ليبيا في انتظار المجهول

بين الانتخابات أو التلويح بالحرب

ليبيا في انتظار المجهول
TT

ليبيا في انتظار المجهول

ليبيا في انتظار المجهول

«جميع من تحاورت معهم أكدوا التزامهم بإجراء الانتخابات في موعدها، لكن أخشى أن العديد منهم ليسوا مستعدين للمضي قُدماً في ترجمة أقوالهم إلى أفعال»، بهذه الكلمات دق المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش، ناقوس الخطر بشأن الوضع في ليبيا، خلال جلسة وزارية بمجلس الأمن، قبل أسبوع تقريباً، مشيرا إلى عمق الأزمة الليبية. فجميع الاتفاقات التي علق الليبيون والعالم عليها آمالهم في وضع حد لحالة الفوضى والصراع التي تشهدها البلاد منذ عقد من الزمان، تواجه عقبات وتحديات التنفيذ، مما ينذر بعودة البلاد إلى المربع صفر، ويدفع ليبيا إلى مستقبل مجهول، يهيمن عليه شبح الحرب.
والجدير بالذكر، أن العالم علّق آمالاً كبيرة بشأن عودة الاستقرار في ليبيا في أعقاب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020، تبعه تشكيل حكومة وحدة وطنية في مارس (آذار) الماضي، ومن ثم كان من المفترض أن تكون ليبيا قد خطت أولى خطواتها نحو الاستقرار السياسي.
تقول كلوديا جازيني، كبير محللي الشأن الليبي في «مجموعة الأزمات» الدولية، في تقرير أصدرته «المجموعة» بعنوان «ليبيا تقلب الصفحة»، إنه «بعد 6 سنوات خاضت خلالها حكومتان متنافستان حرباً متقطعة، بات لدى ليبيا اليوم سلطة تنفيذية موحّدة. إذ في 10 مارس (آذار) الماضي، أقرّ البرلمان حكومة وحدة وطنية يرأسها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، تسلّمت مهامها في طرابلس، وهو ما يعد إنجازاً تاريخياً، كونه يحضر الأرضية لإعادة توحيد المؤسسات السياسية والعسكرية التي كانت منقسمة حتى الآن، وخاضت معارك ضد بعضها بعضاً منذ عام 2014».
وتشير جازيني في حلقة نقاشية نظمتها «المجموعة» في بداية يونيو (حزيران) الماضي لعرض التقرير، إلى أن «عام 2020 انتهى مخلفاً دولة مقسّمة، بعد ست سنوات من الصراع بين قوات قائد (الجيش الوطني) خليفة حفتر، المدعومة من الاتحاد الأوروبي ومصر وروسيا، وبين الحكومة الليبية المدعومة من تركيا بقيادة فايز السراج. واستطاعت الجهود الدولية، من ثم، تحريك صراع مجمّد كان يمكن أن يستمر لسنوات، ووضعت حدا له، ولقد ساعد تغيير الإدارة الأميركية على تحريك الأمور».
لكن هذا الأمل لم يستمر طويلا، فالطريق نحو إتمام العملية السياسية ليس مفروشاً بالورود، وهو ما عكسته جلسة مجلس الأمن في منتصف يوليو (تموز) الجاري، التي كانت فرصة لتحريك المياه الراكدة في العملية السياسية الليبية، ومحاولة لاستعادة الأمل في تحقيق استقرار سياسي في البلاد. وفعلاً «عكس البيان الختامي للاجتماع تنامي التهديدات الأمنية على الساحة الليبية، وأهمها: استمرار الانقسام العسكري، وتواصل توريد الأسلحة للبلاد عبر دول الجوار، إضافة إلى تدفق الجماعات المسلحة، وتزايد خطر التنظيمات الإرهابية.
كذلك كشف البيان عن أن الليبيين لم يُحرزوا أي تقدم فيما يتعلق باستحقاقات العملية السياسية، التي تواجه عراقيل في ثلاثة ملفات مهمة هي: المصالحة الوطنية، والقاعدة الدستورية وقانون الانتخابات، والموازنة المالية والأموال المجمدة»، بحسب الدكتور أحمد عليبة، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في مقال نشره على موقع المركز في 17 يوليو الجاري بعنوان «العد التنازلي للمرحلة الانتقالية: عراقيل سياسية ومهددات أمنية في ليبيا».
- القاعدة الدستورية
يُعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرُر يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، التحدي الأهم الذي يواجه حكومة الدبيبة. ورغم تأكيد الجميع أن موعد الانتخابات غير قابل للتأجيل، بما في ذلك بيان مجلس الأمن الأخير، فإنه لم تُتخذ حتى الآن خطوات واضحة لإتمام هذه الانتخابات، إذ ما زال ثمة خلاف حول: «هل يجرى الاستفتاء على مسودة الدستور التي أقرتها الهيئة التأسيسية عام 2017 أولا، أم توضع قاعدة دستورية تنظم بموجبها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وبعد ذلك ينظم الاستفتاء على الدستور؟».
هذا الوضع يضع البلاد أمام «سيناريوهين»، وفقا لدورية «كرّاسات استراتيجية» الصادرة عن مركز الأهرام في 18 يوليو الجاري. السيناريو الأول يتحدث عن إمكانية توافق أطراف اللعبة السياسية الليبية على عرض الدستور على الاستفتاء الشعبي، قبل الانتخابات. والسيناريو الثاني يتحدث عن الاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية التي اقترحتها اللجنة القانونية المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي الليبي» خلال اجتماعها في تونس خلال أبريل (نيسان) 2021 ويصار إلى تأجيل الاستفتاء على الدستور إلى ما بعد تشكيل السلطة التشريعية الجديدة المنتخبة.
«لا توجد إجابة صحيحة وأخرى خاطئة في هذا الجدل، فلكل حل مزايا وعيوب» وفقا لجازيني التي توضح أن «الاستفتاء على مسودة يمكن أن يساعد في تسوية النزاعات المستمرة منذ عدة سنوات بشأن الإطار الدستوري للحوكمة، لكنه قد يؤجل الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة. أما خيار القاعدة الدستورية، فإنه يوفّر وقتاً، لكن المشكلة تكمُن في انقسام الليبيين حول نوعية النظام السياسي الذي يريدونه... أهو رئاسي أم برلماني، وما إذا كانت مسودة الدستور تنص على النظام الرئاسي».
وتؤكد جازيني على «ضرورة أن تعمل حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي على التوصل لاتفاق حول هذه النقطة باعتبارها واحدة من العقبات التي تواجه تحقيق الاستقرار في البلاد». وتشير إلى أن «الدبيبة الذي يدعم إجراء الانتخابات في موعدها علنا، يقول في الجلسات الخاصة إنه يريد البقاء في السلطة لسنتين. كذلك يعبّر معظم البرلمانيين عن دعمهم للانتخابات، لكنهم في مجالسهم الخاصة يبدون رغبتهم بتأجيلها، لأن ذلك يسمح لهم بالتمسك بمناصبهم، وهو ما ينذر بأزمة سياسية». وهنا لا ترجح جازيني «التوصل إلى توافق بالنظر إلى مدى الانقسام الذي لا يزال يثيره ترتيب العمليات الدستورية والانتخابية».
وحقاً، يرى مراقبون أن الجدل بشأن الدستور أولاً أم القاعدة الدستورية، مرتبط بتحقيق مصالح سياسية أو رغبة في البقاء في السلطة، وصياغة قواعد تدعم مرشح بعينه في الانتخابات الرئاسية. ويقول عليبة إن «تعارض المصالح هو السبب الجوهري في تعقد المشهد الراهن. فالأطراف المعنية بصياغة قواعد العملية السياسية، عبر البرلمان أو المجلس الأعلى للدولة، أو المشاركين في منحها صك المشروعية عبر الملتقى السياسي، هم أنفسهم مرشحون أو ممثلون للقوى التي ستترشح في الانتخابات المقبلة، وبالتالي يسعى كل طرف إلى هندسة المُخرجات لصالحه».
ومع أن جميع الأطراف الليبية تحث على تجاوز حالة الانسداد السياسي، يستحيل استبعاد دور القوى الدولية في عرقلة المشهد، حيث نرى سباقاً بين كل الأطراف الدولية المنخرطة في ليبيا على «هندسة» المشهد المستقبلي بما يخدم مصالحها، بحسب عليبة، الذي يوضح أن «موسكو متحمّسة لترشيح سيف الإسلام القذافي، في حال تمكنت من رفع القيود عنه، بينما سيكون خيارها المفضل المشير خليفة حفتر إذا ما ترشح للرئاسة... ولا تدعم واشنطن هذا التوجه، بينما تراهن تركيا على تنظيم الإخوان المسلمين».
من جانبها، علقت الدكتورة أماني الطويل على مستقبل ليبيا وتقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه «عطفاً على الاجتماعات السابقة التي فشلت في الوصول إلى اتفاقات، فإنه يصعب التفاؤل بحدوث استقرار سياسي في ليبيا». وتضيف «لا يمكن إجراء الانتخابات الليبية في موعدها وسط الوضع الحالي، لأن البيئة السياسية المحيطة بالانتخابات لا تؤسس لاستقرار سياسي... وهي إن أجريت لن تؤسس لاستقرار سياسي لأنها لم تُجرَ على أسس صحيحة».
وبعيدا عن هذا الطرح، يرى باتريك كوراث، نائب الرئيس التنفيذي لـ«منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، في مقال نشره نهاية يونيو الماضي بمجلة «فورين بوليسي»، أن «ليبيا تحتاج إلى شخصية قادرة على توحيدها قبيل الانتخابات. ومن المفيد وضع النظام الملكي الدستوري في الاعتبار، إذ إن بناء حل ديمقراطي فعّال لليبيين ليس مهمة سهلة بعد سنوات من الصراع الدموي في أعقاب الإطاحة بالنظام السابق». ويرى «ضرورة إيجاد آلية سياسية ومؤسساتية يمكنها تشجيع المجتمع على الاتحاد وإعادة بناء الاقتصاد».
- شبح الحرب
الأمر لا يتعلّق فقط بتنظيم الانتخابات بل أيضا بقبول نتائجها، إذ يخشى مراقبون من تكرار سيناريو عام 2014، والانقلاب على نتائج الانتخابات. وتنذر الإحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس بمخاوف في هذا السياق، مع استمرار الاشتباكات بين الميليشيات. ويعد اقتحام مقر «المجلس الرئاسي» في فندق كورنثيا، خلال مايو (أيار) الماضي، للمطالبة بإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، مثالاً على ما يمكن أن يحدث في حال لم ترض الميليشيات عن نتائج الانتخابات. ويومها، اقتحمت الميليشيات الفندق اعتراضا على تصريحات للمنقوش طالبت فيها بإخراج المرتزقة الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا، ما يعني أن أي إجراء ضد مصالح هذه الميليشيات ينذر بحرب.
وتوجد اليوم في ليبيا أكثر من 300 مجموعة مسلحة، تتبع جماعات إسلامية وعرقية وجهوية، أو حتى شخصيات قيادية في طرابلس بحسب تقديرات غير رسمية. وهذه الجماعات مستعدة للانقلاب على نتائج الانتخابات كما حدث من قبل عام 2014، عقب خسارة تيار «الإخوان» للانتخابات.
من ناحية ثانية، قد يوفر الوضع السياسي الحالي في ليبيا فرصة لتعزيز وقف إطلاق النار، «لكنها مجرد نافذة قد تغلق مرة أخرى، وتعود البلاد مرة أخرى إلى دائرة العنف»، بحسب فولفغانغ بوستاي في تقرير نشره «المجلس الأطلسي» في يونيو الماضي، ووصف اتفاق إطلاق النار بأنه «اتفاق هش، وفرصة ضائعة».
- الميزانية
نقطة أخرى مثيرة للجدل في الملف الليبي، وهو الخلاف حول الميزانية، التي أجلت مناقشتها إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك، بسبب تعذّر اكتمال النصاب القانوني في جلسة عقدت لهذا الغرض منتصف يوليو الجاري. ولتاريخه عجز البرلمان الليبي عن اعتماد الميزانية التي قدمتها الحكومة يوم 20 مارس الماضي، رغم عقد 7 جلسات لهذا الغرض.
الخلاف حول الميزانية وصل إلى مجلس الأمن، وقال كوبيش، في كلمته خلال اجتماع مجلس الأمن، إن «الخلافات حول الميزانية، والملفات الأخرى، هي الثغرة التي يسعى المعرقلون إلى العبور من خلالها، وإفشال المسار السياسي، الذي ينتهي بانتخابات عامة نهاية العام».
- «المرتزقة» واستقرار ليبيا
مجلس الأمن طالب أيضا جميع الدول الأعضاء بالامتثال لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011، والعمل على مساعدة السلطات الليبية في إخراج المرتزقة وسحب المقاتلين الأجانب من البلاد، وهو المطلب الذي تكرر أكثر من مرة لكنه لم ينفذ حتى الآن. إذ دعت الأمم المتحدة مراراً لإنهاء الوجود الأجنبي في ليبيا، كما تضمن اتفاق وقف إطلاق النار الصادر في أكتوبر 2020 إشارة إلى ضرورة انسحاب المرتزقة من ليبيا خلال ثلاثة شهور، ولكن روسيا وتركيا اللتين - كما يبدو - تسعيان إلى تعميق وجودهما غرب طرابلس، مع احتمال التوسع في مصراتة، تجاهلتا هذا التاريخ. وحقاً، ذكر فريق من خبراء الأمم المتحدة اجتمع في مارس الماضي أنه لا توجد مؤشرات من مجموعة «فاغنر» الروسية المسلحة على الانسحاب.
وفي نهاية أبريل عقد اجتماع غير رسمي في مجلس الأمن بدعوى من تونس وكينيا ونيجيريا لمناقشة عودة 20 ألف جندي مرتزقة في ليبيا إلى بلادهم، وأشار عدد من أعضاء المجلس إلى أن «بعض أعضاء المجلس والجالسين في الغرفة يحركون هذه المشكلة»، وفق الدكتورة عالية براهيمي، الخبيرة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في تقرير نشره «المجلس الأطلسي» في مايو الماضي. وتقول براهيمي إنه «لو وضع حد للجنود المرتزقة في ليبيا سريعاً فإن مستقبل مواطنيها سيظل مرهونا بقوات سياسية وعسكرية خارجية، وهو ما سيكون له تداعياته على مستقبل العلاقات الدولية».
وأما أماني الطويل فتعتبر انسحاب المرتزقة «الشرط الأهم لاستقرار ليبيا». وتتابع أن «الإخفاق في الوصول إلى اتفاق هو انعكاس لتدخلات إقليمية ودولية في ليبيا... وما لم ينسحب الجميع من ليبيا، وخاصة تركيا التي يفرض وجودها ردود فعل من الدول الأخرى، لا يمكن أن تتقدم ليبيا».
أخيراً، رغم تأثير دور المرتزقة هناك، فهناك دور آخر للتدخلات الأجنبية لا يمكن إغفاله وهو القواعد الأجنبية في ليبيا. هذه القواعد أغفلها مجلس الأمن في اجتماعه الأخير رغم إشاراته الواضحة لتصاعد دور المرتزقة والجماعات المسلحة من خارج ليبيا، وهو ما يشير إلى «سياسة انتقائية» تفاديا للخوض في هذا الملف، فمن المؤكد أن إثارته كانت ستعرقل تمرير البيان الختامي، عبر الفيتو الروسي، خاصة أن «الولايات المتحدة لا تثير حالة الوجود العسكري التركي في ليبيا، إلا في سياق الإشارة إلى وجود روسي يتمثل في مجموعات فاغنر»، بحسب عليبة.
-- الأحداث في ليبيا... تسلسل زمني
- 15 فبراير (شباط) عام 2011: اندلعت شرارة الثورة في مدينة بنغازي، تأثرا بما يعرف بـ«الربيع العربي»، ومن ثم انتشرت المظاهرات ضد نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عموم ليبيا.
- 19 مارس 2011: شن «تحالف دولي» بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجوماً جوياً على مقار قوات القذافي، بعد «ضوء أخضر» من الأمم المتحدة، وفي أعقاب ذلك انتقلت قيادة العملية إلى «حلف شمال الأطلسي» (ناتو).
- 20 أكتوبر 2011: قتل القذافي قرب مسقط رأسه في سرت. وبعد ثلاثة أيام أعلن «المجلس الوطني الانتقالي»، الذي شكل كبديل للنظام، تحرير البلاد.
- يوليو 2012: انتخاب «المؤتمر الوطني العام» (البرلمان)، وتسلمه سلطاته بعد شهر من «المجلس الوطني الانتقالي».
- سبتمبر (أيلول) 2012: تعرّض السفارة الأميركية لهجوم تسبب بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز.
- أكتوبر 2012: تشكيل حكومة برئاسة علي زيدان.
- أبريل 2013: هجوم على السفارة الفرنسية تسبب في إصابة حارسين فرنسيين، وبعده أغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
- مارس 2014: حجب الثقة عن الحكومة.
- مايو 2014: أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء «عملية الكرامة» ضد جماعات إسلامية مسلحة، وشكل «الجيش الوطني الليبي» الذي ضم ضباطا من المنطقة الشرقية.
- يونيو 2014: انتخاب برلمان جديد، جاءت غالبيته من المعارضين للجماعات الإسلامية التي قاطعت الانتخابات، واندلاع اشتباكات في البلاد.
- نهاية أغسطس (آب) 2014: سيطر ائتلاف «فجر ليبيا» الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء «المؤتمر الوطني العام»، وهو البرلمان المنتهية ولايته. وتشكيل حكومة، ليصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان، واحدة في الشرق والأخرى في الغرب.
- ديسمبر 2015: وقّع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون «اتفاق الصخيرات» في المغرب، برعاية الأمم المتحدة، بعد شهور من المفاوضات. وإعلان تشكيل «حكومة الوفاق الوطني»، التي رفضها برلمان الشرق المدعوم من حفتر.
- مارس 2016: انتقل فايز السراج رئيس «حكومة الوفاق الوطني» إلى طرابلس، واتخذها مقرا لحكمه، لتبدأ محاولات المجتمع الدولي تسوية الصراع بينها وبين «حكومة» حفتر في الشرق عبر ما يعرف بـ«اجتماعات باريس» (عقدت عامي 2017 و2018)، لكنها أخفقت بالتوصل إلى تسوية سياسية.
- في مطلع 2019: غزت قوات حفتر الجنوب بدعم من القبائل المحلية، وسيطرت على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد، وتقدمت باتجاه طرابلس. وهناك واجهت مقاومة عنيفة من قوات «حكومة الوفاق».
- 19 يناير (كانون الثاني) 2020: استضافت برلين برعاية الأمم المتحدة «مؤتمر برلين 1» حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
- يونيو 2020: تصاعد حدة العمليات والمعارك المسلحة بين الشرق والغرب، ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتهديد بالتدخل إذا تجاوزت قوات «حكومة الوفاق» سرت، التي اعتبرتها مصر «خطا أحمر».
- 23 أكتوبر 2020: توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أعقاب مباحثات بمدينة جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، بعد تسعة شهور من المفاوضات. والاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي، وحكومة موحّدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة حصلت على ثقة البرلمان في مارس 2021 بهدف قيادة البلاد في «مرحلة انتقالية» حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 24 ديسمبر 2021.
- 23 يونيو 2021: عقد مؤتمر «برلين 2»، بهدف التحضير للانتخابات واستكمال العملية السياسية.
- 15 يوليو 2021: اجتماع مجلس الأمن لبحث الأزمة الليبية والمساعدة في الوصول إلى حل بشأن القضايا الخلافية التي تعرقل استكمال المسار السياسي.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.