طهران تسعى لتهدئة «انتفاضة المياه» بفتح سدود الأحواز

قائد «الحرس الثوري» يعد بزيادة نقل الماء عبر الصهاريج

صور على مواقع التواصل الاجتماعي لاحتجاجات الأحواز
صور على مواقع التواصل الاجتماعي لاحتجاجات الأحواز
TT

طهران تسعى لتهدئة «انتفاضة المياه» بفتح سدود الأحواز

صور على مواقع التواصل الاجتماعي لاحتجاجات الأحواز
صور على مواقع التواصل الاجتماعي لاحتجاجات الأحواز

عشية اليوم العاشر للاحتجاجات الواسعة في المدن العربية في محافظة الأحواز، على أثر أزمة المياه الناجمة عن تحويل مجرى الأنهار وتشييد سدود، ألقى الرئيس حسن روحاني باللوم على درجة الحرارة وتراجع الأمطار، لكنه وعد بفتح السدود لمياه الشرب، في حين طالب بعض العرب الذين التقوا إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس، بأفعال، وليس مجرد أقوال، لمعالجة الأزمة.
وشهدت الليلة التاسعة من انتفاضة الأحواز تجدد الحراك في مدن الخفاجية والأحواز والفلاحية ومعشور، وسط أجواء أمنية مشددة. وشهدت بعض أحياء المدن مواجهات عنيفة بين متظاهرين وقوات الأمن في أحياء من مدينة الأحواز، وميناء معشور، ومدينة الخفاجية، بؤرة الاحتجاجات. وأبلغ ناشطون من الأحواز ذات الأغلبية العربية أن قوات الأمن استخدمت الرصاص الحي والخراطيش والغاز المسيل للدموع لمنع التجمعات، وذلك بعد ساعات من تحذيرات دولية تزامنت مع خطاب للمرشد علي خامنئي رفض فيه «الشكوى» من الاحتجاجات.
وقال ناشطون إن الأجهزة الأمنية تواصل حملة الاعتقالات، وإن «العدد في تزايد على مدار الساعة»، على الرغم من تعهد الأمين العام في المجلس الأعلى للأمن القومي بإطلاق السجناء. وقال ناشط إن السلطات طلبت كفالات مالية مقابل بعض السجناء تصل إلى ملياري ريال.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن أجواء أمنية وبوليسية مشددة فرضت نفسها أمس على مدينة الأحواز، مع وصول قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي. ونقلت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن سلامي قوله إن قواته ستعزز نقل المياه عبر الصهاريج، مضيفاً أن «60 صهريجاً، تبلغ سعة كل منها 30 ألف ليتر، تنقل المياه إلى 87 قرية، واليوم يضاف 40 صهريجاً جديداً، وستتوفر 150 خزان مياه ثابتاً في القرى».
- مدينة تبريز
ونظم العشرات في مدينة تبريز، مركز محافظة أذربيجان الشرقية، وكبريات المدن ذات الأغلبية التركية، مسيرة احتجاجية مع المحتجين العرب. وأظهرت مقاطع فيديو هتافات «أذربيجان - الأحواز... اتحاد اتحاد».
والأسبوع الماضي، قال التلفزيون الإيراني، في تقرير، إن 20 مدينة و700 قرية تواجه «التوتر المائي» في المحافظة الغنية بالنفط المجاورة للعراق. وبحسب المصادر المحلية، فإن القوات الأمنية دفنت، فجر السبت، جثة حمزه فريسات، أحد القتيلين اللذين سقطا بنيران قوات الأمن، دون حضور أسرته وأصدقائه. ولم تقدم السلطات أرقاماً دقيقة عن عدد القتلى والمحتجزين، لكن منظمة العفو الدولية قالت، في بيان أول من أمس، إن 8 على الأقل قتلوا بنيران قوات الأمن.
ودافع الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، في نبرة لا تخلو من تفاخر بسجل حكومته في إدارة المياه، وألقى باللوم على ارتفاع درجات الحرارة في أزمة المياه بالمحافظة الجنوبية التي تصل درجات حرارة الصيف فيها عادة إلى 52 درجة مئوية.
وقال روحاني: «هذه الأيام، نشهد مشكلات معيشية لأهالي خوزستان على صعيد المياه وشدة الحرارة التي تسببت في انخفاض موارد المياه في السدود، وفي المجموع تسبب في مشكلات للناس». وأضاف: «لو كانت الظروف مثل الأعوام السابقة، لما واجهنا مشكلة في خوزستان. إننا نواجه اليوم مشكلة لأننا لا يمكن أن نفتح السدود بالشكل المطلوب»، لكنه عاد وقال: «ليس لأننا لا نريد إطلاق الماء اليوم، ولكن من الممكن أن يواجه الناس مشكلات في النهاية في منتصف سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لأن هناك زراعة الخريف، ونحن نحتاج إلى مياه شرب للناس. المياه التي كان من المفترض أن تصل إلى السدود هذه الأيام انخفضت إلى أدنى مستوياتها خلال 50 عاماً، والمياه التي دخلت للسدود هذا العام أقل من 50 في المائة».
- إسحاق جهانغيري
وكان روحاني قد أوفد نائبه إسحاق جهانغيري في زيارة تفقدية إلى المنطقة المتأزمة. وكان سد الكرخة أول محطة وقف بها جهانغيري، قبل أن يعقد اجتماعات منفصلة مع المسؤولين والناشطين ووجهاء في المدن العربية. وفي اجتماع استضافه مقر لـ«الحرس الثوري»، رفض ممثلون من العرب، بناء على دعوات وجهت من الأجهزة الأمنية، دلائل قدمها جهانغيري لتهدئة الأوضاع. وأظهر تسجيل فيديو نشرته وكالة «فارس» أن أحد الحاضرين يقاطع خطاب جهانغيري، قائلاً: «تعبنا من معالجة الأمور بالكلام، نريد أفعالاً». وقال أحدهم: «قطعتم المياه على الناس فانتفضوا وحدثت صدامات، السيد جهانغيري يريد الضحك على ذقوننا».
وقال جهانغيري: «توجيه الانتقادات حقكم، نحن المسؤولون لدينا نواقص بسبب التواصل تارة، وبعض السياسات الخاطئة تارة». وأضاف: «هذا سيئ للغاية أن يقول شخص مثلي أنفق حياته من أجل التنمية إن برامجنا التنموية قد فشلت. فالتنمية التي لا تنال رضى الناس ليست تنمية؛ سيكون لها معنى عندما لا تؤدي إلى تمييز وعدم مساواة وظلم».
وفي اجتماع حضره مسؤولون، وقاطعه نواب، رفض جهانغيري الانتقادات لعملية تشييد السدود، قائلاً: «لولا السدود في عام 2019، لما تبقى شيء من خوزستان؛ 8 آلاف متر مكعب تراكمت خلف سد الذر (فوق نهر الدز) في 24 ساعة».
وانتقد جهانغيري زراعة الأرز التقليدية التي تنتشر في فصل الصيف منذ زمن طويل. وتعرف المنطقة بجودته، على الرغم من عدم قدرة المزارعين على إطلاق حملات تسويقية، على غرار الأرز الذي في المناطق الشمالية.
- درجات الحرارة
وعن مدى تأثير درجات الحرارة على انخفاض المياه، قال خبير في شؤون البيئة من الأحواز لـ«الشرق الأوسط»، طلب عدم الإفصاح عن هويته، إن «الأنهار الدائمة كانت تشهد على مر الزمان جفافاً، وتراجع منسوب المياه يؤدي إلى تكوين جزر حرارية في السهول وخلايا حرارية عالية الضغط يتبعها ارتفاع حاد في المنطقة».
وقال الخبير إن كلام روحاني عن أسباب الأزمة «غير علمي، وهو يفتقر إلى الأدلة والمستندات العملية، لأن مياه الكرخة تتدفق من مناطق باردة في جبال زاغروس»، موضحاً أن الجبال التي تفصل وسط إيران عن غربها تنقسم إلى 3 مناطق: زاغروس باردة ومعتدلة، وزاغروس نصف معتدلة، وزاغروس جافة.
وقال الخبير إن روافد الكرخة تتكون من مياه باردة جراء ذوبان الثلوج في الجبال والعيون المتجمدة، مشدداً على أنه «لا يمكن القول إن ارتفاع درجات الحرارة أدت إلى تبخر المياه لأن الروافد في أعماق الجبال لا تتأثر بأشعة الشمس».
- نهر الكرخة
وشدد جهانغيري، من جوار سد الكرخة، في تصريح للتلفزيون، على ضرورة إدارة مخزون سد الكرخة من أجل رفع حاجات مياه الشرب، خاصة المزارعين، في فصل الخريف. ويرى الخبراء أن إثارة انخفاض الأمطار «قضية فرعية يراد منها تلميع الواقع المأساوي». وقال مصدر مسؤول في منظمة المياه والكهرباء لـ«الشرق الأوسط» إن «المسؤولين يشيرون إلى سد الكرخة في تصريحاتهم، ولا يتطرقون للسدود أعلى نهر الكرخة. ويقول المسؤولون إن لدينا 3.5 مليار متر مكعب من المياه في سد الكرخة، لكن هناك 2.5 مليار مكعب في سد سيمرة، ولدينا نصف مليار متر مكعب في سد بالارود، ويصل مجموعها إلى 6.5 مليار متر مكعب».
وأكد المسؤول أن الأراضي الزراعية الواقعة في دلتا نهر الكرخة، وهور العظيم الحدودي مع العراق، بحاجة إلى 550 مليون متر مكعب من المياه، وهي كمية يمكن توفيرها ببساطة من مخزون المياه خلف السد. ومن جهة أخرى، أشار المصدر إلى أن المسؤولين «يدعون أن مليار متر مكعب من المياه فقدت بسبب التبخير؛ هذا الكلام غير منطقي لأنه بدل السماح بتبخر المياه يجب عليهم إطلاقها».



شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)

طلب الجيش الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين أنهوا مهمتهم في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، الامتناع عن القيام بذلك، في حين أصدرت الأوامر لـ8 على الأقل بالعودة من الخارج؛ خشية من الاعتقالات، بعد إصدار الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وكانت المحكمة الدولية أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتَي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه في ظل تقديرات في الجيش بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم أيضاً ضد كبار الضباط في الجيش، وحتى ضد الجنود النظاميين والاحتياط الذين قاتلوا في قطاع غزة، بدأ الجيش في صياغة «تقييم المخاطر» لكل جندي يقدم استمارة طلب مغادرة البلاد، مع التركيز على المقاتلين والقادة الذين عملوا في غزة. وطلب الجيش من الجنود إزالة أي وثائق متعلقة بنشاطهم في غزة، وعدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أثناء تواجدهم في غزة، أو التي تشير إلى تواجدهم في الخارج. وقد تم تعيين عشرات المحامين في الخارج لمواجهة «قوائم سوداء» للضباط والجنود.

وتشنّ إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وقد قتلت نحو 50 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 100 ألف وخلَّفت دماراً واسعاً حوَّل الحياة إلى غير ممكنة في القطاع الساحلي الصغير.

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فقد حدد الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى وتم اتخاذ إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، وتم تحذيرهم لتجنب القيام بذلك بسبب الخوف من الاعتقال أو الاستجواب في البلد الذي يريدون زيارته، فيما قيل لثمانية منهم على الأقل، بما في ذلك المقاتلون الذين انطلقوا بالفعل في رحلة إلى الخارج، إلى قبرص وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا ذلك البلد على الفور بسبب المخاطر. وكان ضباط وجنود وثَّقوا عمليات تفجير واعتقال وتحقيق في قطاع غزة، ونشروها بصورة أثارت انتقادات وجدلاً واسعاً، وأدت إلى إعداد منظمات كثيرة «قوائم سوداء» لهم. وأكدت «يديعوت» أنه تم الطلب من الضباط والجنود الدائمين والاحتياطيين الذي عملوا في غزة منذ بداية القتال، وحتى مؤخراً، الامتناع عن نشر صور وفيديوهات لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة؛ حتى لا يتم استخدامها ضدهم دليلاً في تحقيق جنائي متعلق بارتكاب جرائم حرب.

وتم مؤخراً شحذ هذه السياسة في ضوء ردة الفعل العالمية العنيفة ضد إسرائيل. وقالت «يديعوت أحرنوت» إن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا، لكن منتشرة في شبكة من الممثلين في جميع أنحاء العالم. وهي تراقب، بالإضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود منشوراتهم كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصاً عن إجازتهم في بلجيكا، أو زيارتهم إلى فرنسا، أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند، على سبيل المثال. وفي تلك اللحظة سيتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية، أو التماس شخصي ضدهم إلى المحكمة في ذلك البلد؛ وذلك للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم ذلك البلد. ولهذا السبب؛ نصح الجيش الجنود الذين يبلغون عن سفرهم إلى الخارج بتجنب نشر مواقعهم في العالم؛ حتى لا يصبحوا فريسة سهلة من شأنها أن تعرّضهم للخطر من جانبين: القانون الجنائي وبالطبع الأمن الشخصي أيضاً وتحذيرات ومناشدات.

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

ومنذ إصدار أوامر باعتقال نتنياهو وغالانت، ثمة مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يطال ذلك قادة الجيش وجنوده. وتخشى إسرائيل حتى من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وتدور المخاوف بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

ويقدّر مكتب المدعي العام العسكري في إسرائيل أن المدعي العام في لاهاي، كريم خان، يمكن أن يتعامل مع مذكرات اعتقال لهاليفي وقادة كبار ولن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار؛ لأنهم نفّذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة. وتخشى إسرائيل من أن الوضع الحالي قد يصبح متفجراً بالفعل إذا توقف القتال في غزة وفتحت الطريق أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. واستعداداً لمرحلة كهذه؛ تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، وتمت الاستعانة بخدمات قانونية من محامين في عشرات دول العالم.

وشارك في الفريق الإسرائيلي ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام).