بعد أن كانت منطقة «جرف الصخر» شمال محافظة بابل (110 كم جنوب بغداد) واحدة من أبرز نقاط الخلاف بين الشيعة والسنة، إثر تهجير أهلها قبل 6 سنوات بعد احتلال تنظيم «داعش» نحو ثلث أراضي العراق عام 2014، تكاد أن تتحول إلى خلاف، لكن هذه المرة بين السنة أنفسهم. فعلى أثر إعلان زعيم «المشروع العربي» خميس الخنجر، قبل نحو شهر أنه حصل على وعد من القيادات الشيعية البارزة لإعادة النازحين والمهجرين من ناحية جرف الصخر إلى ديارهم، فقد ارتفعت وتيرة النقاشات حول حقيقة هذه الدعوة، في وقت لم يتمكن أحد من تحريك هذه القضية بسبب هيمنة الفصائل المسلحة، لا سيما «كتائب حزب الله» على تلك المنطقة. الخنجر وقبيل أيام من حلول عيد الأضحى المبارك أعلن أنه سوف يؤدي صلاة العيد مع النازحين في جرف الصخر.
ومع أن أيام العيد مرت دون تحقيق مثل هذا الوعد، فقد كال خصوم الخنجر من المعسكر السني الثاني الذي يمثله زعيم «حزب تقدم» ورئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، العديد من الاتهامات للخنجر، سواء بكونه حليفاً للقيادات الشيعية ومقرباً من المعسكر الإيراني، وإن ما كان قد وعد به لم يتحقق، لكن المفاجأة التي بدت غير متوقعة دخول مجموعة من القيادات السنية، وعبر تسجيل تلفزيوني، حي منطقة جرف الصخر تمهيداً لإعادة النازحين فيها. الأمر بدا مفاجئاً تماماً بالقياس إلى كل المحاولات التي بذلها القادة السنة طوال السنوات الماضية من أجل إعادة أهلها النازحين، وغالبيتهم من العرب السنة، بعد استيلاء فصائل مسلحة عليها، فقد فشلت تلك المحاولات حتى مع دخول رؤساء الوزراء المعنيين على الخط، وهم حيدر العبادي وعادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي. أما المحاولات المضادة من قبل الفصائل المسلحة وطبقاً لاتهامات القيادات السنية، ومن بينها ما صدر عن النائب عن «حزب تقدم» ظافر العاني في البرلمان العربي قبل شهور بشأن هيمنة تلك الفصائل على القرار السياسي في تلك المناطق فقد تعدت تهجير أهالي تلك الناحية بدعوى انتماء أعداد منهم لتنظيم «داعش» إلى تغيير اسم الناحية من جرف الصخر إلى «جرف النصر»، بعد أن تم تحريرها عام 2015 من تنظيم «داعش». وبالنسبة للقوى السياسية الشيعية، فإن جرف الصخر تمثل خطورة استثنائية كونها قريبة من المحافظات التي تحتوي مراقد شيعية مقدسة، لا سيما في محافظتي كربلاء والنجف.
ويضاف إلى ملف نازحي جرف الصخر ملف المغيبين في منطقتي الرزازة والثرثار، الذين يبلغ عددهم أكثر من 12 ألف مغيب من أبناء المناطق الغربية ذات الغالبية السنية، والذين تتهم الفصائل المسلحة الموالية لإيران باختطافهم وسجنهم أو تغييبهم في جرف الصخر. ومن بين المخاوف التي عبرت عنها كل القيادات السنية أن عدم إرجاع نازحي جرف الصخر برغم تحرير مناطقهم قبل 6 سنوات يعود إلى وجود مساع لإحداث تغيير ديموغرافي فيها. لكن يبدو أن ملف جرف الصخر الذي كان أحد أسباب وحدة الموقف السني بالقياس إلى قضايا خلافية بينهم، فقد نجحت القيادات الشيعية المسؤولة عن هذا الملف في تحويله إلى ملف خلافي، لكن هذه المرة بين السنة أنفسهم.
التلاسن الحاد بين أبرز زعيمين سنيين في الواجهة حالياً، وهما محمد الحلبوسي زعيم «حزب تقدم» ورئيس البرلمان، وخميس الخنجر زعيم «المشروع العربي»، يكشف عمق الهوة بين الجانبين عشية دخولهما الانتخابات المقبلة التي باتت على كف عفريت بعد انسحاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قبل نحو 10 أيام، وإعلان «الحزب الشيوعي العراقي» انسحابه من خوض سباق الانتخابات أمس السبت. فكلا الرجلين تبادلا رسائل نصية بينهما على أحد تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي بدت هي الأشد قسوة بين زعيمين سياسيين، لا سيما أنها تناولت أموراً شخصية. فطبقاً لما تم تداوله، فإن الحلبوسي كتب في رسالته للخنجر: «حاولت مراراً وتكراراً أن أغلب المصلحة الوطنية وقضية أهلنا السنة عن الخلافات وصغائر الأمور التي لا تجدي نفعاً، وحاولت أن أصدقك أكثر من مرة وأغض النظر عن نباح كلابك ومغامراتك بأهلنا عسى ولعل أن ينصلح حالك». وأضاف الحلبوسي: «قررت ولست متردداً أن أتصدى لك ومؤامراتك الرخيصة، ولن أسمح لك ببيع ما لا تملك، وتأكد بأنك لو ملكت مال قارون ستبقى تابعاً ذليلاً صغيراً، وسأعيدك بإذن الله إلى حجمك الذي تستحقه». من جهته فقد رد الخنجر قائلاً: «لست بحجمك ووزنك حتى أستخدم نفس الألفاظ، لكني أعدك أنني سأبقى مدافعاً عن حقوق أهلي التي ضيعتها خوفاً على منصبك الذي أورثك ذلاً يسمح لك بالتطاول على شركائك في المكون فقط! بينما لم نسمع لك إلا الخنوع والتصفيق أمام الآخرين»، مضيفاً: «أرجو أن تتذكر دائماً أنني أنا الذي أوصلك إلى مكانك الزائل، وأنا بقوة الله من سيعيدك إلى حجمك الصغير».
خلاف سني ـ سني حول «جرف الصخر»
تلاسن حاد بين الحلبوسي والخنجر حول النازحين والمغيبين
خلاف سني ـ سني حول «جرف الصخر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة