انتخاب «اتحاد نسائي» لتعزيز قدرات المرأة الليبية

بهدف تشجيعها على الانضمام للأحزاب والنقابات

جانب من عملية انتخاب الاتحاد النسائي الليبي العام (المفوضية العليا للانتخابات)
جانب من عملية انتخاب الاتحاد النسائي الليبي العام (المفوضية العليا للانتخابات)
TT

انتخاب «اتحاد نسائي» لتعزيز قدرات المرأة الليبية

جانب من عملية انتخاب الاتحاد النسائي الليبي العام (المفوضية العليا للانتخابات)
جانب من عملية انتخاب الاتحاد النسائي الليبي العام (المفوضية العليا للانتخابات)

استباقاً للاستحقاق المرتقب قبل نهاية العام الجاري، جرت عملية انتخاب الاتحاد النسائي الليبي العام، بهدف تعزيز دور المرأة ودمجها في العمل السياسي في مقبل الأيام، بشكل أكثر احترافية، بعيداً عن الشكل النمطي الذي وجدت نفسها فيه خلال السنوات العشر الماضية. وقالت فتحية البخبخي، رئيسة للاتحاد العام النسائي، التي فازت برئاسته عبر عملية اقتراع شاركت فيها ممثلات عن المدن الليبية كافة، إن استراتيجية الاتحاد ستتوزع ما بين تقديم الدعم الممكن لتعزيز مشاركة وتمكين المرأة سياسياً، في ظل اقتراب موعد الانتخابات العامة. بالإضافة إلى المساهمة قدر الإمكان في حل القضايا ذات الأولوية للأسرة والمجتمع الليبي.
وأضافت البخبخي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «وضعنا خطوطاً عامة تتعلق بالتوعية الانتخابية، تضمن امتداد عملنا لجميع الأنحاء الليبية، بحيث لا يبدو الأمر كأنه حملات وحلقات اجتماعية تستهدف النخبة النسائية بالمدن الكبرى فقط... ونحن نريد أوسع مشاركة للنساء كمترشحات وناخبات، خصوصاً شريحة الشباب التي أظهرت دراسات سابقة عزوفها عن المشاركة».
واعتبرت البخبخي، وهي مستشارة تربوية متقاعدة ورئيسة سابقة لاتحاد النساء في طرابلس، أن تمكين المرأة سياسياً «لا يتحقق فقط في وجودها تحت قبة البرلمان أو بمنحها بضع حقائب وزراية بعينها، مثل وزارتي شؤون المرأة، والشؤون الاجتماعية»، وتابعت موضحة: «نحن نتواصل مع الأحزاب والنقابات والاتحادات والمنظمات المحلية كي نشجع النساء على الانضمام إليها، باعتبارها الخطوة الأولى لبناء فكرهن، وتعودهن على الممارسة السياسية والديمقراطية».
وبخصوص خطة عمل الاتحاد، أوضحت البخبخي: «نحن لا نستهدف تكرار نموذج النائبة، التي انطلقت مباشرة من منزلها إلى البرلمان، والتي تكتفي برفع يدها عند عملية التصويت بالموافقة أو الرفض، دون طرح أي أفكار أو استجوابات، أو طرح مشاريع قوانين بسبب عدم امتلاكها بالأساس أي خبرة سياسية»، مستدركة: «لكن هذا الوصف لا ينطبق على كثير من النائبات الحاليات، اللاتي نفخر بأدائهن، كما نفخر أيضاً بتولي السيدة نجلاء المنقوش حقيبة الخارجية، باعتبارها وزارة سيادية، وإن كان عدد النساء بالمناصب السيادية هو أقل من المأمول، خصوصاً مع ارتفاع نسبتهن بالمجتمع لما يقرب من 60 في المائة».
وتترأس المرأة الليبية في الحكومة الحالية خمس وزارات، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد. لكن البخبخي اعتبرت أن تعزيز دور المرأة سياسياً سيقود حتماً إلى تحصين مكتسباتها الحقوقية، وقالت بهذا الخصوص إن القوانين الليبية التي تتعلق بالمرأة «ليست ظالمة، لكن هناك ظلماً يقع عليها من التعنت في تطبيق هذه القوانين، وهذا الأمر سيكون أيضاً محور أولوياتنا بالاتحاد».
وطالبت رئيسة «الاتحاد» بإعادة النظر في منح الجنسية لأبناء المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي، خصوصاً مع اتساع الظاهرة؛ شريطة أن يكون الحل متوافقاً مع المصلحة الوطنية للبلاد، محذرة من أن التعامل مع هؤلاء الأبناء «بدونية وتهميش قد يحولهم إلى قنابل موقوتة».
وفيما يتعلق بمشروع قانون مكافحة العنف ضد المرأة، الذي تبناه مؤخراً قضاة ومحامون ونشطاء حقوقيون، بدعم من البعثة الأممية لدى ليبيا، والذي يُجرّم جميع أشكال العنف، بما في ذلك العنف الإلكتروني وخطاب الكراهية عبر الإنترنت، قالت البخبخي: «لم نطلع على المشروع، لكننا نؤيد أي خطوة تهدف لتعزيز حقوق المرأة».
أما النانا الكوافي، النائبة الأولى لرئيسة الاتحاد النسائي وممثلة الجنوب به، فقالت إن من بين أهداف «الاتحاد» التواصل مع المسؤولين في الدولة للنقاش حول بعض القضايا الشائكة، مثل قضية عدم امتلاك بعض المواطنين من أبناء المكونات الثقافية الليبية أوراقاً ثبوتية. وأضافت الكوافي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الانتخابات المقبلة «تعني واقعاً أفضل نأمل أن يسهم في حل مشاكلنا هنا في مدن الجنوب الليبي، مثل ارتفاع نسبة البطالة بدرجة كبيرة، خصوصاً بين الشباب، وأعلى منها بين النساء، وما يرتبط بذلك من ارتفاع في نسبة العنوسة، بالإضافة إلى رغبة الجميع في النزوح لشرق أو غرب ليبيا، أملاً في حياة أفضل في ظل تهميش الجنوب تعليمياً وصحياً».
وأشارت الكوافي، الحاصلة على ماجستير مهني في إدارة الأعمال، إلى أن الانتخابات وتوحيد المؤسسة العسكرية «قد يضمن أيضاً معالجة أهم مشاكل الجنوب، المتمثلة في اختراق عناصر جماعات المعارضة المسلحة من دول الجوار الأفريقي لبعض جيوب الحدود الجنوبية، ثم تسلل بعضهم إلى المدن الليبية، مع انتشار عصابات السرقة والخطف، ما يزعج المواطنين، ويتسبب ذلك في مغادرة الخبرات الأجنبية للمنطقة». بدورها، تحدثت سمر عبد المالك، النائبة الثانية للاتحاد وممثلته بالشرق الليبي، عن نجاح الاتحاد النسائي في التشكل بعيداً عن كل التجاذبات السياسية الراهنة، «وهو ما يؤهله لتحقيق نتائج إيجابية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في التوعية وتعزيز المشاركة السياسية للمرأة قبل وبعد الانتخابات».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.