«الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء» محكمة استثنائية «غير فاعلة»

TT

«الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء» محكمة استثنائية «غير فاعلة»

لاقت العريضة التي وقعها عدد من النواب اللبنانيين لإحالة زملائهم، الذين طلب المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار رفع الحصانات عنهم، إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، اعتراضات من نواب معارضين ومن جمعيات معنية بملف المرفأ الذين اعتبروها «محاولة للالتفاف على التحقيق وتمييعه خاصةً أن هذا المجلس غير فاعل ويشكك الكثير من القانونيين بقدرته كمحكمة استثنائية على الانعقاد وإصدار أحكام».
وتأسس هذا المجلس عام 1990 تنفيذاً لما جاء في وثيقة الاتفاق الوطني في «الطائف» لمحاسبة المسؤولين المحميين بالحصانات بموجب مناصبهم، في حال ارتكابهم مخالفات خلال ممارسة مهامهم الدستورية. وتعين أعضاء المجلس الحاليون في جلسة للهيئة العامة لمجلس النواب عام 2020 وهم 7 نواب أصيلون و3 احتياطيون، و8 قضاة أصيلون و3 احتياطيون وتسلم القاضي غسان عويدات النيابة العامة لدى المجلس الأعلى وتم تعيين مساعدين اثنين له.
وفي دراسة مفصلة لرئيس الدائرة القانونية سابقا في وزارة الدفاع الوطني العميد المتقاعد الدكتور بشارة الخوري عن «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء» حصلت عليها «الشرق الأوسط»، خصت المادتان 60 و71 من الدستور، محاكمة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، بالمجلس الأعلى الذي ينظر بجرائم خرق الدستور والخيانة العظمى والإخلال بواجبات الوظيفة، وهي جرائم سياسية وليست جرائم عادية، من دون أن ينفي ذلك أنه ينظر بالجرائم العادية التي يرتكبها رئيس الجمهورية وفق أحكام قانون العقوبات أيضاً، على أن تبقى الجرائم العادية التي يرتكبها رئيس مجلس الوزراء من صلاحية المحاكم العادية، التي تنظر فيها وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتطبق عليها أحكام قانون العقوبات. ويشير الخوري في دراسته إلى أن رئيس مجلس الوزراء والوزراء يحاكمون أمام المجلس الأعلى بعد اتهامهم من مجلس النواب بموجب قرار يصدر عن غالبية الثلثين من مجموع أعضائه، وذلك عن جريمتي الخيانة العظمى والإخلال بالواجبات المترتبة عليهم، لافتا إلى أنه وبما يتعلق برئيس الجمهورية، فقد أقر الدستور اللبناني مسألة عدم مسؤوليته عن مجمل التصرفات والأقوال التي تصدر عنه خلال قيامه بوظيفته، ولكن هذه الحصانة السياسية لا تحول دون ملاحقته جزائياً في حال ارتكابه الجرائم العادية أو الخيانة العظمى أو خرق الدستور. وفي هذه الحالات، يجب صدور قرار الاتهام عن مجلس النواب بغالبية ثلثي مجموع أعضائه، وعندها يتوقف الرئيس عن ممارسة مهماته، وتناط صلاحياته وكالة بمجلس الوزراء ويحاكم أمام المجلس الأعلى، حتى إذا ما صدر حكم بإدانته أعفي من منصبه وانتخب رئيس جديد بدلاً منه.
ويعتبر رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص أن المجلس الأعلى «وجد كأداة بيد مجلس النواب لكبح القضاء عن ملاحقة النواب عندما يجد البرلمان أن هذه الملاحقة لا تصب في مصلحة الأكثرية النيابية، فإما أن يرفض راهنا طلب رفع الحصانة أو يقوم بتمييع الموضوع من خلال إحالة شكلية لهذا المجلس» واصفا المجلس بـ«الهجين والمسخ بتركيبته بحيث إنه يجمع بين قضاة ونواب معا وهذا بحد ذاته يضرب مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية، أضف أنه بحاجة لتوافق سياسي على الاتهام بعيد كل البعد عن القانون والقضاء وهذا الاتهام يجب أن يصدر عن النواب بأكثرية ثلثي عدد أعضاء المجلس النيابي وهو غالبا ما يكون متعذرا». ويوضح مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إدانة المجلس للمتهمين «تتطلب أكثرية موصوفة تربو إلى ١٠ أعضاء من أصل ١٥ عضوا يتألف منهم المجلس»، معتبرا أنه «ثبت أن هذا المجلس غير فاعل ولم يفض إلى أي محاكمة في تاريخه». ومارس المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء صلاحياته مرتين فقط. الأولى كانت في وجه الرئيس أمين الجميل الذي كان يخطط للعودة إلى لبنان خلال عهد الوصاية السورية مطلع التسعينيات، حيث تم التلويح بملاحقة قضائية في صفقة طوافات «ألبوما» الفرنسية التي جرت خلال عهده ودارت حولها شبهات فساد.
وثبت للجنة تحقيق نيابية بعد سنتين (1993 - 1995) أن لا أدلة على تورط الرئيس السابق للجمهورية في عمولة غير قانونية. أما المرة الثانية فكانت مع الوزير السابق للنفط شاهي برصوميان، بتهمة بيع رواسب نفطية لوحق بها أمام القضاء العادي عام 1999 قبل أن يستعيد مجلس النواب الملف ويضعه لديه برسم المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.