رسمياً التجاوب مع تلك المبادرة.

وتستهدف التحركات الإثيوبية الأخيرة «إشعال النزاعات الداخلية بالصومال، لضرب استقراره»، وفق تقدير رئيس حزب العدالة الصومالي ووزير الإعلام الأسبق، زكريا محمود الحاج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أديس أبابا تواصل تدخلها في الشأن الصومالي، بتسليح القبائل المتاخمة للحدود بين البلدين، وبعض المناطق الداخلية»، عادّاً أن «إثيوبيا لا تريد استقراراً داخلياً بالصومال».

وسبق أن اتهم الصومال، إثيوبيا، بـ«إرسال شحنة غير مرخصة من الأسلحة والذخيرة إلى ولاية بونتلاند»، في خطوة عدّتها «الخارجية» الصومالية في سبتمبر (أيلول) الماضي، «تشكل انتهاكاً لسيادة البلاد».

ويعتقد الحاج أن «وحدة وقوة الدولة الصومالية، ستحبطان مخطط إثيوبيا في إيجاد منفذ بحري لها، عبر الصومال»، مشيراً إلى أن «مقديشو تواجه التحركات الإثيوبية بمساعٍ جادة لدعم الوحدة والسيادة الكاملة على أراضيها»، إلى جانب «تعزيز تحالفاتها مع قوى إقليمية ودولية مثل مصر وتركيا، لدعم قدرات مؤسساتها».

وفي منظور وزير الإعلام الصومالي الأسبق، فإن «الصومال، ليس في حاجة لقوات تحارب معه، وإنما لدعم عسكري ولوجيستي لدعم قدراته العسكرية والأمنية».

ويتوقف خبير الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، مع توقيت التحركات الإثيوبية الأخيرة داخل الصومال، مشيراً إلى أنها «تأتي في وقت مفترض أن تخرج فيه القوات الإثيوبية، المشاركة في بعثة حفظ السلام الأفريقية المنتهية ولايتها بنهاية العام الحالي، من الصومال»، عادّاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «أديس أبابا، تستهدف افتعال مزيد من المشكلات للتأثير على مهمة البعثة الجديدة للاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الداخل الصومالي، والمقررة بداية العام المقبل».

ويرفض الصومال، مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهلت مقديشو، أديس أبابا، حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعدّ وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

ويرجح زهدي «تصعيد النزاع الصومالي - الإثيوبي خلال الشهر الحالي، قبل بدء مهام بعثة حفظ السلام الجديدة»، وقال إن «أديس أبابا تسعى لإثارة التوترات بما يتيح لها السيطرة على الوضع هناك»، ورأى أن «الخلاف بين الطرفين سيتخذ مستويات تصاعدية».