حفل افتتاح بسيط لأولمبياد طوكيو... ومسيرة للرياضيين في استاد فارغ

غياب الشخصيات رفيعة المستوى... ولافتات احتجاجية تحمل شعار «الأرواح فوق الأولمبياد» في الخارج

الألعاب النارية تضيء استاد طوكيو الأولمبي (أ.ف.ب)
الألعاب النارية تضيء استاد طوكيو الأولمبي (أ.ف.ب)
TT
20

حفل افتتاح بسيط لأولمبياد طوكيو... ومسيرة للرياضيين في استاد فارغ

الألعاب النارية تضيء استاد طوكيو الأولمبي (أ.ف.ب)
الألعاب النارية تضيء استاد طوكيو الأولمبي (أ.ف.ب)

انطلق أولمبياد طوكيو بحفل افتتاح استثنائي، أمس الجمعة، إذ أضاءت الألعاب النارية الاستاد الخالي من الجماهير مع الوقوف دقيقة صمت حداداً على ضحايا «كوفيد - 19»، مع إشارة إلى التقاليد اليابانية ممثلة في حلقات أولمبية خشبية تتعلق بألعاب 1964 في طوكيو. واتسم الحفل بالبساطة ودخلت مسيرة الرياضيين الاستاد بابتسامات خلف الكمامات، وسمح لرجل وسيدة بحمل الأعلام سوياً لأول مرة. وبعد تأجيلها لمدة عام، اضطر المنظمون إلى اتخاذ خطوة لا سابق لها بإقامة الألعاب بدون جماهير، حيث يستمر الوباء في حصد الأرواح في جميع أنحاء العالم. وحضر أقل من 1000 شخص حفل الافتتاح الذي عادة ما يكون عرضاً مليئاً بنجوم الرياضة، ويعج بالمشاهير، وفرضت إجراءات صارمة للتباعد الاجتماعي، ورفعت لافتات تطالب الجماهير «بالتحلي بالهدوء حول الاستاد».
لكن جاء الحفل ليمثل تجمع العالم لأول مرة منذ بداية الجائحة، وانطلاقة أكبر حدث رياضي عالمي مع توقع جمهور يصل إلى مئات الملايين عبر شاشات التلفزيون. وسارت أعداد صغيرة، تقريباً 20 من كل دولة، في مسيرة الفرق وغادرت سريعاً لتجنب العدوى. وسارت معظم المجموعات بهدوء مع التلويح بالأعلام، لكن الوفد الأرجنتيني كان صاخباً، وقفز أفراده بحماس أثناء العرض.
ولخص الفيديو الافتتاحي في الحفل مسار طوكيو إلى الألعاب والتحديات التي واجهها العالم منذ اختيار العاصمة اليابانية لاستضافة الحدث في 2013. وأظهر الفيديو في 2020 كيف ضربت جائحة فيروس كورونا العالم، وتسببت إجراءات العزل العام في قرار لا سابق له بتأجيل الأولمبياد قبل أربعة أشهر فقط من حفل الافتتاح، والتقلبات والغموض في استعدادات الرياضيين في العزل.
واستغل البعض هذه المناسبة للإدلاء ببيانات حول المساواة والعدالة، وقامت العديد من الدول بمنح الفرصة لرجل وامرأة لحمل العلم في حفل الافتتاح بعد تغيير المنظمين اللوائح للسماح باثنين من الرياضيين بحمل العلم. وخصصت دقيقة صمت حداداً على «العائلات والأصدقاء» من ضحايا «كوفيد - 19»، وعلى الرياضيين الإسرائيليين الأولمبيين الذين قتلوا في ألعاب 1972 في ميونيخ الألمانية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها الإشارة للحادث في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية.
وكانت اليابان تأمل أن تسير الألعاب الحالية على نهج أولمبياد طوكيو 1964، التي كانت بمثابة عودة للبلاد إلى المسرح العالمي بعد هزيمتها المدمرة في الحرب العالمية الثانية، لكنها كانت تحاول هذه المرة إظهار تعافيها من زلزال وموجات مد عاتية (تسونامي) وأزمة نووية تعرضت لها في 2011.
ودخل إمبراطور اليابان ناروهيتو، وتوماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الاستاد، وانحنى كل منهما للآخر، مع ارتداء قناع الوجه قبل الجلوس مع الحفاظ على مسافة التباعد. وأقيم الحفل بدون تصميم للرقصات الجماعية المعتادة والدعائم الضخمة ووفرة الراقصين والممثلين والأضواء المرتبطة بالاحتفالات الماضية. وحضر 15 من قادة العالم فقط إلى جانب إمبراطور اليابان ناروهيتو، الذي افتتح الألعاب رسمياً كما فعل جده هيروهيتو في 1964، كما حضرت جيل بايدن زوجة الرئيس الأميركي.
واتسم الحفل بغياب الشخصيات رفيعة المستوى، بما في ذلك شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني السابق، الذي لعب دوراً أساسياً في الفوز بتنظيم الألعاب. كما سيبقى عدد من كبار الرعاة والقادة الاقتصاديين بعيداً، مما يسلط الضوء على المعارضة القوية للحدث في اليابان المنهكة من فيروس كورونا. ورفع مئات المحتجين لافتات تحمل شعار «الأرواح فوق الأولمبياد» حول الاستاد، وصاح البعض «أوقفوا الأولمبياد». وحصل ثلث اليابانيين فقط على جرعة واحدة من لقاح فيروس كورونا، مما أثار مخاوف من أن تساهم الألعاب في تفشي الفيروس. وتم الإعلان عن إصابة أكثر من 100 شخص بالفعل من المشاركين في الأولمبياد بفيروس كورونا.
وتعرضت الألعاب الأولمبية لسلسلة من الفضائح في وقت سابق من هذا العام، بما في ذلك استقالة الرئيس السابق للجنة المنظمة وكذلك رئيسها الإبداعي، بسبب تعليقات مهينة بشأن السيدات. والخميس أقيل مخرج حفل الافتتاح بسبب النكات التي أطلقها سابقاً حول المحارق النازية (الهولوكوست)، بينما أُجبر مؤلف موسيقى حفل الافتتاح على الاستقالة بعد ظهور تقارير إعلامية قديمة عن تنمره على زملائه المعاقين. وتستمر الألعاب حتى الثامن من أغسطس (آب) المقبل. ومن المتوقع أن يتنافس نحو 11 ألف رياضي من 204 لجان أولمبية وطنية، إلى جانب فريق اللاجئين الذي يشارك تحت العلم الأولمبي.
وشارك فريق قرغيزستان في مسيرة الرياضيين بدون ارتداء كمامات في حفل الافتتاح على عكس كل الفرق التي التزمت بارتداء أقنعة الوجه وفقاً لبروتوكولات «كوفيد – 19»، وارتدى فرد واحد من وفد قرغيزستان كمامة، بينما استغنى عنها بقية أفراد الوفد الصغير ومنهما حاملا العلم. كما لم يغط معظم أفراد وفد طاجيكستان وجوههم أثناء المسيرة، واختار حاملا علم باكستان أيضاً عدم وضع كمامة. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من منظمي أولمبياد طوكيو 2020.



من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT
20

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.