الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لاستئناف مفاوضات «سد النهضة»

TT

الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لاستئناف مفاوضات «سد النهضة»

جدد الاتحاد الأوروبي دعوته لاستئناف مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي. وشدد على «ضرورة التوصل لاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا وفق إطار زمني». في حين أكدت «الخارجية الروسية» أن «روسيا تتخذ موقفاً متساوياً بشأن خلافات (السد)». وتجمدت المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، منذ أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن فشلت في التوصل إلى اتفاق حول آلية ملء وتشغيل «السد»، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، الأمر الذي دعا مصر والسودان لعرض النزاع على مجلس الأمن الدولي أخيراً بانتظار البت فيه. وفي منتصف الشهر الحالي رحبت مصر بالرفض الأوروبي لإعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني لـ«السد» دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب. وطالبت القاهرة بوضع خريطة طريق للتوصل إلى اتفاق عادل وملزم في إطار زمني محدد. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري حينها، إن «الاتحاد الأوروبي مُستعد للعب (دور أكبر) في مفاوضات (السد)»؛ لكنه رهن الأمر بمصير المسار الأفريقي. ويرعى الاتحاد الأفريقي المفاوضات، منذ أكثر من عام، بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأبدى الاتحاد الأوروبي أسفه لإعلان إثيوبيا الملء الثاني لـ(السد) دون التوصل إلى اتفاق مسبق مع مصر والسودان. وقالت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية، نبيلة ماسارلي، إن «(الإجراءات أحادية الجانب) من قبل أي طرف، لا تساعد في إيجاد حل من خلال المفاوضات»، مشددة على أن «هناك حاجة ماسة لخريطة طريق واضحة متفق عليها بشكل مشترك تفضي لاتفاق في نهاية المطاف، وتحدد الإطار الزمني والأهداف المحددة للمفاوضات لاستئناف المحادثات في أقرب وقت ممكن». وأضافت ماسارلي بحسب ما أوردته بوابة «أخبار اليوم» الرسمية في مصر، مساء أول من أمس، أن «الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لكل الأطراف لاستئناف المفاوضات، كما أن الاتحاد الأوروبي من خلال عمله الوثيق مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبصفته مراقبا، على أتم الاستعداد لمواصلة دعم المحادثات التي يقودها الاتحاد الأفريقي، والتي تحتاج إلى تكثيف، موضحة أن «الاتحاد الأوروبي مستعد للعب (دور أكثر فاعلية) شريطة أن يكون ذلك برغبة جميع الأطراف، ونحن مستعدون لإفادة الجميع من تجربتنا الثرية في إدارة المياه المشتركة». وذكرت أنه «بالإرادة السياسية ودعم المجتمع الدولي، يمكن أن تفضي تلك الأزمة إلى نتيجة باتفاق جميع الأطراف، ويمكن أن تتحول إلى فرصة لكثير من الناس، حيث سوف يستفيد أكثر من 250 مليون مواطن في حوض النيل من اتفاقية بشأن (السد) والتي من شأنها استشراف المستقبل وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية في مجالات الطاقة والأمن الغذائي والمائي». وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق «قانوني» ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لتوليد الطاقة الكهربائية، لكن لم يتم التوصل لاتفاق. وأعلنت الحكومة الإثيوبية، الاثنين الماضي، اكتمال مرحلة الملء الثاني للسد، بداعي توليد الكهرباء، في خطوة أثارت غضب مصر والسودان. وقالت إثيوبيا أول من أمس، إن «الملء الثاني تم بطريقة لم تلحق أي ضرر بدولتي المصب، مصر والسودان». وتؤكد القاهرة «تمسكها الثابت بحقوقها التاريخية من مياه النيل وبالحفاظ علي الأمن المائي لمصر حالياً ومستقبلاً». من جانبها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن «روسيا تتخذ موقفاً متساوياً بشأن الخلافات بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأن (السد)». وبحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد ذكرت زاخاروفا في تصريحات صحافية مساء أول من أمس، أن «روسيا اتخذت في 8 يوليو (تموز) الحالي، موقفاً متساوياً فيما يتعلق بالخلافات بين الدول الثلاث بشأن ملء وتشغيل مجمع الطاقة الكهرومائية»، مشددة على أن «روسيا ترى ضرورة ملحة لمواصلة المشاورات بين الأطراف بعد المرحلة الثانية لملء خزان (السد)، بما في ذلك مراعاة الاستعداد الذي أعرب عنه الجانب الإثيوبي لمثل هذه المشاورات». وبحسب زاخاروفا «فقد دعت روسيا جميع الأطراف إلى اتخاذ (نهج مسؤول) تجاه مشكلة تسوية الخلاف على المياه»، معربة عن «أملها في تحقيق نتيجة سريعة تعود بالنفع المتبادل بروح أهم مبدأ (المشاكل أفريقية - الحلول أفريقية)».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».