الدولة العبرية تعود لعضوية مراقب في أفريقيا

بعد غياب 19 عاماً وتحسن في العلاقات

TT

الدولة العبرية تعود لعضوية مراقب في أفريقيا

بعد غياب عن مؤسسات الاتحاد الأفريقي دام نحو 19 سنة، عادت إسرائيل إلى موقعها كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي. وبحسب بيان وزارة الخارجية، فإن سفير إسرائيل في أديس أبابا، وهو دبلوماسي إثيوبي الأصل، ألين أدماسو، قدّم أوراق اعتماده إلى رئاسة الاتحاد.
وكانت إسرائيل عضواً مراقباً في منظمة الوحدة الأفريقية ومن ثم في الاتحاد الأفريقي حتى سنة 2002، حيث تم طردها بسبب سياستها اجتياح المناطق الفلسطينية إبان الانتفاضة الثانية. ومنذ عشر سنوات، بدأت جهوداً للعودة من جديد وفشلت بذلك مرتين، رد خلالهما طلبها. ولكن رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، عاد ليركز جهوده لهذا الغرض في السنوات الست الأخيرة، وأعلن أنه يعطي لهذا الموضوع الأولوية. وأكد في حينه أن «الاتحاد الأفريقي هو أكبر وأهم منظمة في القارة الأفريقية، وأعضاءه جميع دول القارة الأفريقية». وقال إنه «إلى جانب البحث عن أسواق جديدة للزراعة الإسرائيلية والتكنولوجيا الفائقة والخبرة الأمنية، فإنه حريص على تحقيق مكاسب سياسية، بحيث تغير الدول الأفريقية شكل تصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن واليونيسكو، بشأن المسائل المتعلقة بإسرائيل».
وفي يوليو (تموز) 2016، أصبح نتنياهو أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور القارة منذ عقود، وكان ذلك من خلال جولة زار خلالها أربع دول في شرق أفريقيا: أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا. وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام، استضافت إسرائيل سبعة وزراء والعديد من كبار المسؤولين الآخرين من 12 دولة من غرب أفريقيا في مؤتمر زراعي في إسرائيل، الذي رعته بشكل مشترك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والوكالة الإسرائيلية للتعاون الإنمائي الدولي في وزارة الخارجية الإسرائيلية «مشوف». وفي يونيو (حزيران) 2017، حضر نتنياهو المؤتمر السنوي لـ«إيكواس»، وهي منظمة تضم 15 دولة يبلغ عدد سكانها مجتمعة نحو 320 مليون نسمة. ثم تمت دعوة نتنياهو لحضور الدورة العادية الحادية والخمسين لهيئة رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء في المنظمة في مونروفيا، عاصمة ليبيريا. وقد صرّح نتنياهو، وهو في طريقه إلى ذلك المؤتمر بأن «إسرائيل تعود إلى أفريقيا بقوة».
لكن القفزة الحقيقية في العلاقات بين إسرائيل وأفريقيا، حصلت عند توقيع اتفاقيات إبراهيم. فقد جددت إسرائيل علاقاتها الدبلوماسية مع كل من تشاد وغينيا، ثم أعلن السودان انضمامه إلى اتفاقات إبراهيم، وفيما بعد باشر تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ومن مجموع 55 دولة في الاتحاد الأفريقي، أصبحت إسرائيل تقيم علاقات مع 46 دولة. وفي الشهرين الأخيرين تعاظمت جهود وزارة الخارجية الإسرائيلية، بقيادة الوزير السابق غابي أشكنازي، وتابعها وزير الخارجية الجديد، يائير لبيد، الذي أرسل نائبة المدير العام للوزارة، عليزا بن نون، المسؤولة عن ملف أفريقيا، إلى أديس أبابا فالتقت سفراء 30 دولة من أعضائه وطلبت منهم تأييد قبول إسرائيل كعضو مراقب.
وقال لبيد، أمس، في بيان خاص بهذه المناسبة: «هذا يوم عيد للعلاقات الإسرائيلية – الأفريقية، ويسجل كإنجاز دبلوماسي محترم لوزارة الخارجية والسفارات الإسرائيلية في القارة. وهو خطوة تصحيحية للحالة الشاذة التي سادت ما يقرب من عقدين ونعتبرها جزءاً مهماً من تعزيز نسيج العلاقات الخارجية لإسرائيل، وهذا سيساعدنا على تعزيز أنشطتنا تجاه القارة والدول الأعضاء في المنظمة». وقالت وزارة الخارجية، في بيان آخر، إن «هذا التطور سيسمح بتحسين التعاون في مكافحة جائحة (كوفيد – 19) ومكافحة الإرهاب».



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.